صوت مميز بين أصوات الموسيقى المستقلة التى ظهرت خلال الخمسة عشر عاما الماضية.. شيرين عبده.. التى تخرجت فى قسم الإعلام بجامعة عين شمس عام 2006 ولم تكن رؤيتها الفنية قد تبلورت بعد، كانت مبهورة بالمشهد الموسيقى الغنى الذى بدأ فى مسارح القاهرة المستقلة.. الحفلات والجمهور المنفتح على كل التجارب الموسيقية. وجدت شيرين نفسها دون تخطيط جزءا من هذا المشهد بموهبة وصوت استطاع التلون بين المدح والفلكلور، والروك والميتال وتعاونت مع قامات فنية مثل الفنان فتحى سلامة، والمطرب والملحن اللبنانى زياد رحبانى، والشيخ زين، وشاركت فى ورشة الفنان حسن الجريتلى. استفادت شيرين من هذه التجارب الفريدة، «أعتبر نفسى محظوظة بالعمل مع هذه القامات، فعلمنى العظيم فتحى سلامة كيف أرى الموسيقى كعملية إنتاج فنى بشكل متكامل، وأهتم بكل المراحل تأليفا وتلحينا وتوزيعا وغناء، أما زياد رحبانى، فالإضافة للاسم الفنى الكبير، وشخصيته الفريدة، تعلمت فى تجربتى معه كيف يمكن أن تصنع موسيقى ل 65 فردا وينفذونها بدقة، بالطبع هذه التجارب، طورتنى على المستويين الشخصى والفنى، وكانت خلال فترة التجهيز للمشروع الصولو الأول لى تقول شيرين. عرفت شيرين فى هذه المرحلة بأغانى التراث التى استطاعت تأديتها بشكل جديد وجاذب أبرزها «بتغنى لمين يا حمام» و«على ورق الفل دلعنى»، و«لا والنبى يا عبده»، وبعض أغانى سيد درويش «أهو دا اللى صار» و«مربعات ابن عروس»، بعدها اتجهت لإنتاج أغنيات منفصلة بكلمات وألحان جديدة، مثل «بكرة» و«سحابة صيف» و«آخر ليلة فى ديسمبر» التى تطورت لتصبح اللبنة الأولى لمشروعها المنفرد الأول. أنتجت شيرين مشروعين موسيقيين حتى الآن أولهما بالعربية، شاركت فيه كمطربة وملحنة، استثمرت فيه بعض أغانى الفلكلور لكن فى قالب مودرن، وألحان تباينت بين الهارد روك، والفالس والجناوة المغربى، والبوسانوفا. وتقول شيرين: «فى البدء كان الخط العام لمشروعى أبعد ما يكون عن الجاز، ويقترب أكثر إلى الروك والفلكلور المصرى، لكن مع الوقت بدأت هذه الفواصل تذوب، وأشعر أن الجاز موجود فى الخلفية، وأدركت أن الموسيقى لا تصنف، وأنك كفنان تكون بوتقة تنصهر فيها كل معارفك وأذواقك، لتفاجئك، فأنا مثلا لم أتوقع أن يكون أول تراك أقوم بتلحينه يكون هارد روك!». • JAZZY ME المتابع لمشروع شيرين يجدها باستمرار تحاول الهرب من التصنيف السهل، الذى يرتاح له قطاع كبير من الجمهور كصوت شرقى طربى، وربما كان أحد أبواب الهرب هو المشروع الثانى لشيرين الذى تغنيه باللغة الإنجليزية ويضم أغانى جاز الخمسينيات باسم JAZZY ME تقول: «هذا المشروع أغنى فيه الأغانى التى أحبها وتربيت عليها، صحيح أن جمهوره محدود، لكن هذه طبيعة موسيقى الجاز هى ذوق خاص بأقلية». تؤمن شيرين أن التجريب جزء أصيل من الموسيقى، وتقول: «لا يجب أن يرتاح الفنان لتصنيف ولحن أحبه الناس، يجب أن يذهب بعيدا لاكتشاف أشكال مختلفة داخل التراك الموسيقى الواحد حتى يجد صوته أقرب للكمال، الناس طوال الوقت تميل للتصنيف، وترتاح لوضعك داخل قالب، ومع ذلك هم أول من يبحثون عن الاختلاف والتميز».. وتتابع: «صحيح أنا لا أصنع موسيقى لهذا الهدف وحده، لكن أقصد أن الكف عن التجريب ومفاجأة المستمع هو موت موسيقى». مازالت المشروعات الموسيقية المستقلة تعانى عقبات كثيرة أبرزها من وجهة نظر شيرين قلة التمويل، وضعف التجهيزات للحفلات نفسها - باستثناء مسارح قليلة باهظة الثمن - لكن أكثرها إحباطا «هو عدم وجود ثقافة الوكيل الفنى agent بشكل محترف أو حتى مؤسسات إدارة للمشروعات الفنية، وينجم عن غياب هذه النقطة أزمة اختلاط الأدوار، وبالتالى التخبط، ناهيك عن استسهال فكرة المحسوبية، فالمنح القليلة التى تأتى للمشروعات المستقلة صارت تتقاسمها (شلل) بعينها بين الأصحاب، يتبادلون الأدوار محكمين ومتسابقين كل عام». وأخيرا الأزمة الاقتصادية التى حاصرت المشهد الموسيقى كله من جديد، وجعلت الجمهور المحب للحفلات لا يميل للنزول لاكتشاف صوت جديد كما كان الوضع من قبل. •