بالصور.. محافظ أسيوط يجلس على "ديسك" مع طالبات في مدرسة المطيعة الثانوية المشتركة    الدولار يتراجع بعد حزمة تحفيز اقتصادي في الصين    استقرار أسعار اللحوم الحمراء اليوم الإثنين في الأسواق    السكة الحديد: السماح للطلبة حاملي اشتراكات الدرجة الثالثة المكيفة بركوب القطارات دون حجز    وزير الإنتاج الحربي يستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون المشترك    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين 30 سبتمبر    رامي الدكاني: 700 مليار دولار قيم التداول للأسواق العربية خلال 18 شهرا    إسرائيل تعلن رفض مقترح التسوية مع لبنان وتواصل أعمالها العسكرية    مع إرجاء تشييعه ودفنه .. بدء الحداد الرسمى فى لبنان لمدة 3 أيام علي رحيل حسن نصر الله    الزمالك يجدد عقد سيف الجزيري لموسمين    "غادر المستشفى".. تطورات الحالة الصحية ل كهربا ورسالة الطبيب    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الوصل في دوري أبطال آسيا    بمختلف المحافظات.. رفع 51 سيارة ودراجة نارية متهالكة    الحماية المدنية تسيطر على حريق شقة سكنية في بولاق الدكرور    غدا.. افتتاح الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    الحرس الثوري الإيراني: اغتيال حسن نصر الله سيحدث تغييرا تاريخيا    كييف تؤكد احتفاظ موسكو بحاملة صواريخ واحدة في البحر الأسود    صحف خليجية: حل القضية الفلسطينية مفتاح بناء السلام بالمنطقة    محافظ جنوب سيناء يلتقي مجلس جامعة السويس لمناقشة عددا من الملفات التعليمية -صور    "الحوار الوطني" يبدأ اليوم مناقشة مقترحات قضية الدعم    تداول 9 آلاف طن بضائع «عامة ومتنوعة» بموانئ البحر الأحمر    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    بتكلفة 200 مليون جنيه.. إحلال وتجديد محطة معالجة الصرف الصحي الرئيسية بدهب    وزارة العمل تُطلق مبادرة «سلامتك تهمنا»    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الاثنين: 4 ظواهر جوية مؤثرة    جثتان و12 مصابًا.. ننشر أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بأسيوط    آخر تطورات أزمة سد النهضة وموقف مصر    بوليتيكو: أمريكا تعزز وجودها العسكري بالشرق الأوسط    موعد عرض الحلقة 13 من مسلسل برغم القانون بطولة إيمان العاصي    مين فين ؟    كرمة سامي في اليوم العالمي للترجمة: نحرص على تأكيد ريادة مصر ثقافيا    إعلام إسرائيلي: متظاهرون مطالبون بصفقة تبادل يقتربون من منزل نتنياهو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    عادات يومية للحفاظ على صحة القلب.. أبرزها البعد عن مصادر التوتر    فريق طبي بمستشفي أسيوط العام ينجح في استئصال ورم بجدار صدر شاب    الرعاية الصحية:نجاح عمليات زراعة القوقعة بنسبة 100% في مستشفى الكرنك    رحلة ملهمة لأم طفل مصاب بالتوحد: صبر وبحث وتعلم وعلاج مبكر    اصطدام «توكتوك» بتريلا ومصرع سائقه في المنوفية    من مدرسة البوليس بثكنات عابدين إلى «جامعة عصرية متكاملة».. «أكاديمية الشرطة» صرح علمى أمنى شامخ    أوصى ببناء مقام.. سيدتان تدفنان دجالًا أسفل سريره تبركًا به في الفيوم    مصرع 4 أشخاص جراء مشاجرة على قطعة أرض بأسيوط    موظف أمام «الأسرة»: «مراتى عايزة 4 آلاف جنيه شهريًا للكوافير»    الحوثيون باليمن: مقتل وإصابة 37شخصا في قصف إسرائيلي بالحديدة    الأهلي يلجأ للطب النفسي بعد خسارة السوبر الأفريقي (تفاصيل)    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    العثور على جثة حارس مهشم الرأس في أرض زراعية بالبحيرة    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جننهم التشرد .. أم شردهم الجنون؟
نشر في صباح الخير يوم 24 - 03 - 2015

نراهم من بعيد ونتعاطف معهم.. كثيرا ما نشفق عليهم.. نتجنب وجودهم فى الشارع خوفا منهم ومن هيئتهم ورائحتهم المنفرة.. يؤثرون فينا للحظات، ولكن سرعان ما يتم نسيانهم وتستمر حياتنا الطبيعية..
لكن حياتهم البائسة لن يستطيعوا إنكارها أو الهروب منها!!
هم ناس حكمت عليهم الظروف، أن يكون الشارع مأواهم الوحيد، ينامون على الرصيف ليلا ونهارا، بأجسام هزيلة فقدت الشعور ببرد الشتاء وحر الصيف.. وبحلول الليل يفترشون الشوارع وتحت الكبارى وعلى الأرصفة، مكفنين أنفسهم ببقايا بطانية.. مستغرقين فى نوم عميق، كأنهم فى غيبوبة يرفضون الاستيقاظ منها، حتى لا يواجهوا واقعهم الأليم !
ملابسهم حدث عنها ولا حرج.. مهلهلة، متسخة مليئة بالرقع التى تكشف عن حياتهم غير الآدمية، ملامحهم باهتة، شاحبة غير واضحة المعالم، ملطخة بالأتربة والظروف المناخية التى مرت عليهم..
فهم أشبه بهياكل عظمية، فقدت أجسادهم الشعور بالجوع لأنهم لم يعرفوا الشبع، تبرأت منهم الإنسانية، ليصبح الرصيف صديقهم، وحامل أسرارهم، يسمع أنينهم ويحتضن خوفهم وضعفهم.. ليسوا غلابة ولا فقراء، بل إنهم أقل من ذلك، إنهم (المنسيون فى الأرض)..
فهم فى نظر الناس والمجتمع (لا شيء)..
نتهمهم بالجنون، عندما نراهم يتحدثون مع أنفسهم، بل ونسير وسط السيارات خشية منهم.. لكنهم فى حقيقة الأمر ليسوا بمجانين، فهم يتحدثون مع الظروف التى ألقت بهم فى الشارع وجعلتهم فى نظر الناس (حشرة تستحق الإبادة).
وعلى الرغم من أنهم قليلو الكلام- بسبب الصدمات الحياتية التى تعرضوا لها وجعلت مصيرهم الشارع، فإن (صباح الخير) قررت أن تقتحم عالمهم لنتعرف عليهم عن قرب..
رأيتها جالسة على الرصيف لا حول لها ولا قوة، تضم ركبتيها إلى صدرها محاولة أن تلملم أجزاء جسدها وسط برد الشتاء وعواصفه القاتلة.. بعينيها حزن عميق.. حاولت أن أترجم معانيه، لكننى فشلت، ربما لأنها كانت تهرب بعينيها منى.. ظللت أراقبها من بعيد، فوجدتها تنظر للناس بتوجس وخوف شديدين،.. ترتسم على وجهها علامات استفهام لا إجابات لها : سلاحها صوتها العالى الذى تستخدمه لترهيب الناس فى حالة مضايقاتها أو إيذائها.. ترددت للحظة فى الحديث معها، لكنى سرعان ما أعددت خطة، لذلك ذهبت إليها، أعطيتها (شيئا لوجه الله).. فكانت بداية حديثى مع (سحر)، فتاة فى ال 20 من عمرها، طردتها أمها من البيت بناء على رغبة زوجها، ولم تجد سحر سوى الشارع لتنام فيه.. (شوارع تشيلها وشوارع تحطها).. إلى أن رأيتها فى شارع (قصر العينى) فكان سؤالى: أنت موجودة هنا كل يوم، ردت باقتضاب شديد : (لا).. وبدأت علامات التوتر والخوف تظهر عليها عندما سألتها : أنت ساكنة فين؟ ردت بنظرة انكسار حزينة : (ساكنة فى الشارع).
فسألتها: انت معندكيش بيت؟ فقاطعتني: «لا».. فقلت: لماذا؟ بعد أن أكلت قطعة من البسكوتة التى كانت ملقاة بجانبها على الأرض متمتمة ببعض الكلمات غير الواضحة، أجابت بعصبية شديدة: «مشاكل عائلية».. ثم سرحت بخيالها للحظات، وملامح الغضب والضيق مرسومة على وجهها ولسان حالها يقول «لا تذكرينى بماضيَّ الأليم وذكرياتى السيئة».
احترمت غضبها ثم سرعان ما قطعت شرودها لأسألها: طب الجو ساقعة قوي، أنت مش بردانة؟، فردت: لا.. مش بردانة، مش حاسة بحاجة، فسألتها: طب بتنامى إزاى من غير بطانية لما الجو بيكون بارد؟.. صدمتنى بردها: بنام عادى على أى رصيف أنا أصلا عمرى ما حسيت إن الجو ساقعة.. فقاطعتها: طب أنتى مش جعانة؟ فقالت بابتسامة» لا.. وجدتها تقطع لى جزءا صغيرا من قطعة البسكوت التى تأكلها على مدار اليوم وتقول: «خدى كلى أنت لو جعانة».
فسألتها: طب ليه بتزعقى فى الناس؟.. لمعت عيناها بالدموع ثم قالت: عشان هما بيضايقونى وبيشتمونى والعيال بتجرى ورايا بالطوب وبيفتكروا أنى مجنونة عشان شكلى مش حلو.. لكن والله مش مجنونة، والظروف هى اللى حكمت على أنى أكون فى نظر الناس مجنونة.
أنهيت حديثى معها، وأنا كلى تساؤلات: ما مصير هؤلاء الناس، هل سيقضون الباقى من عمرهم ينامون على الرصيف؟! ألا توجد حلول جذرية تحفظ آدميتهم وكرامتهم الإنسانية المهدرة علنا؟!
سحر لم تكن الحالة الأولى التى رأيتها، بل اكتشفت فيما بعد أنه ليس كل من ينام على الرصيف مجنونا أو أنه أقل من فقير، فمنهم المتعلم والمثقف الذى ضاقت به الحال وأغلقت فى وجهه كل الأبواب، ولم يجد غير الشارع أرحم وأحن عليه من البشر لينام فيه!!
داخل محطة المترو وأنا فى انتظار القطار، التقيت برجل كان جالسا بجانبى.. ممسكا فى يده كتابا باللغة الإنجليزية يقرأ فيه، لكن هيئته لا تدل بالمرة على أنه مثقف!!.. فملابسه متسخة غريبة، و«الشبشب» مقطع فى قدميه التى تساوى لونها بلون أسفلت الشارع، وشعره كثيف.. لوهلة ظننت أنه مجنون، فبدأت أبعد عنه، وتعجبت أكثر من أمن المحطة الذين تركوه يدخلها ويركب المترو وسط الناس!!
لكن فضولى الصحفى سرعان ما طرد من ذهنى هذه الأفكار، لأجد نفسى أسأله بلا أى مقدمات: ما اسم الكتاب الذى تقرأ فيه؟!.. نظر لى بكل ثقة- وأنا أحاول السيطرة على رعبى تجاهه- قائلا: هذا الكتاب يحكى عن حياة شخص كان فى يوم من الأيام مليارديراًَ لكنه أفلس وخسر كل ثروته ونام فى الشارع على الرصيف!!.. فقاطعته: ولماذا تقرؤه باللغة الإنجليزية؟!.. فأجابني: لأننى لا أريد أن أنسى اللغة، التى ظللت طوال حياتى أعمل وأتحدث بها، فقاطعته مرة أخرى: هل هناك تشابه بينك وبين قصة الرجل الغني؟!
ابتسم قائلا: نوعا ما، ولا أريد أن أخوض فى تفاصيل، لأننى لا أريد أن أتذكر شيئا، لأن الذكريات تؤلمنى وتوجعنى.. لكن ما أستطيع قوله هو أن أقرب الناس إليَّ تخلوا عنى وتركونى بعد ما البنك حجز على كل ممتلكاتى.. واترميت فى الشارع على الرصيف أنا والكتاب.. فهذا الكتاب صديقي، ألجأ له عندما أريد الهروب من نظرات الناس، فهو أفضل من مليون بنى آدم!! فالنوم على الرصيف ليس عيبا أو حراما، بل العيب أن أذل نفسى لناس كانوا فى يوم من الأيام من لحمى ودمي!!.. سألته: كيف تنام على الرصيف فى البرد؟ أجابنى بابتسامة هادئة: الشخص الملئ بالجروح والهموم والحزن والألم، لا يفرق معه الجو سواء كان برداً أو حراً، ولا حتى جعان أو شبعان، فما يحمله بداخله كفيل بسد نفسه عن الحياة كلها!!.. وتركنى وأكمل قراءة الكتاب.
أما هذا..
فرأيته نائما على إحدى «دكك» كورنيش النيل فنزلت من السيارة محاولة أن ألتقط له صورة، لكنه رفض بشدة وقال: «أحمد» أنا ابن ناس، ومحبش صورتى تنزل فى الجرائد، ميغركيش شكلى دلوقتي، أنا كنت فى يوم من الأيام مدرس علوم لكن ده حال الدنيا بتاخدنا لسابع سماء، وبعدها تنزلنا لسابع أرض، وخصوصاً لما تآمن للناس وتثق فيهم!!.. قاطعته: وماذا حدث معك وجعلك تنام فى الشارع على الرصيف؟ سكت للحظة ثم قال: كنت كاتب كل حاجة باسم مراتى ولم أتخيل أنها فى يوم من الأيام ستخوننى وتطردنى إلى الشارع لأنام على الرصيف.. لكن مثلما يقال: إن المواقف تظهر معادن الناس فلم تتحمل الأزمة المالية التى كنت أمر بها.. وطلبت الطلاق، وعندما رفضت رفعت قضية خلع وغيرت كالون البيت، حتى لا أستطيع دخوله.. وحرمتنى من ابنى الرضيع وبعتت هدومى مع البواب وقالت له أن يخبرنى هذه الرسالة «المدام بتقولك، مش عايزة تشوف وشك تانى ولو جيت حتطلب لك الشرطة!!» وبانهيار وبكاء شديد لا يتوقف وجمل متقطعة يكمل «خسرتنى كل شيء فى حياتي، حتى شغلى.. ليه كده دى المفترض مراتي، هو اللى بيحصل ده طبيعي!! ولا أنا اللى مش طبيعى.. دا أنا كنت مدلعها ومش مخليها محتاجة لحاجة هى وابنى.. هو ده الجزاء فى الآخر!! بدل ما تقف جنبى ترمينى فى الشارع» .. حاولت تهدئته، ولكنه فقد السيطرة على حزنه، ليقول لي: إياك أن تثقى فى أحد.. فالغدر والخيانة من شيم الناس الآن، لأن الطيب الجدع من الصفات التى اندثرت فى مجتمعنا!! ومن وقتها وأنا عايش حياة الترحال.. شنطة هدومى فى إيدى وكل يوم على رصيف شكل!!.. لما بتعب من المشي، بفرش البطانية فى أى حته وأنام.. فأرض الله واسعة!!.. أنهيت حديثى معه، وأنا واقفة أمامه فى صمت تام مكتوفة الأيدى.. عاجزة عن مداواة جراحه وحزنه.. تركته وذهبت وكلامه يتردد بداخلى: ما ذنب هذا الرجل الذى أخلص لزوجته لتكون حياة النوم على الرصيف مصيرة فى النهاية؟!.. حقيقى الطيب «ملوش» عيشة فى البلد دى.. فالشارع المصرى بحورة عميقة ومشاكله لا تنتهى بالمرة.. الحكايات ليست للعطف والشفقة فقط!! بل لنأخذ منها العبرة والعظة..
من جانبه، يستغيث أحمد سعد- مهندس ديكور- عبر مواقع التواصل الاجتماعى والفضائيات، لمساعدة المشردين الذين لم يكن لهم مأوى سوى الرصيف، يروى أحمد لنا ما واجهه من عراقيل حكومية خلال رحلته الإنسانية، قائلا:
التقيت ب(عم رمضان) منذ أكثر من 3 سنوات ، فكنت أراه أثناء ذهابى إلى العمل نائما على الرصيف منكمشا فى نفسه تنبعث منه رائحة عفنة.. لم يكن وقتها الموضوع فى بالى.. إلى أن قررت أن أساعده يوما ما وآخذه إلى دار مسنين يهتمون به بدلا من نومه على الرصيف فى البرد.. لكنى عندما اقتربت منه، فوجئت أن حالته سيئة ويحتاج إلى رعاية طبية.. فقد بترت ساقه اليمنى بسبب القرح التى كانت منتشرة بها لدرجة أنها وصلت إلى (مرحلة العفونة) وحشرات الشارع تتغذى عليها، وقدمه اليسرى كانت مهددة بالبتر أيضا.. فعندما رأيت هذا اتصلت على الفور بإحدى الجمعيات الخيرية (زهرة الإيمان) فأرسلت على الفور متطوعا يتبنى حالته.. ولكنها سرعان ما تركته بعد أن ذهب إلى المستشفى الذى رفض استقباله لعدم وجود أوراق شخصية معه فعاد إلى الشارع مرة أخرى !!
ولأننى لدى بعض الأصدقاء يعملون معدين فى برامج الفضائيات اتصلت على الفور بواحد منهم وأبلغته بالأمر.. وقمت بعمل مداخلة هاتفية مع وزير الصحة ورويت له القصة كاملة.. فأمر بإرسال سيارة إسعاف تأخذه ليتلقى العلاج فى المستشفى.. وذهبت أنا لقسم الشرطة لعمل محضر، حتى يكون له أوراق يستطيع الدخول بها ل (دار مسنين).. وعندما ذهبت إلى مستشفى المنيرة لدفع مصاريف العلاج.. فوجئت بهم يقولون لى إنه تم علاجه على نفقة الدولة واستقبلونى استقبالا حافلا.. ولكن كل هذا حدث بعد توصيات مشددة من وزير الصحة !
يضيف أحمد قائلا : تلقيت مكالمات هاتفية من خارج مصر ومن داخلها بعد أن قمت برفع القصة وصورها على صفحتى على فيس بوك.. كما وجدت اتصالا من رجل أعمال كبير فى الإسكندرية (دون أن يذكر لى اسمه) يخبرنى بأنه سيدعمنى ماديا فى هذه الأعمال التطوعية.. لكن حقيقة الأمر أنا لست خبيرا فى هذه الأعمال وجمع الأموال ، فكل هذا حدث صدفة ولم يكن مرتبا له بالمرة..
ويتساءل : كم شخصا مثل (عم رمضان) مرمى فى الشارع وحالته سيئة والدولة غافلة عنه !! حتى الجمعيات الخيرية تحتاج إلى من يساعدها ماديا كى تستطيع تقديم المساعدة !!
تحدثنا مع الدكتور مسعد رضوان - مستشار وزير التضامن للتخطيط الاستراتيجى وتنمية القدرات.. لنسأله عن خطط الوزارة تجاه المشردين فقال:
لدينا فى الوزارة «قطاع الرعاية»، يشمل هذا القطاع «رعاية كبار السن».. ولدينا دور مسنين ودور فاقدى الأهلية.. كما أننا بدأنا بالفعل فى تقييم دور المسنين حتى لا يقتصر دورها على استقبال الحالات فقط، بل أيضا يشمل المسن «المرمى فى الشارع على الرصيف» فاقد العائل.. وأن تعد دور المسنين برامج لجذب الحالات إليها مرة أخرى.. كما أن لدينا أيضا دوراً خاصة برعاية المتسولين.. لكننا فى حقيقة الأمر، مهتمون الآن بالخدمات المباشرة، ألا وهى الأطفال المشردون.. لأنهم يتعرضون لانتهاكات شديدة الخطورة فى الشارع.
يضيف د. مسعد: هناك 3 أنواع من المتسولين «متسول مدرك أنه متسول» وهذا يجب أن يعاقب لأنهم يرتزقون بأبنائهم و«متسول فاقد الأهلية» وهو أقرب إلى المجنون و«ثالث فى حاجة إلى المساعدة» وهذا ما نضعه نصب أعيننا، فنوفر لهم مكانا آمنا ولا يعاقب كونه لا يوجد له مصدر رزق.. لكن هذه الحالات لم تكن أولوياتنا الأولى فى اللحظة الراهنة.. لأن أكثر القضايا التى تشغل الوزارة الآن «أطفال الشوارع» وتليها المسنون والمعاقون.. وذلك لأن طفل الشارع يعتبر قنبلة موقوتة إذ يتم توظيفهم فى الأعمال السياسية، وهذه من الآثار الظاهرة بشكل خطير حاليا، وفى رأيى أنهم مجنى عليهم وليسوا جناة.. وبالتالى فأنا متعاطف مع هؤلاء قلبا وقالبا.. لأنهم طبقة هشة وتحتاج إلى رعاية وعناية شديدة. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.