مع تجدد العمليات الإرهابية فى القارة السمراء وانتشارها بصورة مرعبة، بات من الضرورى البحث فى السيرة الذاتية لاثنين من أبرز علامات الإرهاب بها، واللذين كانا القاسم المشترك لجميع وسائل الإعلام الاقليمية والعالمية على مدى الأيأم الماضية. إنهما الجزائرى مختار بلمختار الملقب ب«الأعور»، والبريطانية سامنتا ليوثيت والمعروفة فى العالم باسم «الأرملة البيضاء» حيث يشترك الاثنان فى أنهما أصبحا - ما يمكن أن نطلق عليهما مجازا كما هو الحال بالنسبة للاعبى كرة القدم وفنانى السينما - «نجوم فى سماء الإرهاب»، حتى أن المكافأة المرصودة من جانب جهات أمنية عدة فى العالم وصلت لنحو 10 ملايين دولار أمريكى وهو ما يرفع من قيمتهما فى بورصة الإرهاب العالمى!!
وبطبيعة الحال، إذا كان «الإتيكيت» يقتضى تقديم المرأة على الرجل، فإننا هنا نلتزم بذلك ونعرض أولا للبريطانية سامنثا ليوثيت الملقبة ب «الأرملة البيضاء» وهى واحدة من أكثر العناصر الإرهابية المطلوبة من أجهزة استخبارات غربية لوجود قرائن قوية بأنها هى من قاد أخيراً الهجوم داخل مركز «وست جيت» التجارى بنيروبى بكينيا.
وسامنثا ليوثيت - المطلوبة رقم 1 فى العالم، مرصود لها جائزة قيمتها 5 ملايين دولار للقبض عليها - تبلغ من العمر 29 عاما، وهى مرصودة دائما من المخابرات الغربية - خصوصا من جهاز الاستخبارات الأمريكية «سى.آى.إيه» وأيضا من «سكوتلانديارد» البريطانى والإنتربول الدولى والمخابرات الكينية والصومالية، وغيرها الكثير من الأجهزة الأمنية والأفريقية - كدماغ يعمل على التخطيط لشن هجمات شبيهة بما قام به زوجها، جيرمن ليندسى، حين فجّر نفسه مع 3 انتحاريين آخرين فى 4 هجمات استهدفت قطارات الأنفاق بلندن فى 7 يوليو 2005 فقتلت 52 شخصاً، وأصابت أكثر من 700 آخرين.
ووفقاُ لموقع Nairobi Xposedالإخبارى الكينى فإن سامنثا - التى تتكلم العربية والسواحلية - قالت قبل وقت قصير من الهجوم على المركز التجارى بنيروبى «قد تكون الجنة غدا.. أنا أنظر لأرى من حولى كم هو الجهاد جميل.. إنه حى فى كينيا، وحى فى داخلى، وأنا أتنفس الجهاد.. لقد حان وقتى».
أما مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية الشهيرة فقد نشرت تقريراً مطولا عن الأرملة البيضاء قالت فيه «ولدت فى عام 1983 وهى ابنة جندى بريطانى التقى والدتها أثناء خدمتهما فى أيرلندا الشمالية خلال سبعينيات القرن الماضى وقد انفصل الأبوان عام 1995 وكانت الصدمة فى طلاقهما سبباً فى زواجها سريعاً حيث ارتبطت ب «ليندساى»، وهو مسلم متدين تعرفت عليه من خلال غرف الدردشة فى عام 2002 واعتنقت الإسلام وغيّرت اسمها إلى شريفة» وأضافت المجلة «بعد ثلاث سنوات، شارك ليندساى فى تفجيرات مترو أنفاق لندن المروعة، وفى أعقاب ذلك الهجوم قاطعتها عائلتها.. إلا أنها تمسكت بزوجها ليندساى قائلة «أنا زوجة جيرمين ليندساى، ولا أتوقع أو أتصور أبداً أنه كان متورطا فى مثل هذه الأنشطة المروعة، فقد كان زوجا محبا وأبا فاضلا».. وأشارت إلى أنه فى عام 2009 اختفت سامنثا من إنجلترا مع أطفالها الثلاثة، ولكن بعد عامين عادت إلى الظهور بعد السفر إلى كينيا فى العام التالى، وقالت إنها تحولت من مرحلة الحزن كأرملة إلى مجاهدة، وبالفعل عثرت الشرطة الكينية - بعد تفجيرات مومباسا - على بصماتها ومن هنا نالت لقب «الأرملة البيضاء» والذى اعتبر الاسم الحركى لها.
وتابعت المجلة فى تقريرها «فى عام 2011 قالت إنها تجنبت الاعتقال عندما داهمت الشرطة شقتها فى مومباسا لكنها تمكنت من إقناعهم بأنها سائحة - باستخدام جواز سفر مزور - من جنوب أفريقيا!!».
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول وما بين جواز سفر مزور والزوج «الشهيد»، فإن حالة «الأرملة البيضاء» - تعيد إلى الأذهان «إرهاب الإناث».. فمن المعروف أن الأنثى المقاتلة «شرسة»، خاصة فى صفوف الجماعات الإسلامية كما كان الحال فى الشيشان.. واللاتى عرفن باسم «الأرامل السود»، حيث أنهن حملن السلاح بعد سقوط أزواجهن فى المعارك.. لقد تحولت حياة امرأة - ولدت لأبوين من قدامى المحاربين البريطانيين - من المتاعب الأيرلندية إلى الإرهاب الغامض».
الجزائرى الأعور والجهاد الدامى منذ 1984 وهناك برنامج تابع لوزارة الخارجية الأمريكية يخصص مبالغ مالية لكل شخص يدلى بمعلومات تساعد فى اعتقال أو تصفية أفراد يهددون مصالح الولاياتالمتحدة.. ويشمل هذا البرنامج واسمه «مكافآت من أجل العدالة» قادة فى تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى بشكل أساسى.
وكانت المكافأة الأكبر - سبعة ملايين دولار - مخصصة للرجل الأول فى جماعة «بوكو حرام» أبوبكر شيكاو، ثم يأتى فى المرتبة الثانية «نجمنا الجديد» الجزائرى مختار بلمختار والذى عرض البرنامج خمسة ملايين دولار مكافأة لمن يقدم معلومات حاسمة عنه.. باعتباره أبرز زعماء تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى الذى أسس جماعته الخاصة فى نهاية 2012..
ووفقا لبيان صادر عن بريت بهارار - المدعى العام الفيدرالى فى مانهاتن بالولاياتالمتحدةالأمريكية - فإن «مختار بلمختار أرسى قبل سنوات حكم الرعب خدمة لهدفه المعلن من طرفه بالجهاد الدامى ضد الغرب.. وقمة جهوده كانت فى الحصار الدامى الذى أسفر عن مقتل العشرات بينهم ثلاثة أمريكيين إضافة إلى تعريض حياة آخرين للخطر» وتم توجيه ثمانية اتهامات بحق القيادى السابق فى تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى على خلفية «مؤامرة ترمى إلى تقديم دعم لتنظيمى القاعدة وفرع القاعدة فى المغرب الإسلامى، التآمر لاحتجاز رهائن، خطف أشخاص محميين دوليا، والتآمر لاستخدام سلاح دمار شامل..» فقد زرع الرعب والدم لهؤلاء الأشخاص الأبرياء ولدينا حاليا النية فى إحالته إلى العدالة».
ولكن ماهى «السيرة الإرهابية» ل«نجمنا الجديد» فى عالم (الإرهاب)..؟
أنشأ هذا الجهادى البالغ من العمر 41 عاما نهاية العام الماضى كتيبته المقاتلة الخاصة باسم «الموقعون بالدماء» للتخلص من وصاية تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى الذى انشق عنه فى أكتوبر ,2012. وفى يناير الماضى، تبنى بلمختار الهجوم الدامى واحتجاز الرهائن فى منشأة «عين اميناس» فى الصحراء الجزائرية والتى انتهيت بسقوط 83 قتيلا بينهم ثلاثة أمريكيون.
وبعد إعلان تشاد مقتله فى أبريل الماضى «!!»، أعلن بلمختار أيضا مسئوليته عن هجوم انتحارى مزدوج فى النيجر أسفر عن نحو 20 قتيلا فى مايو الماضى، مهددا باستهداف البلدان المشاركة فى التدخل فى مالى، كما أعلنت جماعته مسئوليتها عن هروب مساجين فى النيجر فى شهر يونيو وعن التفجير المزدوج الذى تسبب فى مقتل عشرين نيجيريا فى شهر مايو الماضى.. ويتفق خبراء على أن قدرة بلمختار «الملقب باسم خالد أبوالعباس أو الأعور» على تنفيذ هجمات جديدة قد تضاءلت.. فهذا الإرهابى المخضرم - صاحب تاريخ طويل من الدم ابتداء من أفغانستان وصولا إلى وطنه الجزائر - فقد الكثير من الدعم بعد أن انشق عن تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى منذ عدة أشهر، كما أنه لم يعد قادرا على الحصول على أموال الفديات بعد محاولته الفاشلة للحصول على الأموال مقابل إخلاء «عين أميناس».. وكانت هذه ضربة كبرى بالنسبة لرجل تعود الحصول على المال من المهربين ومن بعض الدول مقابل الإفراج عن الرهائن.. الثابت أن تنظيم القاعدة قد أنهكته الحرب فى مالى.. إلا أنه لم يتم القضاء على التنظيم نهائيا، فخلاياها منتشرة وعندما تسمح الظروف فقد تظهر مجددا وتعيد تنظيم صفوفها للمواجهة فى جبهة جديدة أو قديمة وبطبيعة الحال فإن الخطر يكمن فى الفكر المتطرف الذى يحصل على مناصرين جدد كل يوم، وهذا هو التهديد الأكبر الذى نواجهه أيضاً فى عالمنا العربى