وعند دخولى الكافيه وجدت رجلا ملتحيا طويلا ضخما حسيت إن الدنيا ضلمت أول ما شوفته وقال لى «ممنوع يا آنسة أن أنت مش شايفة اليافطة.. ممنوع الدخول بدون محرم». أنا: مش فاهمة حضرتك أكيد بتقول نكتة هو فيه كده دلوقتى.. يعنى إيه مش هادخل.. طب أنا هادخل وأعلى ما فى خيلك اركبه.
الرجل: يا آنسة لو سمحت روحى وارجعى بالمحرم بتاعك وإنتى تدخلى الكافيه!! صاحبتى: لا ده كده كثير وحاجة فاقت كل الحدود.. هاتلنا صاحب المحل نتكلم معاه.. الرجل: يا آنسة دى التعليمات الجديدة للكافيه وأنا مش بتكلم من نفسى ده كلام مدير الكافيه.
أنا: بجد مش مصدقة نفسى هو يعنى لو عايزة أقعد أفضفض مع صاحبتى لازم أجر أبويا ورايا أو أخويا لو كان لى أخ.. ما هو ده شىء خيالى.. يعنى أنتو حطوا قوانين نفهمها.. أنا حقيقى مش متخيلة أن فيه كده فى مصر.
الرجل: يا آنسة أرجوكى ما تحرجينيش وما تعمليش مشكلة أنا هنا بنفذ تعليمات وخلينا ناكل عيش فى البلد دى.
أنا: يعنى إيه ناكل عيش فى البلد دى هى بقت كده خلاص؟ الرجل: أيوه يا فندم اديكى شايفة البلد بقت فى إيه.. الإخوان ومسكوا البلد.. وكل يوم و فى واحد يتقتل عشان ماشى مع خطيبته فى الشارع.. وكل ساعة نسمع عن مقام بيتحرق وضريح يتهد.. نعمل إيه بقى لازم نقلب رزقنا فى البلد دى ونأكل عيش ما هو إحنا مش هانستنا لما يقفلوا لنا المحل ونتشرد.. وبعدين يا أستاذة البلد كلها بتتغير هى هاتيجى علينا إحنا.. الصحافة كل يوم بتطبل للرئيس وللإخوان ليه بقى إحنا اللى مش هانلبس نفس العباية اللى الكل بيلبسها وبيطبق مقولة مات الملك عاش الملك.. هاه!! أقول لك إيه بس يا أستاذة البلد كلها تعبانة ولازم نوطى عشان نعدى الموجة.. ربنا يرضى عنك روحى بيتك هاتى أخوكى أو أبوكى أو خالك أو أى محرم ليكى وأنت تدخلى وتقعدى معززة مكرمة.. لا أستطيع أن أجد كلمات تعبر عن حالتى وعجزت كل المعانى لتصف ما أصابنى بعد أن سمعت كلام الرجل وفى أقل من ثانية جال بخاطرى عدة تساؤلات.. لهذه الدرجة أصبحنا شعبا يطأطئ رأسه.. لهذه الدرجة أصبحت لقمة العيش هى التى تذلنا.. لهذه الدرجة أصبحنا نسير مع الرائجة.. ولأن حسى الصحفى بدأ ينور وجدت نفسى بعد برهة من التفكير أسأل الرجل وكيف لك أن تعرف أن الرجل الذى ستدخل معه أى فتاة هو محرمها وهل هذا المنطق الجديد فى سياسة المحل أصبح يلاقى استحسانا عند الزبائن؟ وما طبيعة مرتادى المحل وما أهواؤهم وميولهم؟ الرجل: هنا فى نظام يا أستاذة قبل دخول أى زبون أقوم أول شىء بالاطلاع على بطاقته وبطاقة المحرم إذا كان الأب أو الأخ أو الزوج أو العم إدخالهم فورا أما إذا كان المحرم من الخال فهذا يتطلب منى إجراءات عديدة حتى أتأكد من صحة الشخصية التى توجد أمامى.. أما بالنسبة لزبائن المحل فالحمد لله وبفضل الله نحن لدينا أفضل وأعرق العائلات الإخوانية والسلفية وكلهم من رواد الكافيه بصفة مستمرة فهو أول كافيه يحقق لهم متعتهم فى الجلوس والاستمتاع بالوقت بما لا يخالف شرع الله.. فكل زبائننا من الأخوات المنتقبات المحتشمات. ثم وجدته يمعن النظر فىًّ وفى صديقتى ويقول لى أنصحك يا أستاذة أن ترتدى الحجاب وأن تلتزمى بالملبس الواسع الفضفاض حتى تكونى زبونة مستدامة لدينا.
فاشتد حنقى وغيظى من الرجل ووجدت نفسى أقول له بص بقى أنا عندى نصيحة ليك ولصاحب المحل وهى إنك تغير اسم المحل وتخليه «كافيه بما لا يخالف شرع الله» للعائلات والمحارم.
