تواصل إقبال الناخبين بجنوب السودان المكثف علي مراكز الاقتراع في اليوم الثاني من التصويت في استفتاء تقرير المصير، وشهدت مراكز التصويت زحاما من أهل الجنوب أيضا. وشهدت باقي ولايات الجنوب اقبالا كثيفا أيضا خاصة في أعالي النيل وبحر الغزال وفي مدينتي واو وملكال تحديدا إلا أن ولاية الوحدة شهدت حذرا كبيرا من الناخبين بعد حادث اعتداء مجموعة من المتمردين علي مركز تصويت التور الأبيض قبل يومين والذي تطور لاشتباكات مع الجيش الشعبي مما اثار مخاوف اهل الولاية من المشاركة خوفا من تجدد الاشتباكات رغم الاجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها حكومة الجنوب هناك. في حين لم تشهد الخرطوم اقبالا من المواطنين علي عملية الاستفتاء وشهدت مراكز التصويت هدوءا خاصة أن نسبة المسجلين في الشمال أكثر من مائة الف ناخب وهي نسبة ضعيفة جدا بالنسبة للمسجلين في الجنوب الذي وصل إلي 3 ملايين ناخب.. واضطرت مفوضية الاستفتاء إلي مد التصويت في اليوم الأول إلي السادسة بدلا من الخامسة حتي تعطي الفرصة للموظفين في المؤسسات الحكومية من المشاركة في التصويت بعد الخروج من العمل. باي باي خرطوم ويعكس الاقبال المكثف علي التصويت في الجنوب نجاح الحركة الشعبية في تعبئة الجنوبيين للمشاركة في الاستفتاء والترحيب بالانفصال حيث استقبل أهل الجنوب حدث الاستفتاء وكأنه عيد يحتفلون به باعتباره اعطي لهم حق تقرير المصير بارادتهم بعد عقود من الحرب. ومن اللافت ان كثيراً من الجنوبيين رددوا أمام مراكز التصويت هتافات تقول "باي باي خرطوم".. و"قل مع السلامة مع السلامة.. اخيرا سنغلق ابوابنا علينا.. ثرواتنا لنا ". وشهدت مراكز الاقتراع سلسلة من المشاهد اللافتة والمثيرة للانتباه حيث حرص الوزراء وقيادات الحركة الشعبية علي المشاركة في التصويت والوقوف في طوابير الناخبين حتي إن بعضهم اضطر إلي اصطحاب كراسي معهم والذهاب إلي مركز التصويت ليلا حتي يتمكن من التصويت. كما قام قيادات الجيش الشعبي والشرطة بالمشاركة في عملية الاستفتاء والاحتفال مع الجنوبيين والقبائل بالتصويت حيث شاركت عناصر منهم في المسيرات الاحتفالية التي صاحبتها رقصات فلكلورية أمام مراكز التصويت. وفي نهاية اليوم الأول عقد نائب رئيس المفوضية العامة للاستفتاء ورئيس مفوضية الجنوب شان رييج مروت مؤتمرا صحفيا أوضح فيه ان عمليات التصويت تسير بهدوء كبير وبصورة حرة ونزيهة وشفافة بعيدا عن اي ضغوطات من أي جهة، وقال انه لم تسجل أي أعمال عنف في مراكز التصويت في أي من ولايات الجنوب. وقال إن النتيجة النهائية للاستفتاء ستعلن في 14 فبراير المقبل من المفوضية العامة في الخرطوم، وطالب أهل الجنوب بعدم الاستماع إلي الشائعات التي تتردد مؤخرا حول النتيجة خلال الفترة الحالية وأن الافضل انتظار التصريحات الرسمية حول تلك القضية. اللافت أن رئيس مفوضية الجنوب دعا في المؤتمر الصحفي اصحاب السيارات والمركبات إلي المساهمة في نقل الناخبين والمواطنين إلي مراكز الاقتراع بما يسهل عليهم المشاركة في التصويت، ذلك أن هناك صعوبات يواجهها كثير من الجنوبيين في الانتقال لضعف المواصلات وخاصة في الولايات النائية والبعيدة. دور الخفي للكنيسة شهدت الكنائس منذ اليوم الاول من التصويت عدة فعاليات بشكل لفت انتباه المراقبين والمتابعين وعكس اهتمامها بقضية الاستفتاء ودورها المحوري في ذلك الاستحقاق، حيث اعلنت كنائس الجنوب بدء صلاة مفتوحة بالتزامن مع التصويت احتفالا بالاستفتاء وترحيبا بالانفصال. وقام سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب علي الذهاب إلي الكنيسة بعد أن أدلي بصوته مباشرة للقاء الجنوبيين الذين احتشدوا بتلك الكنائس، وتلي ذلك زيارة من جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس والممثل الأمريكي جورج كلوني بصحبة عدد من المراقبين الدوليين في كنيسة سانتريزا كاتور بوسط جوبا. وأدي رئيس الكنيسة الصلاة مع مئات من الجنوبيين احتفالا بالاستفتاء، وبعدها اتجه قيادات الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية للتصويت، وكان لافتا في هذا الإطار دعوة عدد من الصحفيين الغربيين وسائل الاعلام لحضور وتغطية تصويت قيادات الكنائس. اهتمام أمريكي بمنطقة أبيي كما شهدت عاصمة الجنوب جوبا تواجدا مكثفا من الدبلوماسيين من مختلف دول العالم كان أبرزها التواجد الأمريكي ممثلا في جون كيري ومبعوث الولاياتالمتحدة في السودان جريشن، وتابو امبيكي رئيس لجنة حكماء أفريقيا وكوفي انان الأمين السابق للامم المتحدة. وقال جون كيري في مؤتمر صحفي قبل مغادرة جوبا أمس الأول إن الولاياتالمتحدة ستواصل دعمها للجنوبيين لحل القضايا العالقة بين شمال السودان وجنوبه بعد الاستفتاء، مشيرا إلي أن هناك 6 شهور فترة انتقالية تنتهي في 9 يوليو المقبل يستطيعون من خلالها انجاز الكثير. وتحدث كيري تحديدا عن قضية ابيي وقال إن هذه القضية نحن مهتمون بها حتي لا يحدث نزاع بشأنها مشيرا إلي أنهم سيبدأون العمل بشأنها من الأسبوع المقبل، مجددا حديثه ايضا علي قضية دافور والتي اشار إلي أن الوضع هناك يستوجب الاهتمام. احتفالات الانفصال مستمرة وتواصلت احتفالات الجنوبيين في اليوم الثاني أمام مراكز الاقتراع وخرج الشباب في مسيرات بجوبا ولكنها بنسب أقل من اليوم الأول للتصويت خاصة أن أمس كان يوم عمل علي عكس اليوم الاول للتصويت الذي كان عطلة أسبوعية. وفي مركز جون قرنق الرئيس بجوبا تواصلت تشكيلات ورقصات الجنوبيين احتفالا بما اسموه الانفصال رغم ان فترة التصويت مازالت في بدايتها، في حين واصلت الاجراءات الامنية المكثفة مسيطرة علي شوارع جوبا حيث منعت الشرطة السهر في البارات والملاهي الليلية بعد العاشرة مساء.