بُعيد لحظات من انفجار السنة الجديدة، ذلك الذي غطي وجوهنا بالدماء في مطلع 2011 وقصف قلوبنا وخنق نفوسنا وفرض تحدياً علي استقرارنا، كان أن سرت مجموعة من الشائعات بين المتابعين للجريمة المروعة من بين فئات مختلفة في الرأي العام.. وكان من بين تلك الشائعات من قال: إن السيارة المنفجرة بما فيها من تفخيخ.. كتب علي سقفها من أعلي (البقية تأتي) . فيما بعد وفي صباح اليوم التالي، تبين أنه لم تكن هناك سيارة مفخخة، وأن العبوة التي أحدثت كل هذا الدمار هي علي الأرجح كان يحملها شخص قضي بين الآخرين من الضحايا.. وأن السيارتين اللتين احترقتا لا علاقة لهما بالحادث.. ولم يتأكد أنه قد كتب علي أي منهما عبارة: (البقية تأتي) . لكن هذا لا ينفي أبداً أن هناك من يريد أن تكون هناك بقية في هذا المسلسل المدمر والإرهابي الذي يرغب في أن يواصل ضربه لمصر من جديد.. وأن مسئوليتنا الآن هي أن نعمل جميعاً وسوياً علي ألا تأتي تلك البقية أبداً.. وحتي لو تمكن إرهابي آخر من أن يضرب استقرارنا.. فإن علينا ألا نمنحه الفرصة التي يريدها ويريدها من يحركونه.. فرصة أن تتحول البقية إلي حرب أهلية دينية طائفية في مصر.. ونقول علي هذا البلد: وداعاً لا سلاماً.. فسوف يكون الواقع تدميراً وخراباً. في خطابه أمام مجلسي الشعب والشوري، ضمن الرئيس مبارك بين ما قال في نهاية بيانه التقليدي في افتتاح الدورة البرلمانية فقرة قال فيها يوم 19 ديسمبر الماضي ما يلي: نعلم تماماً ما يحيط بنا من صعاب ومخاطر وتحديات.. في منطقتنا والعالم من حولنا.. ندرك أننا لانزال في مواجهة مع قوي التطرف والإرهاب.. نواجه محاولات للتدخل في شئوننا.. ومحاولات لفتح جبهات جديدة لممارسة الضغوط علينا تارة بما يستهدف الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط.. وتارة بمخططات للوقيعة مع أشقائنا بدول حوض النيل. والخطران كانا واضحين ومازالا.. والأدلة تتوالي عليهما.. وإذا كان الآتي من الجنوب، بمعناه العريض في السودان وكل دول حوض النيل يشير إلي أننا بصدد مؤامرة كبيرة وممتدة.. فإن الخطر الأول واقع فيما بيننا.. ويؤكد أننا نتعرض لتحدٍ مهول.. وأن هناك من يريد أن يفجر هذا البلد.. وأن يشعل النار بين أبنائه.. وأن يقضي عليه من خلال حريق داخلي كما لو أنه زلزال نضرب به أنفسنا. إن علينا أن ننتبه.. وأن ندرك المؤامرة.. وأن نستوعب الذي يخطط لنا.. سواء كانت العملية الأخيرة في الإسكندرية قد دبرت في الداخل أو تم ترتيبها في الخارج.. وإذا كان الجميع يؤكد أنه لم ينته الإرهاب.. وأنه خطر يظل مهددًا للمنطقة وبما في ذلك بلدنا.. فإن علينا ألا نعطي هذا الإرهاب سلاحاً إضافياً.. وألا نطعن أنفسنا.. وألا نميت ذواتنا.. وألا نشيح بأنظارنا عن العدو الحقيقي لكي نتخاصم فيما بيننا ونتبادل التشاحن.. ما يؤدي إلي مضاعفة آثار الإرهاب. هذا بلد مهدد.. يتلقي وعيداً من تنظيم غريب قيل إنه منسوب إلي القاعدة.. وتأتيه تقارير من الخارجية الأمريكية تحرض علي مزيد من الفتنة بين المسلمين والأقباط.. وفجأة تظهر فيه أصوات تعتلي الشاشات تقول إن مصر سوف تقسم ما بين دولة مسلمة ودولة قبطية ودولة نوبية كما أشرت في نهاية الأسبوع الماضي.. كما لو أنها - أي تلك الأصوات - تحمل لنا رسائل تحذير ونذر وتبشير بما سوف نتعرض إليه لو لم نرضخ إلي بقية رسائلهم. المسألة واضحة.. والذين يحملون الدمار لهذا المجتمع معلنون.. التطرف في كل مكان.. من كل نوع.. وهناك نوع من الأريحية في التعامل مع أصواته.. هناك من يساندون الإخوان الذين صدرت عنهم تحذيرات بخصوص الأسلحة التي قيل إنها في الكنائس.. وهناك من يربتون علي أكتاف السلفية التي تظاهرت من أجل من تقول إنهن الأخوات المسلمات المحبوسات في الكنائس.. وهناك من يدعمون أقباطا متطرفين ضربوا الأمن بالمولوتوف في العمرانية.. واستغلوا المشاعر المتأججة ليلة رأس السنة وكرروا الفعل مرة أخري في سيدي بشر. نحن نطالب الدولة بأن تعمل قبضتها بكل عنف وكل حسم تجاه كل من تسول له نفسه أن يؤدي هذا المناخ إلي مزيد من الدمار ومزيد من الفتنة.. وأي مساند للإرهاب بأي طريقة.. سواء كان من خلال تعضيد فكره.. أو تبرير فعله.. أو المساعدة علي تحققه.. أو عدم إدانته.. أو إتاحة الفرصة لشرعنته لابد أن تكون معه وقفة صارمة.. لقد قضينا علي إرهاب التسعينيات.. ولا نريد أبداً أن يعود إلينا من جديد بأي صورة. وإذا كانت الديمقراطية قد أتاحت للمناخ السياسي مزيداً من الحرية.. وإذا كان الحراك السياسي قد تمتع بفرص كبيرة لم تسفر عن قدر متوقع من النضج.. فإن هؤلاء الذين كانوا يستغلون الحرية من أجل التظاهر والاحتجاج وإرهاق أجهزة الأمن وبعثرة جهودها لابد لهم أن ينتبهوا إلي أن هذا ليس وقته.. وأن عليهم أن يقفوا صفاً واحداً من أجل حماية البلد. هناك تحذير بأن في المعين ما يزيد عما رأينا.. وأن هناك بالفعل بقية بل وبقايا.. وهذه البقية لا يجب أن تأتي أبداً.. وأي طرف في الداخل سوف يساعد علي أن تأتي لابد من التعامل معه بكل حسم إذا لم ينتبه هو إلي خطورة ما يفعل. www.abkamal.net [email protected]