لا شك في أن كنوزنا الفرعونية هي إرثنا المتفرد بين هذا العالم الكبير ولا شك في أن التفريط في هذه الكنوز وغض الطرف عن المشاكل والكوارث التي تتعرض لها هذه الكنوز لهو بمثابة الخيانة، «روزاليوسف» ترصد اليوم كارثة أثرية لا يجوز التعامل معها بالبيروقراطية الحكومية لأن الوقت لا ينتظرنا كثيرًا خاصة إذا ما عرفنا أنها تصيب وادي الملوك الزاخر بمقابر ملوك الدولة الحديثة منذ ما يقرب من 4 آلاف عام. المشكلة باختصار هي ارتفاع أعداد زائري المقابر المفتوحة في وادي الملوك والتي لا تزيد علي 6 مقابر أمام السائحين وعدم الالتزام بالعدد المحدد لكل مقبرة يوميًا والذي تحدده القرارات والقوانين ب300 سائح فقط، وهو ما يعرف بمعدل التردد علي الأثر لحمايته من تأثيراتها، العوامل البشرية إضافة إلي التصوير الذي يؤثر علي ألوان ونقوش هذه المقابر، فالصور التي حصلت عليها «روزاليوسف» لمقبرة «رمسيس الثالث» و«تحتمس الثالث» تؤكد بالدليل القاطع علي ما يحدث لهذه المقابر من انتهاك وتدمير وعشوائية فالمقبرة الواحدة يدخلها يوميًا الآلاف من السائحين وقد ظهر ذلك التأثير بشدة طبقًا لما يرويه ل«روزاليوسف» نبيل عاشور مرشد سياحي ألماني وهذا نص كلامه: أعمل مرشدًا سياحيًا في شركة ألمانية منذ واحد وعشرين عامًا.. أجوب بالسياح الألمان كل ربوع مصر علي مدار العام.. بتاريخ 12 أبريل الماضي كنت مصاحبًا لفوج في زيارة لوادي الملوك.. ولأن التعليمات منذ سنوات تمنع شرح المرشدين السائحين داخل المقابر، لمنع دخول أعداد كبيرة حفاظًا علي ألوان الرسومات، فلم أدخل تلك المقابر التي أحفظها عن ظهر قلب منذ سبع سنوات!!.. وفي ذلك اليوم وفي التاسعة صباحًا فوجئت بالآلاف من السياح، يدخلون مقبرتي رمسيس الثالث وتحتمس الثالث ذهلت للمصيبة!! كل مقبرة بها مئات السياح ومئات آخرون خارجها وإذا بالألوان قد بهتت بشدة عما تركتها عليه منذ سبع سنوات!! وإذا بالرطوبة تملأ المكان وسقف المقابر عليه قطرات ماء!! وبعض السياح يصورون بالتليفونات المحمولة مقابل يورو أو اثنين لخفير المقبرة!! وفي مقبرة تحتمس الثالث خرج السياح يكادون يختنقون وملابسهم مبتلة بالعرق.. النقوشات التي في متناول أيدي السياح يمرون بأيديهم عليها ولا يوجد زجاج يحميها!! مهزلة بكل المقاييس.. إن مقابر وادي الملوك هي أجمل وأرقي ما نملك ولا يوجد لها مثيل في العالم كله.. ويحق للسائح أن يدخل ثلاثًا منها فقط ب10 يورو.. بثمانين جنيهًا ندمر ما نملك!! كنت أقف ضمن ما لا يقل عن ثلاثمائة سائح داخل مقبرة رمسيس الثالث وأكاد أنفجر غيظًا. لماذا لا نقوم بإنشاء نماذج طبق الأصل من تلك المقابر في المنطقة أو بجوارها، وأيًا كانت التكلفة سنعوضها خلال عام! ونجعل دخول المقابر الأصلية ب150 و100 يورو لتقليل الأعداد، وب10 يورو للنماذج.. في شمال ألمانيا وفي متحف «هلدس هاين» يوجد نموذج طبق الأصل من مقبرة «ستي نيفر» وهي أشهر مقابر وادي العمال بدير المدينة بغرب الأقصر.. لماذا لا نقلدهم حفاظًا علي ثروة لا تقدر بمال؟ لقد زارنا العام الماضي 12 مليون سائح.. كلهم يحرصون علي زيارة الهرم ووادي الملوك والكرنك وأبو سنبل وفيلة! هل نعي الأرقام؟.. يا مسئولين سارعوا وأوقفوا تلك المهزلة. من المعروف أن وادي الملوك هو بمثابة مقبرة لفراعنة الدولة الحديثة إذ يوجد بهذا الوادي 27 منبرًا ملكيًا تعود لثلاث أسر فرعونية وهي الأسرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرون ويعتقد أن الوادي يضم علي أقل تقدير 30 قبرًا آخر لم يتم إنشاؤه حتي الآن.