خرج كعادته بعد صلاة العشاء ليلهو مع أصحابه أحمد ذو الجسد النحيف وصاحب العيون الصافية لم يتجاوز عمره التسع سنوات احتضنته أمه وكأن قلبها يشعر أنها النظرة الأخيرة لهذه الملامح التي تنطق بكل معاني البراءة قبل أن يشوهها كلب مسعور ليتوفي بعدها الطفل بخمسة أشهر ليترك وراءه أماً مفتورة القلب بل يترك قرية كفر الدغايدة مركز زفتي بالغربية بأكملها تعيش حالة من الرعب والخوف والارتباك بسبب انتشار الكلاب المسعورة في الشوارع اليوم ينتهي بالقرية مع غروب أشعة الشمس ومن يخرج بعدها قد يواجه الموت. خالد السعدني 44 سنة من أهالي الكفر أبدي قلقه الشديد علي أولاده الأربعة بسبب انتشار الكلاب الضالة والمسعورة منذ ما يقرب من 6 أشهر والتي تهاجم المواطنين في أي وقت ونباحها يستمر طوال الليل خاصة في منطقة المقابر وأطراف القرية وشوارعها حيث يتواجدون بأعداد كبيرة وأحجام متفاوتة. ويشير إلي أن الحياة أصبحت غير آمنة للجميع وأن الأهالي يخافون من السير في الشوارع لافتاً إلي أن عدداً من الأطفال تعرضوا لعض وهبش الكلاب مرات عديدة وتم إسعافهم لكن الطفل أحمد صابر لم ينج من عضة الكلب ووقت تشييع جثمانه تجمع أهالي القرية والقري المجاورة متعاطفين مع أهله لأن أيا من أبنائهم قد يكون مكان أحمد. ينتقد السعدني تجاهل المسئولين لمخاوف الأهالي وعدم العمل علي راحتهم وترك الكلاب تنهش في أجسادهم. أحمد صقر من أهالي كفر الدغايدة يؤكد أنه غير آمن علي حياته أو حياة أولاده وأحفاده في القرية بسبب الرعب الشديد الذي يعيشه الأهالي بعد وفاة طفل بعضة كلب مسعور حتي إن إقامة الأهالي أصبحت محددة حيث يلتزمون بيوتهم بعد صلاة المغرب من كل يوم. ويلفت إلي أن هناك طفلا آخر يدعي سمير علاء حبيب 9 سنوات عضه كلب آخر منذ شهر إلا أنه تم إسعافه وإنقاذه من الموت مشيراً إلي أن عدداً من مواطني القرية يربون هذه الكلاب لحراسة بيوتهم ومواشيهم ويتركونها في الشوارع لإلحاق الأذي والضرر بالمواطنين. ويقول ناصر الطويل 35 سنة من كفر الديب المجاور لكفر الدغايدة لدي طفلان أخاف عليهما لأن الكلاب قد تلتهمهما لينضما إلي قائمة الضحايا. ويوضح أن الضرر الناتج عن الكلاب لم يقتصر علي التهام البشر فقط بل يمتد إلي إتلاف الزراعات بشكل عشوائي خاصة في أماكن تجمعاتهم حيث تقتلع الزرع وتقضي عليه ويسببون خسائر كبيرة للفلاحين كما تحفر أنفاقا وحفرا بجوار جدران البيوت بشكل يعرضها للانهيار نتيجة تكرار ذلك وتنقل أكياس القمامة البلاستيكية من أماكن تجمعاتها لتتناثر في الشوارع والأراضي الزراعية. عبدالرءوف خالد 18 سنة من الأهالي يؤكد علي الخطر القائم علي الأهالي بشكل عام الأطفال بصفة خاصة لأنهم يتعاملون مع الحيوانات بطلاقة وعدم فهم لمخاطرها أو أضرار ذلك. ويهاجم المسئولين والجمعيات الأهلية من جميعات تنمية المجتمع والجمعيات الخيرية بسبب تكاسلها عن مكافحة هذا الخطر. توجهنا إلي منزل الطفل المتوفي «أحمد صابر الأحوق» وقابلنا والدته التي كانت علامات الأسي والحزن ترتسم علي وجهها منذ وفاة طفلها في أول أيام عيد الأضحي المبارك وجلست وسط ولديها مصطفي 7 سنوات وبسام 5 سنوات تقول: خرج أحمد بعد صلاة العشاء ليلهو مع أقرانه في الشارع ففوجئ الجميع بكلب ضخم يقفز عليه من الخلف ويوقعه علي الأرض ويعضه في جبهته بشكل شوهها بدءا من منبت شعره وحتي الحاجب ثم هرب وأطلق الجميع صراخا مدويا ظنا منهم بأن عينيه قد فقأت نتيجة الدم الذي أغرق وجهه، ونقلناه إلي مستشفي زفتي العام وتولي الطبيب خياطة الجرح واعطاءه مضادات حيوية، و5 حقن كجرعات لمصل الكلب علي مدار شهر رغم أنه كما هو معروف أن المصل يكون لمدة 21 حقنة. بعد 5 أسابيع من عقر الكلب لابني وخروجه من المستشفي ظهرت علي الطفل أعراض سخونة شديدة ونقلناه لمستشفي حميات زفتي واحتجزه الأطباء بدعوي اصابته بتسمم في الدم نتيجة عضة الكلب مؤكدين أن طبيب مستشفي زفتي العام الذي استقبل حالته في البداية أخطأ في علاجه حيث قام بخياطة الجرح دون تطهير. وتستطرد احتجز 7 أيام في المستشفي واشترينا له حقنة ب450 جنيها علي نفقتنا كان الطبيب المعالج قد طلب شراءها وتوفي بعدها بساعات، ورفض الأطباء الافصاح عن الطبيب المخطئ في المستشفي أو أن نخرج أحمد ليلقي العلاج في أي مستشفي آخر، واتصل طبيبان اسمهما «صفوت وطلعت» من المستشفي بوالد الطفل فور وفاته وطلبا منه دفن الجثة وأنهما سيساعدانه في استخراج تصريح الدفن بدلا من نقله إلي المشرحة في مركز السنطة القريب، وتم دفنه مساء يوم العيد وحررنا محضرا في مركز شرطة زفتي، بالاهمال الطبي وعندما ذهب مندوب الشرطة للمستشفي لمعرفة اسم الطبيب المخطئ فوجئ باختفاء التذكرة الطبية التي دون بها اسمه. .. وحررنا محضراً آخر ضد صاحب الكلب المدعو «محب عبدالحافظ» مدرس ألعاب بمدرسة طلبة السايح الإعدادية بالدغايدة وصاحب قاعة أفراح، والذي يربي عددا كبيرا من الكلاب لحراسته ويتركها في شوارع القرية. وتلفت أم الطفل المتوفي إلي ان آخرين بالقرية يربون من يوجد لديه أكثر من 20 كلبا خاصة تجار المواشي وأصحاب مراعي الأغنام والشون. تركنا «كفر الدغايدة» متوجهين إلي عصام هيكل - رئيس الوحدة المحلية لقرية نهطاي - للوقوف علي حقيقة وأبعاد الخطر الذي يواجهه الأهالي في القرية التابعة للوحدة المحلية التي يرأسها، فنفي وجود أية أخطاء حيث لم يبلع رسميا بوجود كلاب ضالة أو مسعورة أو عقرها لأحد أو موت طفل إلا أنه لم ينف احتمال ورود حالات مصابة إلي المستشفيات إلا أنها لم تبلغه بشيء حسب قوله. حسين نافع - رئيس مركز ومدينة زفتي - ألقي بالمسئولية علي الطب البيطري لأن مجلس المدينة يدفع لهم مقابل القضاء علي الكلاب الضالة في المنطقة مؤكدا أنه سيخاطب تلك الجهات بضرورة تكثيف حملاتهم للقضاء علي هذا الخطر الذي يواجهه المواطنون. وأشار إلي أن أي مواطن له الحرية في تربية الكلاب كيفما شاء إلا أن ذلك يكون داخل مسكنه ولا يتركها في الشوارع لالحاق الأذي بالمواطنين.