صدق حمدين صباحي نفسه واعتقد أنه مرشح للرئاسة رغم أنه غير مؤهل قانونًا لذلك، ومن ثم لم يصدق - حتي هذه اللحظة ومنذ أعلن انسحابه عصر يوم الانتخابات - أنه يمكن أن يسقط في تصويت نزيه. هناك فرق جوهري بين أن تكون لديك شهرة إعلامية وبين أن تكون قادراً علي حصد أصوات الناخبين.. شهرة الفنانة سميرة أحمد لا يمكن أن تعطيها مكانة في باب الشعرية.. وشهرة منير عبدالنور لا يمكن أن تتجاوز حقيقة أنه لم يزر جرجا منذ 30 سنة وأراد أن يصبح نائبًا عنها.. كما أنه ليس علينا أن نتجاهل أبداً أن مصطفي بكري قد صنع صخبًا سياسيا لصالح نفسه في الفترة الماضية، لكنه لم يصنع شيئًا لدائرته يقارن بقدرة الوزير سيد مشعل.. خصوصًا بعد إعادة تقسيم الدوائر بين حلوان والقاهرة. في مجلس الشعب الماضي عرفنا ظاهرة النواب الذين يمكن أن تصنفهم علي أنهم كانوا يمارسون السياسة بمنطق اتحادات الطلبة.. أكثر من كونهم يمارسون السياسة بمنطق البرلمان.. تمردات زاعقة.. وشتائم.. واعتراضات.. ومواقف مثيرة.. وأحاديث في الجرائد.. كل هذا يمكن قبوله في نقاشات اتحاد الطلبة.. لكنه لا يمكن أن يحقق المنافع للناخب من نائبه في مجلس الشعب. من هذه النماذج برز حمدين صباحي، ومصطفي بكري، وجمال زهران، وسعد عبود، ومحمد البلتاجي، والأخير كان مسئولا عن استعراض طلبة الإخوان العسكري في جامعة الأزهر بعد أسابيع من وصول الإخوان إلي 88 مقعداً في البرلمان.. وهو موقف سبب مشكلة كبيرة للتنظيم الذي ينتمي إليه، فما بالك بأصحاب الأصوات في دائرته؟ هناك فرق رهيب جدًا بين المكانة الفضائية وبين القدرة علي اجتذاب الأصوات.. وليس معني أن النائب يكون مشهورا أن هذا سوف يقوده فوق حصان أبيض إلي مقعد البرلمان.. وقد قال أحمد عز بصراحة يوم الأحد الساعة الرابعة عصرًا ردًا علي انسحاب حمدين صباحي: إن سبب انسحابه هو مؤشرات التصويت الكبيرة لصالح مرشح الوطني الذي بدل من صفته البرلمانية ليكون «فئات» بدلا من «عمال».. وحصد أصوات الحامول في مقابل أصوات البرلس التي يمكن أن يحصل عليها حمدين صباحي.. وأصوات الحامول أكبر. وقد أثير جدل كبير حول هذه الدائرة بسبب بعض الشائعات التي أطلقت علي طريقة انتخابات اتحادات الطلبة.. يوم الاثنين.. وقيل إن حمدين صباحي رغم انسحابه سوف يخوض جولة الإعادة.. وقيل إن أمين التنظيم أحمد عز سافر خصيصًا من أجل تعديل هذا الموقف.. وكان عز نائمًا في بيته يعاني من مغص معوي بسيط وإرهاق شديد من يوم الانتخابات.. ولم يقل أحد رسميا علي الإطلاق إن حمدين صباحي سوف يخوض الانتخابات بالإعادة. سقط حمدين كما سقط مصطفي بكري الذي قال يوم الانتخابات إنه يعتصم فوق صندوقين.. بينما في الدائرة عشرات من الصناديق المعتمرة بأصوات ذهبت من عمال المصانع إلي سيد مشعل.. حيث يوجد ما لا يقل عن 12 ألف صوت لدي الوزير.. وهذه بدورها تصرفات غريبة من مرشح لمقعد برلماني يتصرف بطريقة لافتة وغير ناضجة.. وصولا إلي إعلان إصابة بكري بحالة إغماء.. وهو موقف تكرر منه من قبل في مرات مختلفة. وفي المقابل ماذا قدم جمال زهران لدائرته غير أنه كان صوت الشتائم الموجهة للحكومة وللمحافظ في مجلس الشعب وبرامج التليفزيون.. وما الإضافة التي قدمها سعد عبود في مواجهة منافسة شرسة.. وهل الزعيق هو الذي يؤدي إلي صنع مقومات نائب برلماني حقيقي، أم أن هناك أموراً أكثر تعقيدا يفترض فيها أن تكون موجودة وتنمو من مرحلة إلي أخري؟! إن أفضل ما جري في هذه الانتخابات هو أنها قدمت حتي الآن عددًا مهمًا من نواب البرلمان الحقيقيين وأخرجت نواب اتحاد الطلبة. الموقع الإلكترونى : www.abkamal.net البريد الإلكترونى : [email protected]