جاء انسحاب السودان من جميع اجتماعات القمة الأفريقية الأوروبية وعلي النحو الذي أعلنه وزير خارجيتها علي كرتي في اجتماعات وزراء الخارجية التحضيرية ليكون أولي مفاجآت القمة التي تستضيفها العاصمة الليبية طرابلس.. وجاء مشهد الانسحاب في الجلسة المغلقة من اجتماعات الوزراء عندما طلب الوزير كرتي الكلمة ليلقي بياناً يندد فيه بالضغوط الغربية التي تمارس في حق السودان معلنا في النهاية أن بلاده قررت الانسحاب حفاظا علي المصلحة الافريقية وغادر القاعة.. ليجتمع مع وزير الخارجية أحمد أبوالغيط لمدة نصف الساعة وبعد هذه المشاورات قال وزير الخارجية السوداني في تصريحات صحفية إن السودان أول دولة أفريقية نالت استقلالها في إقليمجنوب الصحراء من الاستعمار الأوروبي، وكان أول دولة وقفت وساندت جميع حركات التحرر الأفريقية حتي نالت كثير من الدول الأفريقية استقلالها بمساندة سودانية، مضيفا: إن السودان هو الذي جمع أفريقيا في الموقف الذي سانده ويعرب عن شكره للدول الأفريقية والجماهيرية الليبية علي كل المواقف المساندة له. وتابع : ولكن هذه الضغوط الأوروبية التي تمارس حاليا علي الدول الأفريقية هي التي أملت علينا موقف الانسحاب من المشاركة في القمة، مؤكدا أن السودان لا يريد أن يفسد القمة بالنسبة لإخواننا الأفارقة، لذلك قررنا أنه مادام الرئيس البشير لن يشارك في القمة فلن تشارك الخرطوم في أي مستوي من مستوياتها. وردا علي سؤال حول موقف الاتحاد الأفريقية من قرار انسحاب السودان من القمة، أكد وزير الخارجية السوداني أن الاتحاد الافريقي ليس طرفا في الدعوة إلي القمة، مشيراً إلي أن إعلانات القمة تطرح ما بين الدول الأفريقية والاتحاد الأوروبي ولهذا السبب فإن الاتحاد الأفريقي ليس طرفا في هذه المشكلة. وقال: إن الاتحاد الافريقي يساند السودان في موقفه ليس لدينا شك في ذلك، وقد تشاورنا مع الاتحاد الأفريقي في هذا الشأن وأوضحنا له أن القرار السوداني سيكون في صالح تقوية الموقف الأفريقي. وردا علي سؤال حول السبب وراء انسحاب الخرطوم من هذه القمة بالرغم من مشاركتها السابقة في قمة أفريقيا فرنسا والتي تتشابه مع القمة الحالية في نفس الظروف، قال علي كرتي: إن هذه المرة تم تقديم دعوة رسمية للرئيس البشير للمشاركة في القمة، وبعد أن وصلتنا الدعوة وتم التشاور حولها قرر الرئيس البشير المشاركة وفوجئنا بهذه الضغوط الأوروبية علي الدول الأفريقية ولذلك فإن ظروف القمة الحالية تختلف علي قمة أفريقيا فرنسا. وأكد وزير الخارجية السوداني أن هذا الأمر يتم بالتشاور مع ليبيا وليس بعيدا عنها. ورداً علي سؤال حول ما إذا كانت مقاطعة السودان للقمة تشمل حكومة جنوب السودان، قال علي كرتي: إن قيادة السودان تتمثل في رئيس الجمهورية أو من يفوضه حتي لو كان علي مستوي السفير، وشدد علي أن القمة الأفريقية الأوروبية لن تشهد حضورا سودانيا رسميا سواء من الشمال أو الجنوب بتفويض من الرئيس البشير. وردا علي سؤال حول المشاورات التي عقدها مع أحمد أبوالغيط وزير الخارجية، قال علي كرتي: لقد تشاورنا حول الأوضاع في السودان والدور الذي يمكن أن تقوم به مصر والمساهمة التي تتم حاليا من جانب المسئولين المصريين في التحرك ما بين شمال وجنوب السودان من أجل إقرار السلام والتأكد من أن استفتاء حق تقرير المصير بالنسبة لجنوب السودان يتم وفق ما هو مخطط له، مشيرا إلي وجود اتفاق تام في الرؤي بين القاهرةوالخرطوم بشأن التحرك المصري فيما يخص السلام في السودان. وردا علي سؤال حول أسباب إعلان انسحاب السودان من القمة من طرابلس بدلا من الخرطوم خاصة أن هذه الضغوط الأوروبية ليست جديدة، أكد وزير الخارجية السوداني علي كرتي أن إعلان الانسحاب صدر من طرابلس حتي لا نتسبب في احراج الجانب الليبي. في حين عقب أبوالغيط، قائلا انه تحدث مع وزير خارجية السودان علي كرتي وتفهم الاعتبارات التي فرضت علي السودان اتخاذ هذا الموقف. ومن ناحية أخري وحول مجريات عمل القمة قال السفير حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية: إن هناك خطتي عمل صدرتا عن القمتين الافريقية الاوروبية السابقتين وأن القمة الحالية في طرابلس سوف يصدر عنها إعلان طرابلس وخطة العمل، مشيرا إلي أن خطة العمل الافريقية الاوروبية بها جوانب كثيرة إيجابية لا بأس بها ومن الممكن أن تكون مفيدة لافريقيا بشكل عام. قال إن هذا الامر يتوقف علي التزام الشركاء الأوروبيين بتعهداتهم في دعم أفريقيا ودعم المجالات التي تنص عليها خطة العمل. وردا علي سؤال حول مسألة الاتفاقات التجارية بين الجانبين، قال زكي إن هذا الأمر مهم للغاية ولكنه خارج إطار القمة التي تناقش موضوعات واضحة ومحددة وهي كافية وتغطي مناحي كثيرة جدا وأن موضوع الاتفاقات التجارية من الممكن أن يتم بحثه في محافل أخري. وحول موقف مصر من الاشتراطات الأوروبية تجاه الدول الأفريقية لتقديم مساعدات لها، قال إنه في فترة من الفترات كانت مسائل حقوق الانسان والديمقراطية كانت بالفعل ينظر اليها باعتبارها اشتراطات لتوفير الدعم، مشيرا إلي أنه بمرور الوقت أصبح هناك ادراكا ووعيا من الجميع أن هذه الأمور هي من صالح الشعوب ويجب ألا تكون مفروضة أبدا من الخارج وأن تكون نابعة من داخل كل مجتمع، مؤكدا أن هذه الأمور طالما أنها نابعة من المجتمع فلا مجال لربطها بالمساعدات الخارجية. أضاف أن المساعدات الخارجية من وجهة النظر المصرية يجب ألا تكون مشروطة وإذا كانت هناك مشروطية اقتصادية فهذا أمر طبيعي أما المشروطيات الأخري فنحن ضدها ولكن نري بالفعل أن العديد من المجتمعات الافريقية تتجه نحو الاهتمام بهذه الموضوعات التي كانت في السابق تعد من المشروطيات الآن أصبحت من متطلبات المجتمعات والتي تنبع من داخلها ولا تفرض من خارجها.