كتب - إريك فوتورينو ستكشف الأيام القادمة ما إذا كان قرار ساركوزي حركة سياسية بارعة أم اعترافاً بالضعف. فقد كان إعلان استمرار فرانسوا فيون رئيسا للوزراء في ال 14 من نوفمبر الجاري بمثابة نهاية لمعركة طويلة وفريدة من نوعها علي ماتينيون (مقر رئاسة الوزراء الفرنسي) قادها رئيس الجمهورية بحثا عن "الإيقاع المناسب". ويبدو أن المقولة الشهيرة في رواية الفهد "إن كل شيء يتغير حتي لا يتغير شيء" قد تحققت بالعكس : لا شيء يتغير اليوم في انتظار أن يتغير كل شيء في المستقبل، بعد 18 شهرا عندما يرشح نيكولا ساركوزي نفسه، "خلفا لنفسه" شريطة أن يستعيد تأييد الرأي العام. إلا أن النهج الذي ينتهجه ساركوزي راديكالي إن لم يكن قاتلاً فهو يذكرنا بالعلاقة الشائكة في السياسة بين الغايات و الوسائل. فها هو يزيح حزب الوسط بتخليه عن وزير البيئة السابق جون لوي بارلو الذي كان مرشحاً بقوة لرئاسة الوزراء، ويتخلي عن التنوع في وزارته بعد إبعاد الوزيرة راما ياد سنغالية الأصل وفاضلة عمارة جزائرية الأصل، ويستغني عن الانفتاح الذي كان يجسده وزير الخارجية السابق برنار كوشنار. وقد أعاد ساركوزي استدعاء "حرسه الإمبراطوري" وعلي رأسهم صاحب الفكر الديجولي المتشدد ألان جوبيه الذي تولي حقيبة وزارة الدفاع. ولا شك أن الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة 2012 قد بدأت بالفعل وبسيناريو لم يكن ساركوزي ليتخيل أن يكتبه مع فرنسوا فيون خاصة بعد هزيمة حزبه المدوية في الانتخابات المحلية في الربيع الماضي. لكن المفاجأة في هذه "المفاجأة المتوقعة" لها بعدان: الأول أن فترة الولاية، خمس سنوات، هي فترة قصيرة وقد أدرك رئيس الجمهورية ضرورة الترابط بل التماسك بين كل أطراف اليمين. أما فرانسوا فيون فقد اقتنع أخيرا أن فترة الخمس سنوات يجب لعبها علي مرحلة واحدة، "في نَفَس واحد" تجنبا ل"المشاكل الفنية". أما البعد الآخر فهو مفهوم القوي والضعيف. فضعيف الأمس،رئيس الوزراء فرانسوا فيون الذي كان مهددا بفقدان منصبه ، أصبح قوياً اليوم بدعم من نواب كتلته البرلمانية بل الرأي العام أيضا. وهنا يكمن رهان نيكولا ساركوزي الخطير أو قد تكون فرصته الذهبية: الاعتماد علي رئيس وزراء ذي شعبية واسعة، مطبقا بذلك نظرية كلاسيكية جدا وهي جعل ساكن قصر ماتينيون (رئيس الوزراء) هو المُعرض للصدمات واستطلاعات الرأي في حين يكون الرئيس في مكان أعلي وأبعد. هذا بالإضافة إلي الاعتماد علي مجموعة من الوزراء الأكفاء ذوي الخبرة السياسية لوضع استراتيجية إعادة غزو الإليزيه مجددا. إلا أن هذه الحسابات لا تبدو رابحة خاصة مع التصريحات التي ألقاها فرانسوا فيون عن السياسة الجديدة التي سينتهجها والتي تؤكد أنه لن يترك ساركوزي يعامله علي أنه مجرد معاون له. إلا أن هذا التعديل الوزاري الأخير وإن بدا فاشلا فلا يجب علي الاشتراكيين أن يركنوا لذلك. وقد اظهرت الخلافات، التي اندلعت الأسبوع الماضي بين احزاب اليسار حول نص مشروع قانون المساواة ومنع التفرقة، أن المعارضة في حاجة لتأكيد ذاتها. لكن لا شيء يؤكد أن الخطة التي وضعها ساركوزي لن تنقلب ضده إلا أنه قد أطلق التحدي وعلي اليسار أن يقبله دون تأخير. مدير تحرير صحيفة لوموند اليومية نقلا عن صحيفة لوموند ترجمة هالة عبد التواب