كتب : د فتحى الشرقاوى مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في نهايات هذا الشهر.. يبدأ المرشحون في النزول إلي دوائرهم الانتخابية.. سواء كانوا علي قوائم الأحزاب أو كمستقلين.. الأمر الذي يدفعنا إلي التساؤل: هل يعلم الجميع أن التخطيط للحملات الانتخابية أصبح علمًا يدرس، وله أصوله وقواعده؟ الاجابة قطعًا سنجدها من خلال الرصد المبدئي للإعلانات في الشوارع والدوائر الانتخابية.. حيث يصبح للعشوائية اليد العليا في سبيل الإعلان والدعايا.. من هنا إذا كنا ننشد التطوير في كل جنبات حياتنا، فلم لا نأخذ بتلك القواعد العلمية في عملية التخطيط والتنفيذ والمتابعة والمقال التالي سيعرض في عجالة للأسس العامة للحملات الانتخابية، تاركين لكل مرشح امكانية تحويل تلك الأسس إلي إجراءات فعلية علي أرض الواقع. أولا: وضوح البرنامج الانتخابي: من المؤكد أن أول خطوة في سبيل حملة انتخابية ناجحة هو وضوح البرنامج الانتخابي الذي ينوي المرشح عرضه علي الناخبين من أجل استمالتهم لحملته، من ثم التصويت لصالحه.. وهذا البرنامج الانتخابي لابد أن يتضمن مشروعات وأهدافاً إجرائية قابلة للتنفيذ من خلال مسح أولي لاحتياجات الناخبين «لأن الفرد دائما ما يميل إلي التعاطف مع الذين يرغبون في تقديم النفع له.. لذا علي المرشحين ضرورة التأني في وضع ذلك البرنامج بما يتفق وقدرته علي الوفاء بتحقيقه» من هنا ينبغي الابتعاد عن السقف العالي للأهداف بما لا يتاح له امكانية التنفيذ، حتي لا يتحول المرشح في النهاية إلي مجرد دعايا ووعود غير قابلة للتنفيذ.. كذلك لابد من صياغة تلك الأهداف بأسلوب يتناسب مع الخصائص المميزة لجمهور الناخبين في تضمن استيعابهم لها وقدرتهم علي التعاطف معها، ومن ثم ضمان التصويت لهذه الأهداف فمن الصعب مثلاً أن يتضمن برنامج انتخابي موجه إلي قاعدة عريضة من الأميين لإحداث الحراك السياسي «في المجتمع». ثانيا: الإعلان عن البرنامج الانتخابي بعد انتهاء المرشح من تحديد الأبعاد العامة التفصيلية لبرنامجه الانتخابي تأتي مرحلة إعلانه علي الناخبين أي في صورة مكتوبة أو خلال لقاءات الوجه وجه.. لا من خلال الإعلانات.. وهذه المرحلة تعد غاية في الأهمية.. لأن المرشح يقدم نفسه للناخبين بوصفه المسئول عن تنفيذ البرنامج لذا لابد أن يكون مهيئًا معرفيا وسلوكيا بكيفية العرض والاستماع للآخر.. والاقناع - الاقتناع.. والتواصل اللفظي مع جمهور الناخبين.. وتتضمن هذه الخطوة. «أ» عدم الالتفات إلي برامج الآخرين والسعي لتسخيفها والاقلال منها.. بقدر التركيز علي البرنامج الانتخابي الذي يقدمه المرشح.. لأن الانشغال بالآخر سيؤدي إلي تقليص مساحة عرض البرنامج مما يأتي بنتائج عكسية فقم بالدفاع عن برنامجك.. ولا تدع الآخر يدفعك إلي دائرته وبالطريقة التي يستهدفها. «ب» كن بسيطًا في اقناعك للآخرين، مبتعدًا عن الغموض وعدم الوضوح في عرضك للأفكار. «ح» قل «لا استطيع».. إذا تمت مطالبتك بأهداف تعلو سطح طموحاتك وبرنامجك الانتخابي.. فمن الايجابية الاعتراف بعدم القدرة علي تحقيق هدف لا يتناسب مع قدراتك المحدودة.. هنا سيحترمك الناخب ويقدرك. «د» حول أفكارك إلي أهداف إجرائية «مشروعات».. لأن الناخب يميل إلي الأفكار العيانية أكثر من ميلهم إلي الأفكار التجريدية فبدلاً من كتابة «من أجل بيئة نظيفة» قل من أجل إنشاء حديقة عامة.. أو من أجل القضاء علي ظاهرة حرق الأرز.. ألخ. «ه» اظهر للناخبين أن الاختلاف في الرأي.. لا يؤدي إلي العداء دائما وإنما إلي الائتلاف والتكامل.. وبالتالي عليك باظهار اتجاهك المحايد تجاه مخالفين لك، مع التأكيد أنك تمتلك ما لا يمتلكون وخدماتك ستكون أعمق وأكثر كفاءة مما يقدمون، مع عدم الميل إلي تشويههم والانتقاص من قدرهم. ثالثًا: رصد نتائج الحملة الانتخابية قبل التصويت الفعلي إذا كنا في مصر نفتقد بيوتات استطلاعات الرأي أسوة بالمجتمع الغربي فإن في مقدور المرشح التعرف علي الملامح العامة لحملته الانتخابية بين القبول والرفض.. ومن ثم عليه أن يلجأ إلي التعديل والحذف والاضافة في أساليب الدعايا مما يتفق والمؤشرات المستخلصة «التغذية الرجعية» فمن الصعوبة الاستمرار في أسلوب معين لاقناع الناخب لن يأتي بالنتائج المرجوة.. كل ذلك في إطار الالتزام بالمعايير والمحددات المرجعية المنصوص عليها قانونًا، وكذلك المعايير الأخلاقية للمجتمع. لاشك أن المراحل الثلاث السابقة تمثل الاطار العام.. الذي يتضمن بدوره العديد من العناصر الفرعية تحت كل منها.. علي كل مرشح التحرك من خلالها بما لا يخل بالقواعد المتعارف عليها