تعجبت قليلا وليس كثيرا عندما قرأت مقالة أو ما يشبه تحقيق صحفي في الجريدة الأمريكية الكبري «نيويورك تايمز» بتاريخ 14 نوفمبر هذا العام عن تصنيف الجامعات كان الصحفي المعني وهو السيد «د. جتنبلان» اتصل بي من باريس ليستفسر عن رأيي في هذا الموضوع وشعرت في البداية أنها مصيدة صحفية من النوع الذي يشعرك أولا إنك في منزلك بين أصدقاء وأحباب وفجأة تجد أن «البيت ليس بيتك» وإنما «بيت» بياعي الكلام ومهرجي الإعلام ولكن بعد تفكير كان ردي علي الصحفي المعني كتابة وليس علي الهاتف كما كان يريد. أخبرته أن كل هذه التصنيفات الجامعية ليست أكثر من دعاية ولا قيمة لها بتاتا للدول النامية وكذلك شرحت له أن هناك قضية مرفوعة مني علي المجلة العلمية «ناتشر» وأوضحت له حقيقة الأمر بالنسبة لجامعة الإسكندرية التي يبدو أنها كانت السبب الأساسي غير المعلن بوضوح عن اتصاله بي. اقنعت نفسي بعد ذلك أن السيد «جتنبلان» لن يكتب المقالة وإذا كتبها فسوف يكون منصفاً لجامعة الإسكندرية ولي شخصيا. كان سبب هذا الاعتقاد هو طبعي أن أنظر للأشياء علي أن «بعض الظن آثم» وكذلك لأن الصحفي اتصل بي أولا وأعطاني مهلة للرد وعندما أخبرته أنني عامة لا أحب الصحفيين الانتهازيين والذين لا ضمير لهم كان رده مؤدباً ويدعو إلي الثقة. لذلك خاب أملي عندما وجدت أنه نشر مقاله لم تكن للحق عدائية ولكن لم يكن فيها أي انصاف واضح لجامعة الإسكندرية ناهيك عن عدم توخي الدقة لا في المعلومات ولا في طريقة التعبير عن المعلومات. الحقيقة يمكن القول إن ما يقال عن أن حصول جامعة الإسكندرية علي المركز المرموق في التصنيف المعني وهو المركز «174» بسبب انتمائي الشرفي لجامعة الإسكندرية بكلية العلوم - قسم الطبيعة- الشعبة النظرية هو ضرب من الهراء والتهريج الرخيص للأسباب الواضحة التي سوف أشرحها أكثر في هذا المقال وعسي أن يفقهوا المقالة تدعي أن عدد أبحاثي هو 320 بحثا وأن هذا غّير ميزان القوي لصالح جامعة الإسكندرية وهو شيء غير مقبول عامة أن تصنف جامعة تصنيفاً مرتفعاً نتيجة للمجهود العلمي في الأبحاث المنشورة لشخص واحد. الحقيقة بالطبع مختلفة عن ذلك تماما، لقد نشرت في حياتي ما يقرب من ألف مقالة علمية وأدبية وفلسفية، من هذه المقالات هناك ما يقرب من 600 مقالة علمية ومن هذا العدد هناك ربما النصف في العلوم الهندسية والميكانيكا والرياضيات التطبيقية والباقي في علوم علي اتصال بميكانيكا الكم ونظرية توحيد القوي وطبيعة الطاقات العليا، بالإضافة للعلوم النووية وهندسة المفاعلات وكذلك تقنية «النانو». إذا هناك علي أقصي تقدير 300 بحث نشرتها في الطبيعة في العشرين سنة الأخيرة تقريبا وهي المدة التي تحولت فيها من الهندسة والعلوم الهندسية إلي علوم الطبيعة النظرية علما أنني أساسا مهندس ولم تكن الطبيعة أو الرياضيات سوي إحدي هواياتي وإن كانت أهم وأحب هواياتي إلي نفسي خصوصا بعد أن قررت التقاعد من عملي الأساسي في سن الأربعين تقريبا وهو تقاعد مبكر نسبيا بالمقارنة لأغلب زملائي الكرام. 300 بحث في حوالي 20 سنة هذا يعني ليس أكثر من 15 بحثاً في العام أي بحث أو علي أقصي تقدير بحثين في الشهر وهذا معدل فوق المتوسط في الشرق الأوسط بسبب الظروف المعروفة لأغلب الجامعات هنا ولكنه معدل عادي أو حتي أقل كثيرا من العادي بالنسبة للدول الأوروبية المتقدمة وطبعا بالنسبة للولايات المتحدة واليابان. ونكمل غدا