النوع الأول: الرسالات العامة المفصلة المركزية الكبري: الرسالة العامة المفصلة المركزية الكبري هي: رسالة جديدة عامة كاملة شاملة أوحي الله بها، وميزها عن غيرها من الرسالات، فهي تقوم علي خصائص أربع هي: 1- تأتي الرسالة الجديدة العامة المفصلة المركزية الكبري في وقت قد اندثرت فيه الرسالات السابقة، بمعني أن الرسالات السابقة لها قد ضاع مضمونها الحقيقي، وتم تحريف هدفها الأساسي، وبهتت ملامحها الأصلية، وتحولت إلي حزمة من العقائد والشعائر الوثنية التي لا تمت بصلة لأصل الرسالة الحقيقية، ولا بمضمونها الأساسي، ولا بملامحها الأصلية. وعند حدوث ذلك يبعث الله إلي الناس برسالة جديدة عامة مفصلة مركزية كبري. 2- الرسالة العامة المفصلة المركزي الكبري أوحي الله بها إلي رسول، والرسول هو: شخص عادي من الناس، لم يكن نبيا قبل أن يأتيه الوحي، إنما حصل علي رفعة منزلة النبوة بعد الرسالة. وسوف أوضح الفرق بين النبوة والرسالة في دراسة أخري قريبا بعنوان: (الأنبياء والرسل مخيرون وليسوا مسيرين). 3- تتوجه الرسالة المركزية الكبري لأكبر عدد ممكن من القري ومن الناس، ولا تقتصر علي قوم بعينه، أو أناس بأعينهم، بل يبعث الله رسوله بالرسالة المركزية الكبري في أكبر القري عددا وأكثرها سكانا من الناس، وأكبرها مقصدا وزيارة وتوجها إليها، أو وفق التعبير القرآني، يبعثه في (أم القري)، قال تعالي: (وما كان ربك مهلك القري حتي يبعث في أمها رسولا)«59- القصص».. فمن خلال دراسة قصص الأنبياء والمرسلين في القرآن الكريم، نجد أن الله قد بعث رسولا برسالة عامة مفصلة مركزية كبري في مجموعة كبيرة ممتدة من القري، ولم يبعثه في قرية تلو أخري، إنما يبعثه في (أم القري)، ومسمي (أم القري) هذا ليس مقصودا به (مكةالمكرمة) فقط، وإنما هو مسمي يطلق علي أشهر القري وأكبرها عددا وأكثرها مقصدا وزيارة، أي أصل القري ومرجعها، أو ما نطلق عليها الآن مسمي (العاصمة)، كمكة التي سماها الله حين نزول القرآن بأم القري في منطقة الجزيرة العربية ومن حولها، قال تعالي: (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القري ومن حولها) (7-الشوري)، لأن مكة وقتها كانت أكبر القري في تلك المنطقة، وأشهرها وأكثرها مقصدا للحجيج والتجار والزائرين وذوي الحاجات. إذن الرسالات المركزية الكبري قد أوحي الله بها في قرية هي عاصمة جامعة لعدد كبير من القري والمدن من حولها، وهي ما عبر عنه القرآن بمسمي (أم القري). 4- تأتي الرسالات العامة المركزية الكبري في كتاب مخطوط مقروء، وذلك الكتاب قد يأتي في صحف، أو ألواح، أو مجموعة رسالات مخطوطة. وقبل أن نسترسل في موضوع هذه الدراسة، لابد أن نفرق بين دلالتين لكلمتي (كتاب) و(كتابة): الأول: مفهوم خاطئ يفهمه معظم الناس، والثاني: مفهوم صواب وهو ما نعتمده في هذه الدراسة، المفهوم الخاطئ لكلمتي كتاب وكتابة والذي يعتقده معظم الناس، أن كلمة كتاب تعني مجموعة الأوراق المخطوطة حول موضوع معين من الموضوعات العلمية أو غيرها من الموضوعات، وهذا مفهوم خاطئ يعتنقه معظم الناس، أما المفهوم الصحيح لكلمة كتاب هو: من (كتب) ومعني كتب أي جمع بين شيئين أو أكثر، إذن معني كتاب هو عدة موضوعات مختلفة ومتنوعة تم جمع بعضها إلي بعض، سواء كان الكتاب مخطوطا في أوراق، أو محفوظا في الذاكرة، وفي كلتا الحالتين تسمي هذه الموضوعات المجموع بعضها إلي بعض ب(كتاب)، هذا هو المفهوم الصواب لكلمة كتاب وفق لسان قوم الرسول الذي نزل به القرآن الكريم، أما عملية الخط والتي يطلق الناس عيها خطأ مصطلح (كتابة)، فالمسمي الأصلي لها هو كلمة (خط) والخط هو الأثر الممتد امتدادا لتثبيت شيء ما والدلالة عليه، إذن فالخط غير الكتابة، أما الكتابة فهي عملية جمع موضوعات متعددة سواء تم خطها علي الورق، أو لم تخط علي الورق، والذي يدل علي ذلك قوله تعالي: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون) «48- العنكبوت».. فقال سبحانه تخطه بيمينك ولم يقل تكتبه بيمينك. أما الكاتب فكلمة تطلق علي الشخص المتخصص في جمع الموضوعات المتعلقة بأمر ما، ثم يقوم بخطها علي الورق، فهذا الشخص يسمي (كاتب)، ومن ذلك أيضا نتبين معني قوله تعالي عن الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله، أي أن رجال الدين الذين يقومون باختلاق موضوعات دينية سواء خطوها أو لم يخطوها، ثم يقولون للناس هذا كتاب من عند الله.