هل هي أموال مخدرات أم من إيران؟ يطلع الجهاز المركزي للمحاسبات علي جميع دفاتر الأحزاب القانونية.. كم جنيهاً دخل وكم جنيهاً انصرف.. ما هي مصادر الأموال وكيف يتم التعامل بها.. ومن المتداول علناً أن حزب الأغلبية يبادر إلي إرسال دفاتره للجهاز فيراقبها ويصدر شهادات بشأنها وبمدي شفافيتها. في اليومين الأخيرين عاد سؤال (أموال الإخوان) بكثافة مجدداً.. قرأت مقالات وشاهدت برامج وطالعت حوارات طرح فيها من لا ينتمون للحزب الوطني أسئلة بخصوص هذه الأموال الإخوانية الغامضة.. التي لا يعرف أحد ما هي مصادرها ولا ما هي طريقة إنفاقها.. ولا ما هي الضوابط التي تخضع لها.. وقد قال زميلنا سعيد شعيب مدير مركز (صحفيون متحدون) في برنامج (مانشيت) الذي يقدمه الأستاذ جابر القرموطي: أريد أن أعرف راتب المرشد العام محمد بديع، وكتب الأستاذ محمد طعيمة في جريدة العربي الناصري متسائلاً عن الخلافات الحادة حول أموال المرحوم محمد هلال بين الجماعة وورثته البنات. من المفهوم، وغير المقبول، أن أي تنظيم سري لن يكشف مصادر أمواله، وإلا ما كان سرياً، ومن المتوقع من أي كيان محظور أن يبقي هذه التصرفات طي الكتمان.. لأنه لا يريد من أحد أن يعرف ما الذي يجري في غياهبه وغاباته.. من يغبن ومن يغبن.. ومن يأخذ ومن يعطي.. لكن السؤال يبقي مطروحاً بلا إجابة: كيف يمكن أن يتصدي كل أولئك الناس المنضوين تحت الجماعة المحظورة للعمل العام ونحن لا نعرف من أين يمولون أنفسهم وكيف ينفقون الأموال؟ أهي أموال مصرية؟ لو كانت كذلك فما الذي يمنع تداول المعلومات بشأنها.. أهي أموال مصرية آتية من الخارج ؟ لو كانت كذلك.. من الذي يضمن مصريتها وما هي قنواتها ومن الذي قدمها ولماذا؟ وفوق كل ذلك لماذا تبقي غامضة وسرية.. أهي أموال أجنبية؟ هل يأتي بعضها من إيران.. هل يأتي بعضها من غيرها.. وهل وقتها تكون أموالاً نظيفة.. أم أنها أموال مكلفة بمهمات تدميرية ضد مصالح البلد ومواطنيه؟ إن معرفة مصدر المال يحدد توجهاته.. كما أن الكشف عن طرق صرفه يعطي الفرصة للحكم علي مدي نزاهة المتصرفين فيه.. وقد يقول الإخوان إنها تبرعات وإعانات.. حسناً.. وما المانع.. ولكن السؤال هو: هل من حق الجماعة، وهي محظورة بالقانون، أن تتلقي التبرعات وأن تتحصل الإعانات.. أي جمعية قانونية تتلقي التمويل والتبرع والإعانة يكون هذا معلنًا في دفاترها ومكشوفاً للرائح والآتي.. ومن ثم يمكن أن نحكم علي طبيعة قراراتها وأنشطتها.. وتحصل علي الحق بجمع المال في إطار من القانون.. الإخوان ليسوا كذلك. إن ما يجعل لهذه القضية أهميتها القصوي أكثر من أمر: • أولاً- إن مجموعة من قيادات الإخوان قد اتهمت وحوكمت قبل سنوات في قضية غسيل أموال.. وأدينت.. ما يعني أن هناك مساراً للأموال القذرة غير معلومة المصدر.. بل التي يقوم الإخوان بعملية تنظيف لها من خلال شركاتهم.. وهذا كلام خطير جداً لا أعتقد أن أحداً قد قبله من أولئك الذين يقولون إن أيديهم متوضئة وطاهرة. • ثانياً- إن الجماعة تتصدي للعمل العام رغم عدم قانونيتها، وهي بخلاف افتقادها للشرط القانوني للعمل السياسي، فإنها تفتقد كذلك لشروط إضافية واجبة.. منها أن تفصح عما لديها.. وأن تقول للناس ماذا في خزائنها.. وأن نعرف أن تلك أموال من مصر وليست من غيرها.. وأنها ليست آتية من بلاد تعادي مصالح مصر.. وتعمل ضدها. • ثالثاً- إن كثيراً من تلك الأموال إنما تأتي من خلال تبرعات يقدمها مواطنون عاديون غير منضمين للإخوان من أجل أعمال خيرية ودينية تقوم بها جمعيات أو جهات إسلامية يتولي شئونها مجموعة من أعضاء الإخوان.. ما يعني أن هناك تدليساً أكيداً علي المواطن العادي.. الذي يدفع من أجل بناء جامع أو من أجل إعانة محتاج.. ثم لا يعرف أن تلك الأموال قد استخدمت لصالح عمل سياسي وسري وتنظيمي بل الإنفاق علي رواتب وثروات بعض قيادات جماعة غير قانونية. إن من المهم هنا الإشارة إلي أمر حيوي جداً، وهو أن لدي جماعة الإخوان فتاوي تبيح الاستيلاء علي أموال تبرعات لصالح القيام بأعمال لم تكن قد قدمت لها.. كما أن هناك كيانات تتبع بعض النقابات وجمعيات ذات صفة خيرية تتقدم للناس طلباً للإعانات سواء من أجل فلسطين أو أفغانستان أو حتي ضحايا فيضان باكستان.. وحين يتم جمع الملايين من الناس بحسن نية فإنها تذهب إلي غير ما جمعت من أجله ولا رقيب أو حسيب. • رابعاً- إن من المعروف عن جماعة الإخوان أنها تعطي أموالاً طائلة لبعض من فيها، بحيث إنهم يستثمرونها في مشروعات تجارية بأسمائهم، ويقتسم هؤلاء الأرباح مع الجماعة.. وتحدث - وقد حدثت - مشكلات كثيرة بشأن طريقة التصرف في تلك الأموال.. لأن بعض القياديين في الجماعة والمستثمرين إنما يجدون أنهم بذلوا جهدًا يعطيهم الحق في أن يحصلوا علي النصيب الأكبر من المال.. أو أنهم يأكلون المال كله فلا يذهب إلي الجماعة.. أو أن تستولي الجماعة عليه كله وتؤممه وتحجبه عن عائلته.. وفي كل الأحوال لا يوجد أي ضامن بأن أي تصرف مالي في أموال بالملايين هو سليم أو يخضع لأي تدقيق. إن عديداً من هذه الأموال تقوم بها مشروعات لشركات ملابس أو حاسبات آلية أو مدارس أو مصانع أو في توزيع الأطعمة.. وفجأة تجد بعض الإخوان أصبحوا مليارديرات دون أن تدري ما هي مصادر ثرواتهم. • خامساً- لا يوجد أي ضامن أن أموال الجماعة تأتي من مصادر سليمة.. وبخلاف الشكوك حول تصرفات من خلال أموال دول.. فإنه لا يوجد ما يمنع من أن تكون بعض الأموال آتية من مصادر غير أخلاقية بالمرة.. تجارة مخدرات أو عمليات تهريب.. أوليس الذين يقولون إنهم مجاهدون في أفغانستان يزرعون القنب ويوزعون الكوكايين والحشيش ويحللون لأنفسهم ذلك؟ إن الطهارة ليست كلامًا.. والوضوء بالماء لا يكفي وحده لكي نتثبت من براءة الذمم.. طهارة الذمم تكون بالكشف والشفافية.. والإخوان عالم من الأسرار وكيان غامض لا يعرف أحد من فيه الذي يفسد ومن فيه الذي يحاسب.. لا يكفيهم وضوء الصلاة لكي نثق أنهم ليسوا فاسدين. www.abkamal.net [email protected]