أثار قرار وقف بث العديد من القنوات الفضائية علي القمر الصناعي المصري «نايل سات»، وتوجيه إنذار بوقف البث لعدد آخر منها، ردود فعل متباينة ما بين المؤيد والمعارض. فقد أبدي الكثيرون تأييدهم لقرار وزير الإعلام بوقف هذه القنوات، ومعظمها قنوات دينية، متهمين إياها بأنها تساهم في نشر ثقافة الخرافة بين قطاع عريض من الناس، إلي جانب خطورة ما تقدمه علي سلامة الوطن وأبنائه. وعلي النقيض أبدي البعض القليل استياءهم من القرار، ولا سيما من جانب بعض من دعاة الفتنة الذين ينتمون إلي الفكر المتطرف الذي بدأ يتغلغل داخل المجتمع، وأيضًا بعض جماعات المعارضة الذين يرون أن ذلك القرار جاء في غير موعده، وأن القصد من ورائه تكميم الأفواه مع بداية فترة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة. الوزير أنس الفقي وزير الإعلام اعتبر أن مثل هذه الخطوة «لا يجب تفسيرها علي اعتبارها محاولة من قبل الدولة لتضييق الحريات الإعلامية والصحفية، فهذا الطرح مرفوض شكلاً وموضوعًا، لأن الأمر الآن يتعلق بحق أصيل في حماية أمن الوطن والمواطن من أخطار الفتنة والاستغلال واستخدام الدين»، وأضاف: إنها تأتي في إطار حماية الأمن الاجتماعي للشعب المصري بوقف نشر الفكر الديني المتطرف الذي يدعو إلي التشدد وعدم قبول الآخر فضلاً عن نشر الفتن الطائفية بين أبناء الشعب المصري الواحد، إضافة إلي محاولات بعض هذه القنوات نشر المذاهب الدينية المتطرفة خارج القطر المصري ومحاولة إيقاع الفتنة بين المذهبين الشيعي والسني. وعلي نفس الدرب وقبيل صدور قرار وزير الإعلام بإغلاق هذه القنوات، حذر الدكتور عبدالمعطي بيومي، عميد كلية أصول الدين سابقًا، عضو مجمع البحوث الإسلامية، من خطورة هذه القنوات واعتبارها علي حد قوله: «أخطر علي الإسلام من زكريا بطرس وما يدعيه علي الإسلام، وهي مصدر للفتنة، مقارنة بالفضائيات المحسوبة علي الأقباط». وطالب بيومي خلال الندوة التي أقامها مؤخرًا منتدي حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، وأدارها القس الدكتور أندريه زكي مدير عام الهيئة، تحت عنوان «معا من أجل مصر»، بأن نضع أيدينا علي العلة الحقيقية. وأن المنظومة الأخلاقية المسيحية أو الإسلامية، لا يوجد بها ما يدعو إلي «الفتنة» وبالتالي ليس لأحد مسلمًا كان أو مسيحيًا أن يدعي أن يتعلل بالحرص علي الدين. وقال المهندس سمير مرقس، الباحث في شئون المواطنة: «إننا نعاني من فتنة حقيقية ألا وهي خصخصة التاريخ وتقطيعه ليخدم علي اللحظة السياسية». وطالب بضرورة معرفة الآخر، ليس علي المستوي الديني فقط، وإنما علي المستوي الحضاري، فالبحث عن مساحات مشتركة أمر في غاية الأهمية لتحقيق الاستقرار، ولفت إلي أن ضغط اللحظة السياسية، يجعل كل طرف يبحث عن هوية مخالفة للطرف الآخر. ومن جهتنا فقد حذرنا مرارًا وتكرارًا من خطورة الدور الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام المختلفة، والذي يهدد أمن وسلامة الوطن، لاسيما من بعض الفضائيات التي تتحدث بلسان الفكر الوهابي المتطرف، المدعوم برأس مال عربي لا يريد استقرار الوطن، من خلال التحريض علي إثارة الفتن، مستخدمين بعض الدعاة غير المؤهلين للدعوة للإفتاء في أمور دينية وعامة تساهم بشكل مباشر في تأجيج الفتن بين أبناء الوطن الواحد. إنني أدعو مختلف وسائل الإعلام، لاسيما في ظل الظروف السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد الآن وبخاصة مرحلة الانتخابات البرلمانية، أن تأبي علي نفسها بالبعد عن إثارة القلائل، والدعوة إلي التصنيف الديني لأبناء الوطن، باستخدام بعض المردفات غير اللغوية كالمرشح القبطي، والمفكر الإسلامي، ورجال الأعمال الأقباط، وغيرها. وأن يكون صوتها معبرًا عن صالح الوطن، لا عن مصلحة أشخاص أو فئات بعينها،. علينا أن نتكاتف جميعًا من أجل أن تعبر بنا مركبة الحياة إلي شاطئ الأمان، من أجل مستقبل أفضل لأجيال قادمة ستكون مفردات الإعلام بالنسبة لهم أكثر خطرًا.