لقد اهتم علماء الاجتماع والأنثروبولوجي بدراسة العلاقة بين السحر والدين وتحديد هذه الماهية وأيهما أسبق في الوجود علي الآخر الدين أم السحر وكان من العلماء المهتمين بهذا الموضوع (فريزر) و(كودرنجتون) و(إميل دوركايم) و(موس) و(ليفي لريل). يقول الدكتور: عبد الباسط محمد حسن: ( اهتم علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع بدراسة العلاقة بين السحر والدين، وكان علي رأس هؤلاء العلامة (فريزر) الذي حاول أن يحدد ماهية هذه العلاقة، ثم تبعه (كودرنجتون) الذي درس فكرة (ألمانا) أو القوة السحرية عند الشعوب البدائية، ثم جاءت المدرسة الفرنسية لعلم الاجتماع وعلي رأسها اميل دور كايم، وموس وليفي بريل فدرست موضوع السحر بوجه عام. ولقد كان الاتجاه السائد في دراسة السحر وعلاقته بالدين هو الاتجاه التطوري الذي سيطر علي الدراسات الأنثروبولوجية والسوسيولوجية في أواخر القرن الماضي، ( القرن التاسع عشر) ولذلك اتجه العلماء إلي وضع نظريات تفسر نشأة كل منهما، ودخلوا في جدل عقلي حول الأسبقية التي يمكن أن تعطي للدين أو السحر. فافترض فريزر أن السحر نشأ أولاً وعنه نشأت العقيدة الدينية، فالناس - علي حد قوله - كانوا في بداية الأمر يركنون إلي السحر في تصريف أمورهم، غير أنهم ما لبثوا أن اصطدموا بمقاومة الطبيعة لهم وعدم سيرها وفق إرادتهم، فاعتقدوا بوجود قوي عليا لا يستطيعون التحكم فيها أو السيطرة عليها، وهذه القوي العليا هي الآلهة، وكان عليهم أن يقفوا منها موقف الخضوع والخشوع، ويتزلفوا إليها بالقرابين والصلوات والأدعية، ومن ثم نشأت الديانات. وقد أظهرت الدراسات الحديثة خطأ فريزر الذي بني نظريته علي مبادئ عقلية تختص بها الشعوب المتحضرة وأراد تطبيقها علي العقلية البدائية دون أن يفرق بين ما قد يفهمه البدائي وما يفهمه المتحضر. (د. عبد الباسط محمد حسن، علم الاجتماع، ص 430). ويقول الدكتور: السيد محمد البدوي: (ثم إن العمليات السحرية ليست من البساطة كما يدعي فريزر بل هي علي العكس شديدة التعقيد، وتستلزم لأدائها شروطاً كثيرة منها ما يتعلق بالمكان ومنها ما يتعلق بالزمان ومنها ما يتعلق باختيار أدوات السحر نفسها وكيفية تحضيرها، فضلاً عن أن مضمون السحر ذاته وما يحتويه من رموز واستدعاء قوي خفية يخرج به عن صفة البساطة). (راجع السيد محمد البدوي، نظريات ومذاهب اجتماعية، ص 303). ويقول الدكتور: عبد الباسط حسن: (وقد ذهب مفكرون آخرون من أمثال (الييه) ودوركايم وهوفلان إلي القول بأن السحر نشأ عن الدين بعد أن أفسد بعض عناصره الأخلاقية وحولها إلي الشر، والواقع أن الأخذ بالاتجاه التطوري في تفسير أسبقية السحر علي الدين أو العكس لا يتمشي مع حقائق العلم ولا يستند إلي أدلة واقعية محسوسة). للحديث بقية