إذا أردت التعرف علي الكون من وجهة نظر أنثوية حالمة، فما عليك سوي أن تقرأ قصصها وحكاياتها وقصائدها النثرية، أمان السيد الكاتبة والشاعرة السورية، ورغم موهبتها، فإنها مقلة في النشر، فلم يصدر لها حتي الآن سوي مجموعتين قصصيتين في القاهرة هما «قدري أن أولد أنثي» عن دار «شمس»، و«سيراميك لهوي ما له مثيل» عن دار «كلمة»، وربما يعود هذا إلي انشغالها في العمل مدرسة للغة العربية في دبي، وسبق لها العمل مذيعة في إذاعة طرابلس الغرب بليبيا. الإذاعة والتدريس والكتابة؟ أيهما أحب إلي قلبك؟ - بالطبع التدريس والكتابة، عملي بالإذاعة كان عارضا، جاء مصادفة حين سافرت مع زوجي إلي ليبيا، ووجدت فرصة عمل بالإذاعة، ورغم أنني لم أعتبره عملا دائما، فإن الرئيس الليبي معمر القذافي اتصل بالإذاعة في إحدي المرات في أثناء إذاعة البرنامج، وطلب معرفة من أكون، لأن عملي وأدائي أعجبه. أما التدريس رغم مشقته، فإن له تأثرا قويا وعميقا، خاصة أن عملي لا يجعل مني مدرسة للمرحلة الثانوية وحسب، وإنما مربية أيضا. كيف ترين أوضاع اللغة العربية الآن؟ - هناك انحطاط عام تعاني منه اللغة العربية في كل البلدان العربية، وأي محاولات لإنقاذها هي محاولات فردية، كل الظروف المحيطة تريد كسر اللغة العربية، كما أن تحول التعليم إلي تجارة جعل الاهتمام باللغة في ذيل القائمة، ولعل هذا ما يجعلني أصمم أكثر علي التأثير، فأنا أعمل في مدرسة أمريكية، تدمر اللغة العربية وتدعي العكس، لذا أنفذ قناعاتي من داخلها وأملي أن أنفذ إلي أعماق ولو 10 من طالباتي، فأزرع بهن حب اللغة وقواعدها، وهذا يكفيني. كيف ترين موقع الأدب السوري علي الخارطة العربية؟ - سوريا بها كتاب كبار، مثل زكريا تامر وحيدر حيدر وحنا مينا، وغيرهم ممن ترك بصمة كبيرة، كما أن سوريا مشهورة بتعريبها لكل شيء، حتي المصطلحات العلمية والطبية، حتي مع ما تسبب به هذا من مشاكل، ولكن ذلك لفرط اهتمامها باللغة العربية. ما الذي يميز كتاباتك؟ - أنا عاشقة للغة العربية، وفي كتاباتي أركز دائما علي الإنسانية، أري الحياة كأنها لوحات، والوجوه كأنها أقنعة يتقنع بها الإنسان، لذا تستفزني الملامح جدا، ويستفزني أيضا مواقف الناس، والبؤس، والطبقات البسيطة، والروح الإنسانية، أراها بصمة من الخالق تميز كل شخص عن غيره، لا أستطيع أن أري مشهدا إنسانيا دون أن أبتعد، وإن ابتعدت فلا أكف عن التفكير فيه. ألم تكتبي رواية من قبل؟ وهل يمكن اعتبارك كاتبة قصص قصيرة؟ - عندي محاولات كتابة رواية، ولكني كلما حاولت كتابة رواية، أجدني أكتب قصة قصيرة، لذا، نعم أري نفسي كاتبة قصة قصيرة ولا أدري لماذا تستثيرني القصة القصيرة أكثر من غيرها. قصصك بها شاعرية تجعلها في أحيان أشبه بقصيدة نثر منها إلي قصة.. كيف ترين الأمر؟ - القصة القصيرة بها حبكة، لها بداية ولها نهاية، أما قصيدة النثر فلها خصوصيتها، وأنا أكتبها أيضا، ولي ديوان نثر؛ لا أري عيبا في تداخل الأنواع الأدبية، فالأديب حين يكتب تكون له حالة شعورية خاصة تخرج في شكل من الأشكال من الصعب أن نقيده باسم. نبرة الأنثي تعلو علي ما سواها في كتاباتك.. لماذا؟ - حقا، كل كتاباتي تصدر عن أنثي، حاولت أن أكتب بلسان رجل، ولكني لم أستطع، علمي أنثوي لأنني أري أن الأنثي شيء عظيم، أعتز جدا بهذا، وأؤكد دوما الاختلاف الكبير بين الأنثي والمرأة، فالمرأة نوع أما الأنثي هي الحبيبة، والأخت، والأم، والمرأة العاملة، وحتي حين أفكر فيما سأكتبه مستقبلا أجدني سأكتب عن المدن، وهي الأخري أنثي. عشت في ثلاثة بلدان عربية، وزرت أكثر.. كيف ترين أوضاع الكتابة بهم؟ - مصر فيها انتشار كبير للكتابة، بها كم وكيف، أما المغرب فعندهم تميز في النوعية بالنسبة للقصة القصيرة بالذات، أما الوضع في دبي فلا يمكن مقارنته بحال من الأحوال مع مصر أو بلاد الشام، كل شيء بها حديث، ورغم محاولات دبي الاندماج في الحركة الأدبية، فإن مصر وبلاد الشام يظل لهم التميز بالعمق والأصالة، والاشتراك في المعاناة الحقيقية التي تصنع الأديب الحقيقي. لم اخترت دور نشر قاهرية وأنت سورية تعيشين بدبي؟ - لم أكن أفكر بالنشر أصلا، لقد عشت بالغربة في دبي، ودور النشر هناك تضع حدودا حول الناشر، وفي سوريا أنا غير موجودة دائما، أما مصر، فقد تعرفت علي دور النشر فيها عبر الإنترنت، وتجرأت من خلالها علي النشر، ورغم أنني أكتب من طفولتي فإنني لم أتشجع علي النشر إلا منذ نحو خمس سنوات، حين أصدرت مجموعتي الأولي، والحق أن حرية التعبير والكتابة في مصر أكبر مما هي عليه الحال في دبي وفي كثير من البلدان العربية. كيف كان التعاون؟ - أنا مستاءة من الدارين، كلا الناشرين لم يلتزم بالعقد، ولا يرد علي التليفون، أو الإيميل، مع الإخلال التام بالاتفاق المبرم بيننا، الأمر في جملته محبط.