هناك مثل شهير يقول «كُناسة الوقت تجلب ذهباً» إلا أن المزاد الأخير للآثارالذي شهدته مدينة لندن بدّل معني المثل إلي «كُناسة الآثار تجلب الملايين». وعندما يتابع المرء المعروضات التي تصدرت مزاد دار" كريستي" للآثار منذ أقل من أسبوع، ربما يصاب بدهشة شديدة؛ لما قد يحسه للوهلة الأولي بضآلة ما تم عرضه، وتتضاعف درجة الذهول لدي أحفاد الحضارات القديمة التي أورثتهم آثاراً ضخمة وهائلة مثل المسلات والمقابر الفرعونية ومراكب الشمس والمومياوات، فأصبحوا لا يلقون بالاً للقطع الأثرية الصغيرة ولا يتتبعون مصيرها. كانت أغلب الأثار، التي بلغ عددها 244 قطعة، من القطع الأثرية البسيطة التي يعثر عليها مراراً وتكراراً مثل قدم تمثال جصي من عصر البطالمة أو قلادة فرعونية من خرز بسيط و لمبة جاز بيزنطية وعين زجاجية منزوعة من تمثال فرعوني وأوانٍ فخارية وجعارين. الإ أن حصيلة المزاد ككل والأثمان التي بيعت بها كل قطعة علي حدة تبرهن علي صدق المثل، إذ حقق المزاد خمسة ملايين دولار ووصل سعر زوج من الصندل من الأسرة الوسطي في العصر الفرعوني لأكثر من عشرة آلاف جنيه، بل إن «لمبة» من العصر البيزنطي تستخدم الزيوت في الإنارة وصل ثمنها إلي ألفي دولار. من المؤكد أن درجات عدم المبالاة تتضاعف كالمتوالية الهندسية وينسحب الإهمال من كل ما خف وصغر من آثارنا إلي أهم قطعة. ويبقي أنه من المفترض أن المهمة المنوطة ب" إدراة الآثار المستردة"- حديثة النشأة في المجلس الأعلي للآثار- أن تتابع صالات المزادات الشهيرة وأخبارها التي ليست خافية علي أحد، إنما تملأ الدنيا بها ضجيجاً وصخباً؛ بغرض الكشف عن عمليات بيع آثار مصرية في تلك المزادات ال"علنية" ولم يكن من الأسرار أن المزاد اللندني قدم للعالم 40 قطعة آثار مصرية قد يراها المسئولون أنها بلا أهمية.. وأنها لا تعد ولا تحصي.