تعتبر تشاد هي أكثر الدول الأفريقية التي بها مبعوثون من الأزهر حيث يوجد بها أكبر بعثة أزهرية وتحتوي علي 80 مبعوثيًا أزهرياً معظمهم في العلوم الشرعية والعربية، وكثير منهم حلم فور علمه بإعارته لدولة أفريقية بإنه سيحصد المال ليعود لأبنائه بعد ثلاث أو أربع سنوات وقد تغير حاله المادي ، إلا أن معظمهم أصابته الصدمة عندما وجد أن ما يحصل عليه من راتب يكفيه بالكاد ليواصل حياته في تشاد، وينفق من بقيته علي نفسه وأسرته في مصر. ورصدت «روزاليوسف» الأزمة التي يعيشها مبعوثو الأزهر في تشاد من خلال زيارة مقرهم في العاصمة بنجامينا، والالتقاء مع المبعوثين والتعرف علي طبيعة أزمتهم ومعاناتهم. في البداية يوضح القائم باعمال السفارة المصرية بتشاد عمر فرحات أن البعثة الأزهرية تتواجد في ثلاث محافظات هي بنجامينا، وأبشي، وسار، وأن العدد الأكبر منهم يوجد في العاصمة بنجامينا، وأن السفارة قامت بتقييم أوضاعهم المعيشية، وتبين لها المعاناه التي يعيشوها بشبب ضعف المرتبات وعدم استطاعتهم الحصول علي أماكن أقامة مميزة. ومن داخل مقر البعثة الأزهرية بمجمع الملك فيصل التقينا عدد من المبعوثين، فيقول محمد علي محمد من قرية كفر إبراهيم من كفر الشيخ وكيل البعثة الأزهرية : المبعوثون رغم ضعف الإمكانيات المتوافرة لهم، وقلة الرواتب لا يألون جهدا لخدمة اسم مصر والأزهر في تشاد فنعمل بالمساجد تطوعا، ويتم توزيع أفراد البعثة الأزهرية البالغ عددها 80 مبعوثا علي المساجد لإ لقاء الدروس لنشر الثقافة الإسلامية، لاسيما أن المساجد بحاجة لدعاة لكثرتها، حيث يوجد في الشارع الواحد أكثر من مسجد ، وهو ما يتطلب زيادة عدد المبعوثين من الأزهر والأوقاف لتشاد، مشيرا إلي أنه أسلم علي أيديهم تشاديون كثيرون. وأضاف أنه رغم «أن البعثة الأزهرية في تشاد هي أكبر بعثة من الأزهر في الدول الأفريقية إلا أن العدد قد لا يكفي الاحتياجات المطلوبة ، وهو ما يجعلني أقوم بنفسي بتدريس النحو والصرف والقرآن الكريم، والتجويد عونا لزملائي». بعثة بلا مأوي ولا مياه وعن حال أفراد البعثة أوضح الشيخ محمد علي أن معظم من أتي في البعثة الأزهرية صدم فور نزوله لتشاد حيث درجة الحرارة العالية التي قد تتعدي في بعض أوقات السنة 60 درجة مئوية مع عدم وجود مراوح او كهرباء يمكن استخدامها ، وكذلك عدم وجود مياه، وقال: «نحن لا نجد حتي مياه الشرب النقية ، فنضطر إلي الشرب من مياه الأبار، ونجد ما هو أصعب في أبشي وسار وهما أكبر مدينتين بتشاد بعد العاصمة بنجامينا». وأضاف ان المبعوث الأزهري يجد صعوبة في الإقامة فيستطيع بالكاد الحصول علي غرفة للسكن حيث ان الأزهر لا يتكفل بسكن البعثة او إقامتهم ، فيكون السكن علي حساب المبعوث الخاص و يصل إلي 300 دولار في الشهر في حين ان مرتب المبعوث هو ألف دولار فقط ، وقد يزيد إلي 1200 دولار. وأوضح أنه تم تقديم مذكرة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب من البعثة الأزهرية كما تم تقديم مذكرة مثلها للسفارة المصرية بتشاد ووعدت بان تكون هناك زيادة في المرتبات لكن إلي الآن لم يحدث شيء. وقال «نحن علماء الأزهر الذين نقوم بتدريس علوم الدين ، ونلقي الدروس في المساجد نتعامل معاملة لا يوجد أهون منها"، مؤكداً أن المرتب الآدمي الذي يحفظ للمبعوث الأزهري حياة كريمة له في تشاد لابد أن يتوازي مع المدرسين الوافدين من مصر. وحول مناهج التعليم أشار وكيل البعثة الأزهرية أنه لا تأتي أي كتب من مصر حاليا لتدريس المنهج حيث لا توجد اتفاقيات، ويتم اعطاء المنهج من كتب جاء كل مدرس في مادته امن مصر فيكتب في كل حصة الدرس علي السبورة لينقله الطلاب، ثم يقوم المدرس بشرحه، فالمدرس يكتب المنهج من أوله لآخره علي السبورة طوال العام الدراسي. النفي أفضل ولفت مصطفي محمد عيسي أحد مبعوثي الأزهر أن المبعوثين يعانون كذلك من عدم الرعاية الصحية لاسيما ضد الملاريا رغم انتشار البعوض في تلك المنطقة، وقال " نضطر لشراء حبوب الوقاية من الملاريا يصل أقل سعر لها ألف جنيه، وكله من مرتب المبعوث". وأضاف أن وسائل الانتقال أيضا تمثل عبئاً مادياً علي مبعوث الأزهر، فعندما يذهب مبعوث الزهر لمدينة سار ينتقل حوالي ألف كيلو من العاصمة بنجامينا علي حسابه الخاص، وأن من يقيم بالعاصمة التشادية بنجامينا يذهب يوميا من معهد السلام من السكن علي حسابه ستة جنيهات ذهابا ومثلها أيابا. وقال :" لايوجد رغيف عيش في تشاد إلا الرغيف الفينو وثمنه 60 ريالا تشاديا وهو مايوازي 3.5 جنيه مصري تقريبا»، بينما يقول مبعوث أزهري «رفض ذكر اسمه» إن النفي أفضل من حال البعثة الأزهرية في تشاد حيث عدم الرعاية الصحية وعدم توافر سكن ملائم للمدرسين، بالإضافة إلي ضعف الرواتب ما قد يؤدي ببعض المدرسين إلي النوم بلا عشاء توفيرا لراتبه من اجل أسرته، وقال: «نرجو من شيخ الأزهر أن ينظر إلينا بعين العطف والرحمة».