جاء في اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع الماضي أنه تقرر إعداد مشروع قانون جديد لإدارة العاصمة علي أن يكون منفصلاً عن قانون الإدارة المحلية، كما يتم تكوين مجلس أمناء لإدارة العاصمة بما يحقق لها الاستقلال الإداري وتحقيق انجازات عمليات التطوير. لا أخفي عدم ارتياحي لمثل تلك الأفكار البراقة والجميلة في حل مشاكل العاصمة لأننا نسمع مثيلاتها منذ عدة سنوات بدون أي تنفيذ حقيقي علي أرض الواقع.لا أتجني علي مجلس الوزراء، ولكننا لم نشهد أي تطور فما زالت الأزمات المرورية في تصاعد. ولا تزال (كارثة) تجميع القمامة منتشرة في غالبية شوارع القاهرة ومناطقها، ولا يزال التخطيط العمراني يحكمه منطق الفوضي العمرانية.. أما عن التنسيق الحضاري؛ فحدث بلا حرج.. فنشاهد في الشارع الواحد جميع ألوان الطيف وأشكال متعددة من الارتفاعات، والتصميمات غير المتناسقة. أعلم أن مشروع مجلس الوزراء السابق.. يأتي في إطار المخطط الاستراتيجي والرؤية المستقبلية للقاهرة الكبري في سنة 2050. وهي الصورة الافتراضية التي سيرثها أطفالنا بالدرجة الأولي. وأعتقد أن ما طرح حول تنفيذ سبعة برامج متخصصة (هي: قانون جديد يدعم استقلالية إدارة العاصمة، ودعم وحماية الموارد الطبيعية، وحماية التراث العمراني، وإعداد هيكل جديد للتوسع العمراني، ورفع كفاءة المرافق العامة والطرق، وتطوير العشوائيات، وتطوير الخدمات في المناطق الأكثر احتياجاً). هو أمر جيد ومنظم علي مستوي التخطيط، ويبقي الأهم وهو مرحلة التنفيذ. إنها برامج لها تأثير إيجابي لمن يسمعها ويقرأ عن تفاصيلها، ولكن.. هل تساعد بنيتنا القانونية علي تنفيذ هذه البرامج، أم نحتاج إلي تعديلات وتشريعات لكي لا تصطدم تلك البرامج أثناء تنفيذها بالإجراءات البيروقراطية التي من شأنها أن تعرقل طريق (المراكب السايرة)؟. الطريف أنني قد قرأت خبراً آخر عن القرار الذي أصدره د. أحمد نظيف (رئيس مجلس الوزراء) الخاص بإنشاء جهاز تنظيم النقل الجماعي بالقاهرة الكبري بهدف إعادة تنظيم جميع وسائل النقل (الأتوبيسات والميني باصات، والميكروباصات، والترام، ومترو الأنفاق، وقطارات السكة الحديد، والأتوبيسات النهرية، والتاكسيات) لتصبح جميعها تحت سلطة وزير النقل. وهو قرار تأخر كثيراً في اتخاذه. ولكن المهم هو مدي صلاحية هذا الجهاز في تحقيق هدف إنشائه بعيداً عن الإجراءات والقرارات القديمة التي لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع أزمات المرور هذه الأيام. أسعدني أن الخبر تضمن إشارة إلي تشجيع القطاع الخاص في الاستثمار في مجال النقل من أجل تقديم خدمات نقل آدمية بدلاً من المشهد غير الأدمي في الأتوبيسات والميكروباصات. يبقي المعيار الأهم في الحكم علي تلك القرارات والإجراءات.. وهي مدي وجود قانون قوي لتحقيق تلك الطموحات التي من شأنها أن ترسم صورة حضارية حقيقية، وليست مفترضة علي الورق، للعاصمة في 2050 . وربنا يديكم ويدينا.. الصحة!.