نقلاً عن واشنطن بوست- ترجمة: هاشم عبد الحميد الآن وبعد انتهاء الحرب علي العراق فإن هناك شيئاً واضحاً للعيان وهو أن جيشنا المقاتل لا يعتبر منتصراً في تلك الحرب كما أننا لم ننهزم بمعني الهزيمة فالحروب لم تعد تنتهي بمراسم استسلام كما جرت العادة بل النهاية هي عبارة عن حالة من الضباب الغامض، فبعد تسع سنوات من القتال في العراق ينتهي بنا الأمر تماماً مثل أفغانستان. انتخب جورج دبليو بوش لإرسال قوات أمريكية لغزو واحتلال العراق حتي وإن لم يكن هناك سبب عاجل للقيام بذلك فإن إدارة بوش قدمت حججها بوجود أسلحة دمار شامل غير الموجودة أصلاً كمبررات للحرب وحتي وإن كان يظن بوش وإدارته بالفعل أن نظام صدام حسين يسعي لتطوير أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية فهذا ليس سبباً للاعتقاد بأن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يواجهون تهديداً وشيكاً أو حتي قريباً، لقد رأوها فرصة ليس فقط لاسقاط طاغية بشع ولكن أيضاً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال زرع ديمقراطية موالية للغرب من كل قلبها. الحرب في طريقها للفشل في بلاد الأقلية السنية تحولت إلي حرب ضد تنظيم القاعدة والجهاديين الذين تدفقوا إلي العراق للقتال ضد الأمريكيين مما دفع بوش لزيادة عدد القوات وهي القوات التي يقودها باقتدار ديفيد باتريوس والذي استفاد من كراهية الأقلية السنية للقاعدة وكسب ولاءهم وهو الأمر الذي أفاد في عدم تفتت العراق وتحوله إلي مقبرة جماعية كبيرة جراء أعمال العنف الطائفي، ولكن هذا لم يسمح بوجود نظام حكم متماسك فبعد شهور من الانتخابات الأخيرة مازال تشكيل حكومة جديدة أمراً غير متبلور ولم يتم وضع حد لعنف المسلحين الذين لا يزالون يعيثون في البلاد فساداً. الشيء الوحيد الذي لن يتغير هو العواقب غير المقصودة لتلك الحروب ففي حالة العراق تسببت الحرب في اكتساب إيران قوة هائلة ونفوذاً في المنطقة وأقتربت من أن تصبح قوة نووية، فمن يعتقد أن الشرق الأوسط الآن أكثر أمناً مما كان عليه قبل غزو العراق؟ كما تشير التقديرات إلي أن 100 ألف من العراقيين لقوا حتفهم وربما أكثر من ذلك وقتل 4416 عسكرياً أمريكياً وأكثر من 30000 جريح وتصل تقديرات الحرب الإجمالية إلي 700 مليار دولار. نعم مات صدام حسين وذهب وهناك حكومة وطنية منتخبة في بغداد ولكن في ظل وصاية أمريكية ومحاولة بناء قوات عراقية قادرة بما فيه الكفاية للحفاظ علي النظام قدر الإمكان في معظم أنحاء البلاد ومع كل هذا لا نستطيع أن ندعي الفوز، يبدو أن إعلان الرئيس أوباما الانسحاب من العراق في يوليو المقبل ليس احتفالاً بانتهاء القتال في العراق بل احتفالاً بتدمير القاعدة في زمن قصير بعد زيادة عدد القوات من جانب أوباما. في أفغانستان سيستغرق الأمر جهداً هائلاً والكثير من الحظ لكي يتحقق ما تحقق في العراق نظراً لتخلف البلاد المدقع والفساد الذي تغرق فيه فلا مفر من ترك فوضي وراءنا في أفغانستان، كما تركنا مستقبل العراق للعراقيين سنترك أفغانستان للأفغان فهل هناك من يعتقد خلاف ذلك؟