أستاذ الإعلام الإسلامي بجامعة الأزهر يعتبر الصبر من أهم الفضائل التي اهدانا الله إياها في شهر رمضان، وهو خير معين للعبد في هذه الحياة ليتجاوز كل الحواجز النفسية والحسية التي تعوقه عن الله والدار الآخرة ليصبح عبداً لله لا عبداً لشهوته وهواه. إن الإخلاد إلي الأرض والانغماس في الملذات هو من أعظم المعوقات عن الوصول إلي أعلي الدرجات وأعلي المقامات في العبادة والبذل والإنفاق والجهاد في سبيل الله وأداء ما أوجب الله وتطهير القلوب وتهذيب السلوك، والوصول إلي كل هذا لن يكون إلا من بوابة الصبر ومفتاح تلك البوابة في صوم رمضان وتعليم النفس فيه كيفية الصبر علي الامتناع عن كل ملذات الدنيا حتي الحلال منها من أجل إرضاء الله تعالي، فمن أعطي الصبر فقد أعطي الخير كله، فهو سر عجيب وأساس رفعة الإنسان وتميزه عن سائر الحيوان ، فلا عجب أن يكون أجره كما قال جل وعلا: {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب } . وقد دعا الاسلام الحنيف الي الصبر وحث عليه في آيات كثيرة فقال الله عز وجل في كتابه العزيز:" يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة " ، ولفضل الصبر فإن الله يؤكد معيته مع الصابرين، حيث وعدهم بثلاثة أوسمة ربانية ذكرها في القرآن الكريم فقال " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 156.الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"، فالوسام الاول الصلاة عليهم والثاني الرحمة والثالث ان الله سبحانه وتعالي يهديهم، كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه " وجدنا خير عيشنا بالصبر". وها هو الله يأمرنا بالصبر في حديثه القدسي فيقول " اذا ابتليت عبدي بمصيبة في نفسه أو في ماله أو في ولده فاستقبل ذلك بصبر جميل فأوعده يوم القيامة ان انصب له ميزانه أو انشر له ديوانه وادخله الجنة بغير حساب ". من يمتثل لأوامر الله في أداء الواجبات والتكاليف في هذا الشهر سوف يطعم معني الصبر، ويسمو بنفسه عن اتباع الهوي والشهوات ويكون أقدر علي مواجهة الفتن والمغريات بعد رمضان وفي رمضان فهو شهر جهاد النفس وتربيتها.