عل الأزمات التي نواجهها في شتي مجالات الحياة أهم مصادرها هي في رأيي طريقة معالجة هذه الأزمة، وكيفية تناولها، وطرحها علي الشعب، حتي يتم تجاوزها، ولقد سمعت ورأيت وقرأت كثيرًا أن الرئيس مبارك في توجيهاته إلي الحكومة سواء علي شكل اجتماعات برئاسة سيادته مصغرة أو في اجتماعات عامة أو حتي حينما كان يحضر السيد الرئيس للنادي السياسي في الحزب الوطني، كان دائم التوجيه للوزراء بأن يتوجهوا للشعب وأن يشرحوا وجهات النظر، وأن يطرحوا الأفكار علي الشعب قبل اتخاذ قرارات خاصة في موضوعات تهم الناس وتتفاعل مع احتياجاتها الحياتية، هذه التوجيهات كانت آخر مرة سمعتها من السيد الرئيس في مناسبة افتتاح محور «صفط اللبن»، حينما سأل عن مشكلة المياه والقمح والكهرباء، وقال لابد من الشرح للناس، هذه هي مهمة الوزير السياسي ولعل تاريخ الإدارة في مصر، تحفل بوزراء سياسيين عظام، ولعل ما أذكره اليوم هو الوزير ورئيس مجلس الوزراء الأسبق (إسماعيل باشا صدقي) وهو الرجل الذي كان ضمن أربعة مصريين تم نفيهم إلي «مالطة» من قبل سلطات الحماية البريطانية في مارس 1919، والذي كان نفيهم إيذانًا بتفجر ثورة 1919، وهو نفس الرجل الذي التحف بحماية دار المندوب السامي البريطاني خلال العهد الذي عرف باسمه ما بين 1930و1933، وإسماعيل صدقي هو من أبطال دستور 1923 والذي هو أول دستور لمصر، (نتمني أن يعود) وأسس بديلاً عنه دستور 1930 علي مقاس الملك فؤاد، إسماعيل باشا صدقي سجل عنه التاريخ بأنه لم يتورع عن استخدام كل أدوات السلطة أو جميع الأساليب (الميكيافيلية) لتحقيق أهدافه، وكعادة ساسة هذا الزمان «فإسماعيل» تخرج في الحقوق وعين في النيابة العامة بالإسكندرية وتدرج في السلك الحقوقي حتي أنه في عام 1904 كان أحد أعضاء اللجنة الوطنية لتأسيس الجامعة الأهلية (فؤاد الأول). وفي عهد رئاسة الوزير «بطرس غالي» أنشئ منصب سكرتير عام الوزارة وتولاه إسماعيل صدقي عام 1908 وأنعم عليه بالباشاوية عام 1909، وبعد دخول الحياة السياسية المصرية منعطفًا شديدًا بعد مقتل «بطرس غالي» باشا رئيس مجلس الوزراء علي يد الإخواني «إبراهيم الورداني»، وتولي «محمد سعيد» باشا منصب رئاسة الوزراء واحتفاظه بوزارة الداخلية، عين «إسماعيل باشا صدقي» وكيل أول وزارة الداخلية 23 فبراير 1910 وحتي 5 إبريل 1914 . ثم تولي في إبريل 1914 وزارة الزراعة، فأحال مشروع قانون شركات التعاون الزراعية علي الجمعية التشريعية (البرلمان) وبهذا القانون منع صدقي الأجانب المقيمين في مصر من الانتفاع بهذه الميزات الزراعية الممنوحة للوطنيين وحقوقه ضد احتكار بعض المصريين لهذه الشركات دون آخرين. ولا مجال لذكر ما قام به «إسماعيل صدقي» في وزارة الزراعة، حيث في فبراير 1915 تولي وزارة الأوقاف، وفور توليه تلك الوزارة قام بحصر أعيان الأوقاف من أماكن سكنية واستكمل حصر جميع أوقاف الأعيان من أطيان وحدائق، وأنشأ أوقافًا جديدة كالأوقاف الأهلية والتأجير ومراقبات للتحصيل والإيرادات وعمل حساب كل وقف وصرف استحقاق المستحقين فيه. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولي، عين «إسماعيل باشا صدقي» رئيس لجنة التجارة والصناعة ثم وزيرًا للمالية عام 1922 ولعل الفضل يعود إليه في لفت نظر البرلمان والحكومة إلي الخطوات العلمية التي يجب اتباع الحكومات المتتابعة لها من أجل الارتقاء بالاقتصاد الوطني، حينما تولي رئاسة مجلس الوزراء في يوليو 1934 متخذًا قرارات تحتم علي المصالح الحكومية تفضيل المنتجات الصناعية والأهلية في المناقصات العامة، وهذا ما ننادي به حتي اليوم 2010/8/26 .