حالة من العشوائية تشهدها الساحة الصحفية، في ظل غياب آليات تفعيل القوانين ومواثيق الشرف الصحفي، والأهم افتقاد الكثير من الصحفيين المهنيين للحماية النقابية، ووجودهم خارج جداول القيد لأسباب لا علاقة لها بالكفاءة بل لأنهم لا يملكون عقود تعيين من صحفهم ومنهم من تجاوزت سنوات ممارسته للمهنة 10 أعوام، في حين ترسل إلي لجان القيد أوراق عدد غير قليل ممن لا ترقي كفاءتهم واعمالهم للانضمام لجداول القيد فيما يحصلون علي عقود التعيين وخطابات القيد لاسهامهم في جلب الاعلانات للصحف بالمخالفة للقانون وقوانين الشرف الصحفي وكذا منهم من يدفع مبالغ مالية لمالك الصحيفة مقابل القيد، فيما توجد حالة ثالثة من المهنيين يضطرون للتنازل عن حقوقهم من أجور مقابل التعيين والاكتفاء ببدل التكولنوجيا والتدريب. ومن الزملاء من يجبر علي توقيع استقالة قبل توقيع عقد التعيين، تلك العشوائية انعكست علي فوضي في رسالة الصحيفة، دون تجاهل أزمة أخري يشكو منها رؤساء التحرير وهي أن عددا من الزملاء بمجرد حصوله علي عقد التعيين وكارنيه النقابة يتخاذل في تأدية واجباته تجاه صحيفته ويوجه بجهوده إلي صحف ووسائل اعلام أخري. تلك الأزمات وغيرها نبحث لها عن حلول خلال هذا التحقيق الذي يتطرق لحقوق الصحفي وواجباته تجاه مؤسسته وحقه في القيد، ومعايير لجنة القيد، وهل يغلب عليها الحسابات الانتمائية من عدمه؟ الحل في القانون صلاح عيسي رئيس تحرير صحيفة القاهرة يري أن ظاهرة تواجد الكفاءات الصحفية خارج الحماية النقابية فيما ينضم للجداول من هم دون الكفاءة باتت ترقي لمستوي الظاهرة، ويضيف عيسي: إن عددا من المؤسسات الصحفية لا تمنح الصحفيين عقود تعيين لما سيترتب عليه ذلك من التزامات مالية وتأمينات وحقوق للصحفي تمكنه من اللجوء للنقابة للمطالبة بها فالسبب الرئيسي في تقليص التعيينات اقتصادية. المفترض أن الصحفي عنصر منتج في مؤسسته طالما تحتفظ به لمدة تصل إلي 10 سنوات فلماذا لا تمنحه حقه؟ - المشكلة في أن النقابة تحمي حقوق الصحفي ولكنها عاجزة عن إلزامهم بأداء واجباتهم تجاه مؤسساتهم وهو ما يجعل المؤسسات الجادة تفكر جيدًا في هذا الأمر. كيف نحقق التوازن بين حماية حق الصحفي والمؤسسة في ذات الوقت؟ - كان هناك اقتراح للنقيب بأن تخطر كل صحيفة النقابة باسماء من لديها من صحفيين تحت الاختبار وموعد التحاقهم بالصحيفة وتكون ملتزمة باتخاذ قرار بشأنهم خلال عامين إما تعيينهم في حال احتياجها إليهم أو تسريحهم إذا لم تكن مقتنعة بكفاءتهم ليبحثوا عن فرصة أخري وبالتالي لن يكون لدينا صحفي قضي 5 سنوات في صحيفة بدون توفيق أوضاعه. قلت إن النقابة عاجزة عن الزام الصحفي بواجباته تجاه صحيفته ما هي الضمانات المطلوبة لحماية حق الصحيفة؟ - أن يعود الصحفي لسابق عهده وأن يعمل في صحيفته التي عين بها لا يعمل بوسائل اعلام أخري بدون الحصول علي إذن كتابي وفقًا لنص العقد أي تفعيل القانون لكن لأن عددًا من الصحف تجمد الصحفي سياسيًا لأنه يكتب ما لا تقبل نشره فإنها تتركه يعمل بأماكن أخري لشغل أوقات فراغه. لكن الزام الصحفي بالعمل في جريدته فقط يتطلب من الجريدة توفير دخل مادي عادي يفي باحتياجاته؟ - هذا صحيح فالأجور التي تمنحها الصحف لا تفي باحتياجات الصحفي الشاب وبالتالي لا تستطيع منعه من العمل بأماكن أخري، بل بعض الصحف لا تمنح الصحفي أجرا ويكتفي ببدل النقابة ومنها من يلزم الصحفي بالتوقيع علي استقالة قبل التعيين حتي لا يطالب بأجره. كيف نخرج من هذا المأزق؟ - يفصل شرط القيد بالنقابة عن شرط التعيين وأن تكون الكفاءة هي معيار القيد الوحيد حتي يكون لدينا صحفي حر يمارس المهنة دون أن يكون معينا في صحيفة بعينها وعندها ستتخاطف اعماله الصحف. لكن هذا يتطلب تعديلا تشريعيا لشروط القيد وهناك من يرفض الحديث عن تعديل قانون النقابة بدعوي أنه سيأتي أسوا من الحالي؟ - هؤلاء مضللون فلا يوجد أسوأ من القانون الحالي ولابد من عقد مؤتمر عام دوري لنقابة الصحفيين لمناقشة مشكلات المهنة وفقًا لمعطيات الواقع والبحث لها عن حلول ولابد من تعديل القانون، وكذلك لوائح النقابة لحماية المهنة. صحافة الإثارة والتحريض ويري نبيل زكي رئيس تحرير جريدة الأهالي السابق أن الحل في تشكيل لجنة من شيوخ المهنة تتولي مهمة نظر طلبات القيد وتجري اختبارات مهنية للوقوف علي قدرات المتقدم وأن تكون تلك اللجنة مفوضة باتخاذ قرارات نهائية ملزمة لمجلس النقابة وألا يكون ضمن عضوياتها أعضاء بالمجلس للحيلولة دون تغليبهم للحسابات الانتخابية. وأضاف زكي: بعض الصحف لا تمنح الصحفيين أجورا مقابل التعيين والحصول علي بدل التكنولوجيا والتدريب، فيما أصبحت الصحف مملوكة لأفراد يملكون الملايين وتراخيص الصحف الخاصة بدون أن تكون لتلك الصحيفة التي يصفونها بالمستقلة أي سياسة تحريرية واضحة مما يجعلها تسعي لخدمة مصالح المالك وأهدافه الخاصة علي حساب مصلحة المجتمع والقيم المهنية. في ظل ذلك هناك مطالبات دائمة بإطلاق حرية الإصدار فما هي المعايير التي تحقق الحرية والحماية المجتمعية والمهنية؟ - الصحف الخاصة تتكاثر علي حساب الصحافة القومية والحزبية ولا توجد لديها برامج واضحة ومعظمها صحف تصدر فقط للمتاجرة والابتزاز والتشهير ولا تلتزم بالقيم المهنية.. كما أنها تباع لتيارات سياسية وجماعات دينية غير شرعية، ولذلك لابد من البحث عن معايير تلزم تلك الصحف أمام المجتمع ونقابة الصحفيين. كيف؟ - أن تلتزم مثلا بقرارات المجلس الأعلي للصحافة، فكان هناك قرار عقب أزمة نجع حمادي بضرورة تخلي الصحف عن التوصيف الطائفي ومع ذلك وجدنا صحفا خاصة تنشر خبرا وتقول محام قبطي، ثم تقول وفاة قبطي في طابور العيش وهذه صحف تستهدف الإثارة والتحريض علي إشعال الفتنة الطائفية، فالذي يتحكم في الصحف الخاصة هو المالك الفرد وليس مجلس تحرير ولا مجلس إدارة ولا جمعية عمومية ولذلك يغلب مصالحه الخاصة في الحصول علي الإعلانات. تراهن علي المجلس الأعلي للصحافة وإلزام لقراراته الصحف في الوقت الذي يشكو بعض رؤساء تحرير الصحف الخاصة من أنهم غير ممثلين به؟ - المجلس يضم ممثلين للصحف القومية والحزبية لأنها مؤسسات وجزء من النظام السياسي تعبر عن قوي حقيقية، أما الصحف الخاصة فهي تعبر عن مالك فرد.. كما أن المجتمع يمثله شخصيات عامة ورجال قانون وبالتالي فأنا ضد ضم ممثلي الصحف الخاصة وقد أثير هذا الأمر من قبل في أحد اجتماعات المجلس الأعلي للصحافة. صحف باعت نفسها ويؤكد محمد الشبه رئيس تحرير نهضة مصر أن هناك أزمة حقيقية ممثلة في أن عددا من الصحفيين بمجرد حصولهم علي عضوية النقابة يقصرون في أداء واجباتهم بصحفهم وينشغلون بالعمل في أماكن أخري، مضيفًا لكن ذلك لا يمثل سبب إحجام بعض الصحف عن التعيين لأن الصحيفة تحكمها احتياجاتها. وطالب الشبة نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للنقابة بتفعيل القوانين وأن تراعي عند منح التراخيص ضمانات استمرار الصحف لأن هناك صحفا خاصة تصدر في مصر بدون أب شرعي وتهدر حقوق الصحفيين وتقاليد المهنة إضافة لغياب الرؤية فلا تعلم بعد عدة سنوات لماذا صدرت وما هي سياستها وتخدم مصالح من إضافة إلي أن هناك صحفا خاصة باعت نفسها لأصحاب النفوذ والجماعات الأصولية بسبب غياب الإطار العام الذي تعمل من خلاله. كيف تعالج تلك الإشكالية؟ - أن تفعل النقابة دورها وكذلك المجلس الأعلي للصحافة بأن تبادلا النقابة بزيارات لتلك الصحف ومراقبة مدي إبقائها علي حقوق الصحفيين فلا تنتظر النقابة أن يأتي إليها الصحفي شاكيا بل عليها أن تراقب مدي توفر بيئة العمل المناسبة للصحفي من عدمه.. كما أن علي المجلس الأعلي للصحافة وضع ضوابط لسحب التراخيص حال مخالفة الصحيفة لأن هناك صحفا تصدر لغسيل الأموال وغسيل السمعة، وهنا لابد للمجلس الأعلي من حماية المجتمع من تلك الصحف وكذلك علي نقابة الصحفيين حماية حقوق الصحفي وحماية المهنة نفسها من الاغتيال، وهنا أتساءل لماذا لم نسمع عن صاحب جريدة ذهب للنقابة يشكو صحفيين؟ أرد السؤال إليك لماذا؟ - لأن هناك صحفيين كثيرين جدا ومن لا يرضي عنه صاحب الصحيفة يفصله ويأتي بغيره بلا ضمانات وهذا سيؤدي بالمهنة إلي الضياع ولابد من تفعيل حق سحب الترخيص حماية لحق القارئ والمجتمع والمهنة. المشكلة في القانون علاء ثابت عضو لجنة القيد، يؤكد أن اللجنة ملتزمة بنص القانون المنظم لعملية القيد وأن ذلك القانون هو ما يشترط عقد التعيين وخطاب الصحيفة لتمكين طالب القيد من المثول أمام اللجنة. لكن القانون لم ينص علي عقد تعيين بل فسرت اللائحة شرط أن يكون الصحفي ممارسا للمهنة ويحصل علي دخله الأساسي منها بعقد التعيين؟ - لا القانون اشترط عقد التعيين وكذلك خطاب رئيس التحرير للانتقال لجدول المشتغلين. هل الخطاب دليل احتراف؟ - ليس دليل احتراف. فلماذا لا تكون الكفاءة هي المعيار؟ - هذا يتطلب تعديل القانون فنحن ننفذ القانون ومع ذلك نحاول قدر الإمكان التأكد من مهنية المتقدم ونناقشه ومن نرفضه يذهب لمقاضاتنا أمام لجنة القيد الاستثنائية ويحصل علي أحكام بالقيد لأنه مستوفٍ للشروط الشكلية من عقد عمل وخطاب والمحكمة تنظر للأوراق وليس لديها خبرة فنية في قياس مستوي المهارة لذلك اتخذ مجلس النقابة قرارا بأن يتولي المستشار القانوني الدفاع عن لجنة القيد أمام الاستئنافية ويتبني مبررات الرفض. هل تغلب لجنة القيد الحسابات الانتخابية؟ - لا يوجد ونحن لا نستطيع أن نأتي بالكفاءات المهنية للجنة القيد طالما ليسوا معينين ولديهم خطابات من صحفهم. لا تملك لجنة القيد منح كل الكفاءات حقوقها لكن هل تحول دون اختراق جداول القيد من غير المؤهلين مهنيا حتي لو امتلكوا عقود تعيين؟ - المشكلة أن من ترفضه يذهب للجنة القيد الاستئنافية وإذا حصل علي حكم نقبله. لماذا لا تكون لجنة القيد من شيوخ المهنة وليس أعضاء المجلس أو علي الأقل تضم شيوخ مهنة أن يكون رأيهم إلزاميا بتفويض من المجلس؟ - القانون منح أعضاء المجلس حق تشكيل لجنة القيد ومع ذلك نرحب بأن يكون شيوخ المهنة ضمن اللجنة وكذلك خبراء في التصوير والسكرتارية الفنية.