أتابع ما يحدث بحزب الوفد بشيء من الترقب.. بدأ بالإعجاب الوطني، وانتهي بالحذر الطائفي بسبب بعض المواقف المتراكمة. وأعتقد أنه من الطبيعي أن تصبح مواقف حزب الوفد محل اختلاف واستنكار، وانسحاب أيضاً. بعد العديد من المواقف الملتبسة والجدلية، وذلك علي غرار: - زيارة د. السيد البدوي لمقر جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانوناً. ومحاولة تبرير ذلك بالعديد من الأسباب التي لا يمكن الاقتناع بها. - عدم التعليق الحزبي علي تصريحات د. سعاد صالح التي رفضت فيها تولي مسيحي مصري رئاسة الجمهورية. وعدم تحويلها إلي التحقيق، وتجاهل الأمر.. وكأنه لم يحدث. - تصريحات د. السيد البدوي برفض (علمانية) حزب الوفد، والحديث عن الفرق بين المدنية والعلمانية.. وكأن هناك فرقاً بينهما.. رغم أنها مفاهيم مترادفة لمضمون فكري وسياسي واحد. إنها مؤشرات عن تحول حزب الوفد من حزب ليبرالي ومدني وعلماني إلي شكل أشبه بكونه حزبا يطمح في الوصول إلي صيغة توفيقية بين الدولة الليبرالية التي يدعو إليها وبين الدولة الدينية حسب دعوة الجماعة المحظورة. وهو ما لا يمكن أن يحدث أو أن يقبله من انضم لحزب الوفد بسبب ثوابته المعروفة. وهو الأمر الذي دعا صديقي كمال زاخر إلي تقديم استقالته مؤخراً من الحزب بعد أن استشعر خطر الطائفية الذي بدأ يزحف علي هيكل الحزب وقيادته، وهو ما رفضه بوضوح محذراً مما يحدث، وما سيترتب علي تلك التحولات في سياسة الحزب. أعلم جيداً أن د. السيد البدوي من القيادات الوفدية ذات الثقل السياسي، ولقد أعجبت كثيراً بالأسلوب السياسي المحترم في التعامل مع الاختلاف بينه وبين د. محمود أباظة.. غير أنني أختلف معه كثيراً فيما يحدث الآن. أعتقد أنه مهما حدث؛ فلا يجوز أن يترك السيد البدوي حزبه لمنح الجماعة المحظورة شرعية الشارع من خلال التواصل معها، والتحالف الانتخابي من خلال التوازنات والمواءمات السياسية.. لأن انتهازية الجماعة المحظورة في العمل السياسي هي التي ستحكم علي حسن نية د. السيد البدوي في الشراكة معهم لتوجيه العملية الانتخابية بما يعود عليهم بالنفع.. ما حذر منه كمال زاخر في مقاله الهام بجريدة "الأهرام المسائي" تحت عنوان (وفد الجماعة) خلال الأيام الماضية هو بمثابة جرس إنذار ليس فقط من أجل الحفاظ علي مسيرة حزب الوفد السياسية والتاريخية، ولكن من أجل إعادة تقييم تلك المواقف التي أثارت جدلاً لتوضيح موقف الحزب منها بشكل رسمي. تري، هل حدث تحول فكري وسياسي بالفعل لحزب الوفد بمبادئه وتوجهاته؟!. وهل ستشهد الأيام القادمة استقرارا وعودة لحزب الوفد كما عرفناه سياسياً أم سيحدث التحول الجذري ليصبح وفد السيد البدوي بشكل جديد ربما يكون علي النقيض من الخبرة التاريخية لحزب الوفد؟!.