لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، لكننا نلدغ من نفس الجحر أكثر من مرة، ربما لا نؤمن أو نعتقد أن التكرار يعلم (....)، لذلك لم يكن غريبا ولا مدهشا سرقة لوحة زهرة الخشخاش، للفنان العالمي فان جوخ من متحف محمود خليل بالجيزة للمرة الثانية. ربما لأن الأمر يتعلق بزهرة الخشخاش، والخشخاش هو النبات الذي تستخرج منه مادة الأفيون، والمفترض أن الأفيون مادة طبية منبهة، لكن في أحيان كثيرة تتحول إلي مخدرة. وينتشر تعاطي الأفيون في الصعيد وقري الوجه البحري، ويضع الفلاحون قطعة صغيرة من الأفيون تحت اللسان، لنعنشة الدماغ، والحواس، ومن ثم يحدث ما يحدث ويجري ما يجري. ويبدو أن لوحة فان جوخ قد تركت تأثيرات واسعة ليس فقط علي العاملين بالمتحف، وإنما بكل المسئولين بوزارة الثقافة، الذين فيما يبدو كانوا في حالة انتشاء تشبه من يتعاطي الأفيون، أو يلطشه هبو الحشيش بدخانه الأزرق الشهير. وقد اتضح أن بمتحف محمود خليل الذي سرقت منه زهرة الخشخاش أكثر من أربعين كاميرا مراقبة لا تعمل، ومثلها أجهزة إنذار، فقد تم تأمين المتحف بحيث يوضع جهاز إنذار وكاميرا علي كل لوحة، لكن الغريب أن جميعها لا تعمل، رغم أنه يصرف مليون جنيه سنويا من ميزانية وزارة الثقافة علي صيانة أجهزة تأمين المتاحف التابعة للوزارة. وحين تفقد النائب العام المتحف بعد سرقة اللوحة قال إن جميع الإجراءات المقررة لتأمين المتحف الذي يضم مجموعة من المقتنيات الثمينة هزيلة وشكلية في معظمها، علي الرغم من ضيق ومحدودية مساحة المتحف التي كان من شأنها تسهيل مهمة التأمين والمراقبة. وسواء عادت زهرة الخشخاش إلي متحف محمود خليل كما عادت من قبل أو اختفت، فالأكيد أن روح صاحبها الهولندي فان جوخ تشعر بسعادة بالغة أن لوحته الأثيرة التي يفوق ثمنها الآن 50 مليون دولار قد خرجت من مستنقع الإهمال واللامبالاة التي قبعت فيها، وربما تذهب إلي مكان أفضل. لكن السادة المخشخشين في وزارة الثقافة وإدارة المتاحف التابعة لها، مصرون علي الحياة المخشخشة، والحفاظ علي الدماغ العالية، حتي ولو خربت الدنيا.. مساء "الخيييييييير".