المشاكل التي تحاصر الساحل الشمالي الغربي لم تتوقف عند الألغام أو البطالة بل امتدت إلي جفاف بحري وبري شديد بعد أن اندثرت الثروة السمكية في مياة البحر المتوسط وهجرت الأمطار الأراضي لتتحول إلي صحراء جرداء. هذا الجفاف جاء عقب انخفاض المخزون السمكي في السلوم بنسبة تتراوح بين 90 و95% بعد ان كانت تعد من أغني شواطئ مصر نتيجة عمليات الصيد الجائر واستخدام بعض الصيادين للديناميت والسم للحصول علي كميات اكبر من الاسماك. وأخل استخدام الديناميت أيضاً بالتوازن البيئي وأدي في السنوات الاخيرة لانتشار اسماك القراض السامة بشكل كبير وتضاعف اعدادها مئات المرات وتزايدت احجامها حيث وصل طول السمكة الواحدة إلي 50 سنتيمتراً، وذلك لقلة اعداد الاسماك المفترسة التي كانت تتغذي علي القراض . انخفاض المخزون السمكي كان له تأثيره علي الساحل حيث توقف العديد من مراكب الصيد واضطر الصيادون الي البحث عن مهن اخري للحصول علي لقمة عيش تسد رمق ابنائهم.عبد المجيد مرازيق "صياد" يقول: ان مهنة الصيد بالسلوم وصلت الي حالة يرثي لها فبعد ان كانت انتاجية المراكب تصل الي 10 اطنان من السمك في الاسبوع اصبحت لا تتعدي الطن الواحد سنويا خلال السنوات الماضية، موضحا ان المركب الواحد كان يرجع من ابحاره محملا باكثر من 400 كيلو ، اما الان فلا يعود المركب باكثر من 10 كيلو جرامات ! ويشير مصطفي أبو رية "صياد" الي ان كثيراً من الصيادين تركوا المهنة واتجهوا الي العمل بالمهن الحرفية بعد ان تحول الصيد في المدينة الي مهنة مع ايقاف التنفيذ وتراكمت عليهم الديون واصبحوا عاجزين عن سدادها وتوفير احتياجات اسرهم.!! اما محمود العتريس رئيس جمعية الصيادين بالسلوم فأكد انه لم يتبق الا 25 صياداَ من اصل 150 كانوا مقيدين في الجمعية موضحاً ان ميناء السلوم كان يعمل به قبل 10 سنوات 9 لنشات و7 مراكب صيد خرج عدد كبير منهم من الخدمة وتبقي 5 لنشات فقط خاصة مع قلة اعداد الصيادين وزيادة قيمة التأمينات خلال السنوات الاخيرة . ويلفت رئيس الجمعية الي ان عمليات الصيد الجائر قضت علي المخزون السمكي بالمنطقة فضلا عن زيادة اسطول الصيد العامل في مياه البحر المتوسط لأكثر من 3 اضعاف مع انخفاض هذا المخزون. وطالب "العتريس" بالغاء تراخيص الصيد التي يمر عليها 10 سنوات وبحث تجديدها مدة اخري في حالة بقاء صاحبها علي قيد الحياة لخفض اعداد التراخيص بالاضافة الي منع الصيد جغرافيا بمناطق محددة علي الساحل لتكون بمثابة نواة جديدة لزيادة المخزون السمكي. وبحثا عن حل يواجه هذا الانخفاض في اعداد الاسماك وطريق جديد للتنمية الحقيقية تقدمت جمعية الصيد بالسلوم بمشروع استزراع سمكي قبل 30 عاما الا ان المسئولين الذين تعاقبوا علي المحافظة حولوا المشروع إلي مجرد اوراق حبيسة الادراج . المشروع - الذي افني محمود العتريس رئيس الجمعية عمره بحثاً عن تنفيذه - ساعده في اعداده الدكتور حسين كامل رئيس معاهد علوم البحار باكاديمية العلوم في هذا الوقت. وبدأت رحلة "العتريس" بين دهاليز الروتين ليعرض المشروع علي المحافظين بداية من كمال عامر ومرورا بسمير يوسف ويسري الشافعي ونهاية بالمحافظ السابق سعد خليل الذين لم يعيروا المشروع اهتماما، اللهم الا الفريق محمد الشحات المحافظ الاسبق الذي ابدي اعجابه بالفكرة وبدا فعليا في دراسة تنفيذها الا ان حركة المحافظين لم تمهله ، ليعقبه "خليل" وتعود دراسة جدوي المشروع الي الادراج مرة اخري . مخطط المشروع كان يبدأ من قرية بقبق وينتهي عند ساحل مدينة السلوم بطول 45 كيلو متراً وعرض يتراوح مابين 2 و 3 كيلو مترات بمساحة تصل الي 25 الف فدان في منطقة الاراضي السبخة ذات التربة الطفيلية التي تتميز بصلابتها وصلاحيتها لاقامة احواض سمكية فضلا عن نسبة الملوحة القليلة التي تقل عن 70 في الألف ونقاء المياه وعدم وجود اشغالات بالمنطقة. هذا المخطط كان يتضمن عند التقدم بالدراسة قبل 30 عاما اقامة عدة مراحل تتضمن الواحدة منها 5 الاف فدان تشمل 2000 حوض بتكلفة 6 ملايين جنيه بتمويل ذاتي من شركة مساهمة تضم اهالي المنطقة وبعض المستثمرين, الا ان نسيان المشروع وتعاقب السنوات ادي الي ارتفاع تكلفة نفس هذه المرحلة الي 40.7 مليون جنيه . يقول "العتريس" انه تقدم بهذا المشروع لجميع المحافظين ولم يطلب منهم سوي الموافقة علي تخصيص الاراضي بحق انتفاع خاصة في ظل تواجد الجهات الممولة الا انه كان يفاجأ بالتجاهل التام من جانب المسئولين الذين كانوا يركزون علي التنمية السياحية فقط ولا ينظرون الي الاستثمارات المختلفة التي تستوعبها أراضي المحافظة. رئيس جمعية الصيادين يشير الي ان هذا المشروع كان سيساهم في احداث طفرة حقيقة في مسار التنمية بالساحل الشمالي الغربي ويقضي علي مشكلة البطالة خاصة وأنه كان سيوفر 30 الف فرصة عمل مما سيؤدي الي خلق مجتمع عمراني بالظهير الصحراوي للمنطقة فضلا عن اقامة مشروعات صناعية ترتبط بالمشروع. ويوضح "العتريس" ان انتاجية المرحلة الاولي من المشروع كانت ستصل الي 1200 طن بأرباح تتعدي ال 52 مليون جنيه سنوياً مطالباً المسئولين بالموافقة علي تخصيص أرض المشروع لاحداث تنمية حقيقية لأبناء السلوم.