أسعدني كثيراً التصريح الأخير للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الذي أكد فيه تدريس كتب التراث لشعبة العلوم الإسلامية التي يحق لطلابها الالتحاق بالكليات الشرعية. كما أشار إلي أنه سيتم تدريس لغات أخري بخلاف اللغة الإنجليزية، ومنها: الفرنسية والفارسية والتركية، كما ستكون اللغة العبرية مقررة علي كلية أصول الدين من الأعوام المقبلة. لقد بدأ د. أحمد الطيب عجلة التطوير في التعليم الأزهري الذي ظل طيلة فترة طويلة دون اهتمام كاف، وهو تطوير يتناسب مع متغيرات العصر.. خاصة أن تدريس اللغات هو بمثابة التعرف علي ثقافات أخري من جانب، وقراءة فكر ديني باجتهادات إسلامية مغايرة لمجتمعنا وقيمنا من جانب آخر، فضلاً عن تحول خريجي الأزهر إلي سفراء له علي مستوي العالم. ليس ما سبق مجرد كلام استهلاكي بدليل أنه تم وضع تخطيط تحت إشراف الإمام الأكبر كمعايير لشعبة العلوم الإسلامية حيث تشمل كل منطقة للتعليم الأزهري فصلاً واحداً فقط لهذه الشعبة التي يحصل الطالب فيها علي مبلغ مالي ويصرف له زي أزهري، بالإضافة إلي أن مدرسي هذه الشعبة سوف يتلقون تدريبات متخصصة لتطوير التدريس بهذه الشعبة التي سيتولي خريجوها مهام الأزهر الشريف في المستقبل. من الحكمة أن قام د. أحمد الطيب بتحديد 10 مناطق تعليمية أزهرية لتطبيق هذا النظام الجديد فيها، وهو ما يساعد علي بداية قوية.. كما يساعد علي تقييم تلك التجربة بشكل حقيقي للاستفادة من النتائج في تطوير التعليم الأزهري وتعميم تجربته علي مراحل دون إحداث أي أزمات في النظام الحالي، وهو ما يتبعه تغيير التعليم الديني وتطويره خلال عدة سنوات مع تراكم الخبرة ونجاح التجربة الجديدة. لقد بدأ د. أحمد الطيب التطوير من خلال الطالب ومن خلال المدرس. وهي نقطة الانطلاق الحقيقية في التطوير المنشود.. لأنهما معاً يمثلان البناء الحقيقي للأزهر الشريف علي مر السنوات. وهي المعادلة التي نفشل دائماً في تحقيقها لأنه ببساطة لا يمكن إحداث تغيير كلي سريع يمكن أن يتسبب في إحداث حالة من الفوضي التعليمية؛ ولكن الأهم هو التطوير التراكمي للاستفادة المستمرة من النتائج وتطويرها من خلال الخبرة الفعلية. ثم تعميمها تدريجياً في ظل التدريب المتخصص للمدرسين لرفع وعيهم وصقل خبراتهم. إن د. أحمد الطيب ليس مجرد رجل دين، بل هو عالم وفقيه.. يعي جيداً دور الأزهر الشريف ومكانته. وما يفعله.. يؤكد أنه في طريق تأكيد ريادة الأزهر الشريف كجامع له مكانته علي مستوي العام كله. إنها نهضة الأزهر الشريف من خلال تطوير التعليم الديني.. حجر الزاوية في تطوير الخطاب الديني الذي كان محط الاهتمام طيلة السنوات الماضية. ولقد استطاع د. أحمد الطيب أن يبدأ، وعلينا الدعم والتشجيع، وعليه الاستمرار والتقدم.