المعني الجديد والمحتوي الجديد، لن يكون في مزيد من التعبيرات التي تصف حالة الناس، كما تمكنت من ذلك الصحافية فريدة الشوباشي علي صباح دريم، ولن يمكن إعطاء الكلام أكبر من قدره.. ذلك الذي يجري علي القنوات الخاصة والصحف الخاصة التي يملكها رأسماليون. يحسم الكلام الأمر عند وصف الواقع البائس الذي نعزوه حتي من علي الشاشات التي يملكونها والصحف التي يصدرونها، إلي تزاوج المال مع السلطة! ليس تناقضا محبطا فحسب وتأجيجا لغضب الناس، وإنما عجز وتعجيز عن تحليل التغييرات الناتجة، وعلي رأسها تحديد مسار لانتقال السلطة، وبسبب شدة تعقيد الظروف المحلية والاقليمية والعالمية، ترتبك كل التحركات من أجل الإصلاح، ويبدو عقد تحالف بين القوي الاجتماعية والسياسية التي تئن من الأحوال السيئة أمرا غامضا، ما بقي المتحدثون عن المستقبل هم دائما أنفسهم، حفنة من المصريين، يؤسسون وقد توقفوا عن خبرتهم التاريخية وإرثهم المذهبي والسياسي. حتي الآن، لا أري إلا مساحة ضئيلة ومتحدثين قلائل، يلتفتون لعمليات شاملة تجري داخل الفكر المصري، الذي يطمح إلي أشكال جديدة من الاقتصاد، ومطالب التغيير السياسي والاجتماعي والديني، وأوضاع الأحزاب المصرية. ألا توجد انجازات تؤهل لاستخدامها كعناصر تقويم أساسي في رصد وتقدير حركة المستقبل ولماذا نخفق في استخدامها؟. ألا يمكن أن نعتبر مثلا، أننا لازلنا نعيش في ظلال الموجة الأولي للانتقال، يغمرنا ماض عنيد متشبث، يقاوم تيارات الوضع الداخلي وقد تحركت بصورة وصفها الكثير من المحللين السياسيين - في الداخل والخارج - بكونها إيجابية؟ ودخلت الساحة السياسية طروحات كانت تعد أحلاما لليبرالية المصرية، وبأسلوب يتناول الوضع بصورة كلية ويركز علي موضوع التعديلات الدستورية التي تغير من صياغة العلاقة بين الدولة والمواطن. فتم إلغاء اختيار رئيس الجمهورية بطريقة الاستفتاء وتتصاعد المطالبة من قبل البعض بتعديل المادة 77 والتي تقصر الرئاسة علي فترتين. ويري الكثير من المتابعين للوضع المصري أن تأثيرات هذه الموجة لاتزال غير قادرة علي تحقيق نتائج فاصلة، لكن أحدا لا يمكنه انكار انعكاساتها، تذبل وتضمحل سياسات شحن الجماهير في اللوريات لتقديم المبايعة، نستبدل بها حملات التفويض وجمع التوقيعات الكتابية وعبر الانترنت، ورسائل الموبايل، ولأكثر من جهة وزعيم! ولعلكم ترون أن هذه العمليات تقحم مناقشات الوضع علي الجماهير بما يقلل من غفوتها، وقد باتت المصارحة مطلوبة ووجوبية بين النظام السياسي والمواطنين، خاصة مع تفاقم آثار البطالة وانخفاض القيمة الحقيقية للنقود، وتآكل الطبقة المتوسطة وتدني مستوي المعيشة للطبقات المتوسطة والفقيرة وزيادة معدل الجريمة في مصر وارتباطه بالبطالة.. ولا يستطيع أحد أن ينكر علاقة الدولة والرأسماليين العظام بحل أزمة البطالة وقد أثبت المواطن المصري أنه يموت غرقا من أجل الحصول علي فرصة عمل! أليس هذا ما يجري بالفعل؟ ثم تزداد المصائب عددا ونوعا، من الكوارث الطبيعية إلي فعل البشر، وما يتعلق بمعاهدة السلام مع إسرائيل، ومياه النيل، وظهور الدور الإيراني والتركي بما يلقي علي عاتق الدور المصري الرسمي بالأعباء الثقيلة، فإذا أراد الحزب الوطني الديمقراطي أن يفترض أنه يمثل المصريين ككل فيمكنه استخدام «رغبة الأغلبية» الواضحة كالشمس في إزالة أسباب الاحتقان داخل المجتمع، وقد عرتها وهتك سترها الأزمات المتلاحقة. يتحمل المصريون وفي صبر ورضا ما يتعلق بمصالح الوطن، وتستثيرهم الطبيعة القبيحة للفساد وكل يوم يكتشفون اتهامات أكثر تسويئا لسمعة التشريعيين والتنفيذيين علي السواء! وفي مقدمة ما يهديء روع المصريين وهم علي مشارف انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة ألا يتركوا نهبا للعبة تخمين من يكون رئيسهم المقبل؟ خاصة مع تردد أسماء مثل البرادعي وأيمن نور وتزداد خشية الكثيرين علي مصر من الانزلاق نحو الفوضي وتحفز جماعة الإخوان. ولا شيء يعيد الاتزان في مثل هذه الحالة أكثر من أن يصبح الناس وقد أخبروا بأن رئاسة الجمهورية لم تعد أبدية.