أعلن وزير الداخلية في الحكومة التي شكلتها الحركة في غزة فتحي حماد عن فتح باب التجنيد الاختياري في الفترة القادمة ثم الاجباري، وجاء ذلك خلال كلمته في افتتاح المديرية العامة لتدريب عناصر شرطة المقالة، وكان مصدر حكومي قد أكد لصحيفة الرسالة الصادرة بغزة عن استعداد الحكومة لفتح باب التجنيد الاجباري بقطاع غزة، معتبرا ذلك "واجبًا شرعيا وأنهم في خيام صلاح الدين الأيوبي". قال الناطق باسم الداخلية "إن لجنة شكلتها الوزارة تعكف علي إعداد دراسة بهذا الشأن وفور الانتهاء منها سيتم رفعها إلي الوزير ومن ثم سيقوم بوضع التعديلات التي يراها وبعدها ترفع للحكومة في غزة لإقرارها أو غير ذلك". من جهته استبعد سمير غطاس امكانية تنفيذ حماس فكرة التجنيد الاجباري أو الاختياري للمواطنين وقال ل«روزاليوسف» إن الأمر يتطلب تنفيذه اعباء مالية كبيرة لا تتحملها ميزانية حماس التي تعاني منذ عدة شهور بسبب عمليات هدم الانفاق التي كانت عمليات التهريب من خلالها تمثل مصدر دخل أساسي للحركة، إضافة إلي تراجع مبالغ التمويل الإيراني بعد العقوبات المفروضة دوليا علي الأخيرة. واشار غطاس إلي أن الرفض الشعبي والسياسي لباقي الفصائل للقرار سيمثل عائقا اساسيا امام تنفيذه، لافتا إلي أن الحركة منذ وصلت إلي الحكم في 2007 اوقفت بل ومنعت الاطراف الاخري من تنفيذ عمليات قتالية ضد اسرائيل وبالتالي فهي ليست في حاجة إلي تجنيد اضافي للمواطنين، وتوقع أن يكون الاعلان مجرد بالون اختبار لا أكثر. كثيرا ما وقف مرشد جماعة الإخوان المحظورة، متحدثا عن قيمة الحرية وارتقي بها ليضعها في مرتبة الفرائض، ولأن الجماعة لم تتمكن من الحكم في مصر فإن تصريحات مرشدها (تتكرر بصفة شبه يومية علي السنة كافة قياداتها) لم توضع محل اختبار فعلي من قبل المواطنين، لكن حركة حماس برهنت علي ان ما تردده القيادات الإخوانية لا يعدو كونه "كلمة حق يراد بها باطل". علي مدار السنوات الثلاث التي سيطرت فيها حركة حماس علي الحكم في قطاع غزة عقب انقلاب عسكري، قدمت دليلا تفصيليا لرؤية الجماعة للحكم، فهي لم تضع اعتبارا لقيمة الحرية في مقابل تحقيق أغراض الحركة، وفي سبيل ذلك اتخذت مجموعة من الاجراءات المكبلة للحريات في القطاع فرضت عليه حصارا آخر لا يقل وطأة من ذلك الذي فرضه عليه الاحتلال الإسرائيلي. قبل أيام أعلنت حماس منع النساء من تدخين الشيشة في الأماكن العامة بدعوي أن ذلك لا يتماشي مع العادات والتقاليد الاجتماعية"، بعد أن أمرت متاجر بيع الملابس الداخلية بالتحلي بمزيد من الاحتشام وازالة الدميات التي تستخدم لعرض تلك الملابس، وادعي متحدث باسم شرطة حماس "أن هذه الاجراءات جاءت بناء علي شكاوي وضغط من المواطنين"وذكر تجار أنهم يواجهون بالفعل صعوبات في بيع سلعهم حتي قبل القواعد الجديدة، حيث تم منع الرجال من العمل في محال بيع الملابس الداخلية. رغم تأكيد حماس مرارا عدم سعيها لفرض أحكام الشريعة، إلا أنها فضت حفلا موسيقيا في القطاع وحاولت دون جدوي ارغام المحاميات في المحاكم وتلميذات المدارس علي ارتداء الحجاب، الا أن هذه الخطوة أدت الي رد فعل عكسي، خاصة أنها اعقبها قرار آخر بمنع الصحف الفلسطينية اليومية الثلاث من دخول غزة بعد ساعات من قرار الاحتلال السماح للصحف بالدخول الي القطاع، وهو ما استهجنته نقابة الصحفيين الفلسطينيين وقالت إنه يضيف أبعادا انقسامية جديدة ويكرس واقعا مؤلما في النسيج الاجتماعي الفلسطيني". يضاف إلي الممارسات الحمساوية في القطاع سلوكا آخر اكثر خطورة يتمثل في كون عدد غير قليل من الوزراء في "حكومة الأمر الواقع" خطباء في مساجد القطاع ويستخدمونها في ترسيخ حكم حماس، يؤيدون سياساتها ويهاجمون مخالفيها وعلي رأسهم اسماعيل هنية رئيس الحكومة الذي يختار كل اسبوع مسجدا ليلقي فيه خطبة الجمعة. ويؤكد نبيل زكي الأمين العام المساعد لحزب التجمع علي ان استغلال السياسي لموقعه الديني بوصفه اماما أو خطيب مسجد يعد انتهاكا لحق المواطن في الاختيار واستغلالاً لقداسة الدين الذي يجب أن نحترمه، مشيرا إلي ان دور العبادة يجب ان تكون مخصصة فقط للغرض الاساسي منها، لأن المواطن عندما يتوجه إلي دار العبادة ينتظر عظة روحية وليس خطبة سياسية.