بينما تبخرت أكثر أفكار بطل شبابي في الاقتصاد وأقصد كارل ماركس يبدو أن ادم سميث مازال علي قيد الحياة قرأت «رأس المال» لماركس في بداية الستينيات من القرن الماضي ولكن الكتاب الذي قاوم مرور الزمن هو ثروة الأمم فما هي الثروة الحقيقية وما قيمة كل هذه الأفكار لمصر. أريد أولاً أن أنوه إلي مقالة كتبتها منذ سنوات في مجلة تصدر في الإسكندرية باللغتين العربية والإنجليزية يرأس تحريرها اللواء عاصم السيد أحمد واسمها «انترناشيونال» المقالة بعنوان تقنية النانو والاقتصاد السياسي للدول النامية استعرضت فيها الأفكار الاقتصادية بداية من الفزيوقراطيين مرورًا بآدم سميث وتوماس مالتيوس وريكاردو وستيوارت مل وسيسر إلي أن وصلنا لكارل ماركس ثم الاقتصاد الحديث خصوصًا مينارد كنز وفشر وباول صمولسون وأخيرًا أحد أساتذتي في الاقتصاد والسياسة مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق روبرت كيندي الراحل البروفيسور جون كنث جولبراس. السؤال الأساسي في كل النظريات الاقتصادية هو كيف نخلق الثروة، الرد الأول كان من الفزيوقراطيين وهو أن الزراعة هي الثروة الحقيقية تلي ذلك نظريات أخري عديدة خصوصًا عما يسمي القيمة الإضافية وأجور العمال ولكن أعتقد أن الموضوع تطور إلي درجة خيالية وأستطيع الآن أن أجزم أنه عما قريب سوف يكون الإنسان والعلم هما المصدر الوحيد للثروة. العلم لم يعد عاملاً من عوامل الاقتصاد، العلم في نظري الآن يساوي الاقتصاد، أنها معادلة جديدة تقول بكل دقة أن التميز العلمي يساوي التفوق الاقتصادي فأين مصر الآن من ذلك؟ بالنسبة للتعليم العالي كلنا يعرف المشاكل ولا داعي للتكرار الممل. أما البحث العلمي فقد تكلمنا عن هذا الموضوع بما فيه الكفاية. أخيرًا وليس آخرا حملة تقنين النانو التي أطلقتها في مصر منذ حوالي 15 عاما تراجعت وأصبحت مجرد موضة لتغطية المؤتمرات والتصريحات الصحفية وبرامج التوك شو التليفزيونية. لقد تقدم الاقتصاد في مصر بدرجة كبيرة وهناك غزارة نسبية في الإنتاج، ولكن يصاحبها سوء توزيع للثروة هو وراء كل الحملات الديماجوجية في التشكيك ليس فقط في الحكومة وإنما أكثر من ذلك كثيرًا في الدولة نفسها وهو ما لا يمكن أن يؤخذ بهوادة. دعوني ألخص ما أريد أن أشرحه في سلسلة من المقالات القصيرة القادمة: أولاً: شباب مصر هو أكبر مصدر للثروة في مصر وإهدار شباب مصر أخطر مائة مرة من إهدار الغاز الطبيعي أو مياه النيل أو البترول. ثانيًا: التعليم الراقي للطلاب المتميزين علي نفقة الدولة هو أحسن ضمان استثمار في المستقبل للدولة. ثالثًا: الطاقة النووية وتقنية النانو هما مستقبل مصر العلمي والاقتصادي. رابعًا: التميز العلمي يساوي الاقتصاد الوطني لمصر. وسوف نعود لهذا الموضوع مرارًا لأهميته.