انتظرت عدة أيام لأكتب تعليقًا علي مقال الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة الأهرام عن موضوع التنمية العمرانية في المحروسة، وبحثت بعد نشر هذا المقال عن رد فعل، فلم أجد سوي مقال النابه! صديقي الأستاذ حمدي رزق رئيس تحرير مجلة المصور، حينما كتب معلقًا علي هذا المقال، ما أشفي غليلي، وآخرين علي ما أعتقد، وانتظرت أكثر، ربما أجد من يعلق أكثر، ويضفي علي ما كتبه الصديق رزق، ولكن لا أحد! وهنا وجدت نفسي في وضع يدفعني إلي الكتابة في هذا الموضوع، وشُِبَّه إلي هذا المقال بمن يعرض علي الأمة خيارين أما أن نقبل الاستثمار العقاري وأساليب النمو التي اتخذها هؤلاء المستثمرون والمنمون العقاريون، بأن نشروا في صحراواتنا مدنًا، وكومباوندز (تجمعات سكنية فاخرة)، ونشروا علي سواحل بحارنا (مباشرة) - فيلل وعمارات، وشاليهات وانقطعت الأوصال بين القديم والجديد، حيث الطرق لم يهتموا بها كما فعل (البارون إمبان) في مصر الجديدة، حينما أنشأها وكان نصب عينيه طرق ومحاور وخطوط مترو ومواصلات وأماكن ترفيه وأسواق وأماكن للعبادة «مساجد وكنائس» بجانب الفنادق والكافيهات، هكذا كان فكر المطور الأجنبي حينما جاء إلي مصر! ولكن فكر المطور المصري، كان علي أن يبيع التصميمات في قاعات عرض الفنادق سواء في القاهرة أو للمهاجرين من المصريين أو العاملين في الخارج في عواصمهم، ويجمع الأموال، ويشرع في بناء الخرسانات دون استراتيجيات نقل أو خدمات أو تعليم لذلك نري أن القاهرةالجديدة أو الشروق أو بدر كلها كانت ومازالت أحياء (ميتة) سكان منغلق عليهم أسوار وأمن، ولكن غير القادر لا مكان له، وبالتالي حتي عناصر الخدمة والقائمون عليها لديهم مشكلة كبري، فانتشرت لهم وسائط عشوائية من ميكروباصات، وسيارات خارج الخدمة وخارج القانون، وانقلبت الحياة خارج أسوار التجمعات إلي عشوائية خطيرة، وهنا لم نجد خطة لدي هؤلاء المنمين الجامعين لأموال المصريين، خطة لسكن للإيجار، مساعدة الطبقات الوسطي في مصر أو سكن لرقيقي الحال لا يوجد في خططهم هذا علي الإطلاق حتي هؤلاء المنمون المتشدقون بالوطنية. وتدخلت بعض الأقلام، وتدخلت بعض المجموعات التي تعمل ضمن أمانة سياسات الحزب الوطني، لكي تضع أوراقًا لتنظيم عملية العمران في مصر، وصدرت بعض التعديلات التشريعية ولكنها جميعاً غير كافية! كما أن هناك بعض القرارات الوزارية التي باركها الرئيس مبارك في افتتاحه لأحد المشاريع الكبري في البنية الأساسية، حينما سمعنا عن وحدات سكنية للإيجار بالاتفاق بين المحافظات ووزارة الأوقاف، وهذا اتجاه حميد، ولكن كله علي حساب الدولة، علي حساب الموازنات العامة، شبكة طرق، مرافق أساسية ( كهرباء + مياه + صرف صحي) كله علي حساب صاحب المحل، لكن هؤلاء الجشعين الجامعين للأموال لا هم لهم إلا الإنشاء لطبقات بعينها دون الاقتراب من الخدمات الأساسية والتي يتركونها للدولة، وهنا، كلام «د.عبد المنعم سعيد»، معايراً المعترضين أو المهاجمين أو الناقدين لهذا النوع من الاستثمار، ويسأل ماذا لو لم يستثمر هؤلاء؟ هل كنا سنجد المدن الجديدة اليوم؟، أو منشآت الشواطئ الشمالية وغيرها وكأنه يخيرنا بين مرضين إما السرطان (لا قدر الله) أو البروستاتا، ونحن رافضون لكل الأمراض، حيث إن الدولة يجب أن تضع في حسابها آليات تؤهل المناخ التشريعي لعودة صغار المستثمرين في التنمية العقارية وأن تشترط علي السادة المنمين الكبار إنشاء مبان محددة (للغلابة) وللطبقة الوسطي والمحدودة علي الأقل تعود لافتة (شقة للإيجار)!!