من أعظم ما خلق الخالق سبحانه في جسم الإنسان (الجهاز العصبي) هذا الذي يشمل المخ والحبل الشوكي الذي يمتد هذا الأخير من المخ إلي جميع أعضاء الجسم، وتكمن الوظيفة الرئيسية للجهاز العصبي في حمل الرسائل من إحدي مناطق الجسم إلي منطقة أخري، وكما ذكر العلماء المتخصصون أن هذه الرسائل تتكون من نبضات كهربية دقيقة تنتقل بسرعة فائقة خلال الجهاز العصبي المركزي عبر الأعصاب فيما يسمي بالفعل المنعكس. والفعل المنعكس يتمثل في سحب اليد بسرعة عند لمس شيء ساخن جدا، وذلك يعني أن الحرارة أثرت في النهايات العصبية التي في الأصابع مما سبب نبضات تمر بسرعة فائقة خلال العصب إلي المخ، والمخ عندما تصله تلك النبضات يقوم بإرسال نبضات أخري إلي عضلات الذراع لسحب اليد بسرعة بعيدا عن الشيء الساخن الذي تم لمسه، مما يعني أن الإحساس الحقيقي بالحرارة أو الألم أو البرد أو السعادة أو الحزن أو غيرها من الأحاسيس تبدأ في المخ أولا ثم يرسل المخ رسائله لينعكس ذلك الإحساس علي أعضاء الجسم المختلفة. هذه الوظيفة التي يقوم بها الجهاز العصبي تعمل بنشاط وكفاءة ما لم يتعرض الجهاز العصبي للعوارض التي قد تؤثر علي نشاطه وكفاءته، فحين يمرض الإنسان ويشعر بالألم يقوم الجهاز العصبي بنقل هذا الشعور بالألم لبقية أجزاء الجسم، وحين يشتد الألم علي المريض نراه يحتاج إلي بعض العقاقير المسكنة للألم، وعند تناوله إحدي هذه العقاقير يضعف النشاط الحسي للجهاز العصبي مما يخفف من الشعور بالألم. وقد يفقد الحس والشعور تماما تحت تأثير المخدر الشديد، والجهاز العصبي لا يقتصر عمله علي الشعور بالآلام الجسدية وحسب، بل يمتد عمله إلي الشعور بالآلام المعنوية المختلفة كالشعور بالظلم والاضطهاد والذل والفقر والإهانة والاستعباد والقهر والشعور بالكآبة والقلق وعدم الأمن وفقدان الاستقرار والإحساس بالضياع وفقدان الهدف والأمل في الحياة، هذه المشاعر لا تقل ألما وقسوة علي النفس من الآلام الجسدية. فمن الناس من يلجأ إلي العقاقير المخدرة كالحشيش والأفيون والهيروين والكوكايين والبانجو والمشروبات الكحولية لتخفيف الشعور بهذه الآلام، فهذه العقاقير تؤثر بدورها علي الجهاز العصبي مما يتسبب في فقدان الذاكرة وتبلد المشاعر والهذيان والسلبية واللامبالاة والهروب والانسحاب من الواقع بدلا من مواجهته، والشعور المؤقت المخادع بالسعادة والعيش في غيبوبة بعيدا عن الواقع وآلامه ومراراته، هذا وناهيك عن تدمير خلايا الجسم ووظائفه. ومن وظائف الجهاز العصبي كذلك تأثره بواقع الإنسان وما يدور فيه من خير أو شر، فحينما تكون ذاكرة المخ زاخرة بأفكار سوية سليمة صحيحة تعمل هذه الأفكار علي دفع الجهاز العصبي للإنسان إلي التعامل مع واقعه إن كان مرا وأليما بمقاومة سلبياته وعدم الاستسلام لها وكذلك الدفع به إلي محاولة تغييره إلي الأفضل والأحسن، لكن الإعلام الديني ماذا يفعل بالناس اليوم وماذا يقدم لهم وماذا يروج بينهم في مقابل واقعهم المر والأليم؟؟، إن الإعلام الديني يقوم بتحويل الناس إلي مدمني عقاقير فكرية دينية مخدرة، حيث يقدم لهم أشكالا مختلفة من الأفكار الدينية التي تماثل في تأثيرها تأثير العقاقير المخدرة، بل إن تأثير العقاقير المخدرة كالحشيش والأفيون والبانجو وغيرها من العقاقير يبقي مفعولها لفترة محدودة ثم يتلاشي تأثيرها، أما العقاقير الفكرية الدينية المخدرة فتأثيرها ممتد ومستمر إلي نهاية العمر إلا إذا تم تغييرها واستبدالها بأفكار متزنة وصحيحة. ويمكن لأي إنسان قد عافاه الله من الوقوع تحت تأثير جميع أنواع وأشكال المخدرات سواء كانت عقاقير مخدرة أو أفكار مخدرة أن يكتشف بكل سهولة ويسر مدي التخدير الذي يقوم ببثه الإعلام الديني اليوم وترويجه بين الناس في حشره (الله) في أدق تفاصيل حياة الناس منذ استيقاظهم من النوم وإلي حين استيقاظهم ثانية في اليوم التالي، حيث جعل الإعلام الديني من الله ما يشبه الحاكم المستبد العابث اللاهي اللاعب الذي يعطي هذا ويمنع ذلك ويميت هذا ويحيي ذلك ويمرض هذا ويشفي ذلك ويسعد هذا ويشقي ذلك ويغني هذا ويفقر ذلك ويرزق هذا ويمنع الرزق عن ذلك هكذا دون أسباب، وكل هذا يتم تحت تأثير معتقدات تقول: (هذه إرادة الله، وإرادة الله فوق كل شيء، وكل شيء بمشيئة الله، ولا راد لقضاء الله، وهذا قدر الله. وكل شيء نصيب، والرزق بيد الله، وخليها علي الله، ولن يأخذ الإنسان سوي نصيبه، وكل شيء بيد الله، ولن يأخذ أحد شيئا من الدنيا سوي ما كتب الله له)، وغيرها من المعتقدات التي أفرغوها من مقاصدها ومعانيها الحقيقية وقاموا بتعبئتها بمقاصد ومعان أشر وأبشع ألف مرة من المواد المخدرة، حيث إن تأثير هذه الأفكار المخدرة علي الناس جعلهم يعفون أنفسهم من التفكير في أي شيء، ومن التخطيط لأي شيء، ومن تغيير أي شيء، ومن تدبير أي شيء، ومن تجديد أي شيء، ومن الاستعداد لأي شيء، وجعلهم في حال من الاستسلام الكامل لسطوة وطغيان الواقع، وفقدان الذاكرة، وتبلد المشاعر، والغرق في السلبية واللامبالاة، والانسحاب من الحياة، والبقاء في غيبوبة دينية ممتدة ومستمرة لن يفيقوا منها أبدا. هذا لأن المخدرات الدينية التي يبث سمومها الإعلام الديني بين الناس اليوم لهي أشد جرما وخطرا وفتكا بحياة الناس وأفكارهم ومعتقداتهم وحاضرهم ومستقبلهم من العقاقير المخدرة، وستظل الجماهير تحت تأثير ذلك المخدر الديني في حال انتظار دائم بأن يقوم الله بإصلاح شئون حياتهم وتدبير أمور دنياهم، وأبشر هؤلاء المدمنين علي المخدرات الدينية أنهم سينتظرون الله طويلا ولن يفعل الله لهم شيئا. للحديث بقية..