اعتاد الناس كما اعتاد الكتاب الانشغال بمشاكل الحياة اليومية بداية من رغيف الخبز إلي مشاكل التعليم ومشاكل الصرف الصحي والمواصلات العامة إلي ما لا نهاية للمشاكل اليومية وهذه هي طبيعة الدنيا حتي لو حققنا انجازات كبيرة تجاه هذه المشاكل وغيرها سيبقي الإنسان في كبد، ومع زحمة هذه المشاكل وتداخل الأفكار والحلول تغافل كثيرون من الناس عن يوم الميعاد الذي لابد وأننا ملاقوه، ولقد تجولت في مقابر بعض المدن والقري فوجدت حرجًا بالغًا ومواقف مؤسفة لأحوال موتانا وموتي المسلمين. وسوف أقتصر علي مقبرة مدينة دمنهور حيث العشوائية والفوضي والنزاع والشجار كلما عجزت بعض الأسر ممن أصابهم مصاب الموت أن يجدوا موضعًا لدفن موتاهم، وهذه المشكلة مشكلة قديمة يعلم بها كل من توافد علي كرسي المحافظة، وبالسؤال والتقصي وجدت أن مشروع المقابر مشروع استثماري يُجني من ورائه الكثير فكتبت هذا الاقتراح لوزارة الأوقاف المصرية وهي الوزارة المعنية بالدعوة الإسلامية والتي من فروعها أحكام الجنائز وفقه الممات. ومن المعلوم أن لهيئة الأوقاف المصرية أراضي موقوفة في كل مدن مصر وقراها ومن المعلوم كذلك أن الواقف يريد ثواب الآخرة خاصة في الوقف العام، ومن الثواب العظيم احترام موتي المسلمين والإحسان إليهم فحرمة الميت حيَّا كحرمته ميتًا، فما المانع أن تقوم هيئة الأوقاف المصرية بمسح عام لما تملكه من أراضٍ تتوافر فيها شروط وزارة الصحة لإنشاء المقابر. وتقوم الهيئة بتخصيص مساحات مناسبة لإقامة مقابر شرعية وتطرح علي الناس لشرائها مع تخصيص نسبة منها كمقابر صدقة للفقراء والمساكين، وبمقاربة ثمن الفدان الحالي كأرض زراعية بسعر الفدان في الأراضي المستصلحة فسنجد أن الفدان الواحد في الأراضي الطينية بعد بيعها كمقابر سيساوي ثمانية وعشرين فدانًا مستصلحا ولنا أن نتخيل حجم الاستثمار العائد من هذا المشروع فضلا عن حل مشكلات عويصة يعاني منها الناس حينما يصيبهم مصاب الموت. ولو تطلعت هيئة الأوقاف إلي ما هو أكبر بشراء أراضٍ صحراوية لم تستصلح بنفس أموال المقابر المقترحة فسيؤدي ذلك إلي مكاسب أكبر وأكبر، فمثلاً لماذا لا تستحدث هيئة الأوقاف المصرية شركة لاستصلاح الأراضي الصحراوية لحساب الأوقاف؟ فيتحقق بذلك أكثر من انجاز منها: 1- استثمار أفضل وآمن للأوقاف المصرية. 2- المساهمة في مشكلة البطالة حيث ما سبق ذكره ما هو إلا مجموعة أعمال يلزمها عمالة وحركة وبيع وشراء.. إلخ. 3- تنوع مصادر دخل الأوقاف وتنميتها لخدمة الأهالي التي من أجلها أوقفت الأموال والعقارات والأطيان حيث تصب كلها في أعمال البر في الدنيا والآخرة وفي خدمة الدعوة الإسلامية. 4- مساهمة الأوقاف مساهمة فعالة في حل إحدي المشاكل الملحة للمسلمين. 5- الاستغلال الجيد والمخطط للمقابر بعيدًا عن العشوائية بما يحقق أفضل المطلوب. كما اقترح علي هيئة الأوقاف المصرية إن استجابت للفكرة المطروحة أن تتخذ من النموذج الآتي لفكرة مشروع المقبرة كمايلي: أولاً: اختيار أراضٍ بعيدة عن التجمعات السكنية واستقطاع مساحات مناسبة للنمو الطبيعي الملازم للنمو البشري. ثانيًا: تعيين لجنة شرعية لطرح الإطار الشرعي للمقابر حتي يقوم المهندسون بمراعاة ذلك في تصميمهم للمقابر. ثالثًا: بناء مصلي للجنائز قريبًا للمقبرة وغير ملاصق للمقابر. رابعًا: بناء مغسلتين أو أكثر بعضها يخصص للرجال والبعض للنساء. خامسًا: تعيين موظفين من الجنسين لمهمة الغسل بإشراف شرعي ومن خلال دورة شرعية وطبية لهؤلاء المعينين. سادسًا: فتح باب تسبيل الأكفان للفقراء والمحتاجين. سابعًا: توفير سيارات لنقل الموتي إلي المقابر. ثامنًا: تثمين ما سبق بيانه وتقنين الرسوم النقدية بلا إفراط أو تفريط بمعني أنني لا أريد أن أحمل هيئة الأوقاف نفقات إضافية لعموم الناس، بل اقتراحي موجه لأداء خدمة بمقابل وعائد يعود علي هيئة الأوقاف لتحقيق أهدافها الخيرية، مع فتح باب السبيل في هذه الجوانب، فيدفع الغني مقابل الخدمات المذكورة، ويجد الفقير نفس الخدمات برسوم رمزية أو بإعفاء تام علي حسب ما تقرره هيئة الأوقاف من مصلحة لجميع الأطراف.