طهران المرعوبة من إسرائيل حديث بعض المصادر الإيرانية عن (القيود المصرية) التي أدت إلي منع وصول سفينة مساعدات إيرانية إلي غزة.. هو فضيحة بكل المقاييس.. ويكشف عن خشية إيران من مواجهة إسرائيل.. أو تحسبها أن تتلقي إهانة مشينة مثل تلك التي تلقتها تركيا.. وفي ذات الوقت إصرارها علي أن تجسد حقدها علي مصر بطريقة علنية.. وبأكاذيب ملفقة.. ومتعمدة.. ولكن إيران وهي تكذب نسيت القاعدة التي تقول: إن كنت كذوبًا فكن ذكورًا. إن الدليل علي هذه الفضيحة الإيرانية لا يحتاج إلي بذل جهد كبير.. ففي يوم 26 يونيو الحالي، وزع موقع المقاومة الإسلامية اللبنانية التابع لحزب الله خبرًا، منقولاً عن وكالة الأنباء الإيرانية (أرنا)، جاء فيه ما يلي: «أعلن الأمين العام للمؤتمر الدولي لدعم انتفاضة فلسطين الشيخ حسين شيخ الإسلام «أن سفينة المساعدات الإيرانية لن تذهب إلي غزة كما كان مقررًا». وأضاف في حديث لوكالة «أرنا» الإيرانية: كان مقررًا أن تسير السفينة الخميس 24 يونيو، ولكن بسبب القيود التي وضعها الكيان الصهيوني الغاصب تقرر أن تتحرك السفينة بعد غد الأحد، لكن هذا الموعد ألغي»، موضحًا أن «السبب الأهم في عدم تسيير سفينة المساعدات الإيرانية يتمثل بالممارسات العنيفة واللاإنسانية لهذا الكيان إزاء المساعدات الإنسانية»، ولفت إلي أن المساعدات الإنسانية الإيرانية لن ترسل عبر السفينة الإيرانية لكنها سترسل عبر طريق آخر إلي غزة. الأمين العام للمؤتمر الدولي لدعم انتفاضة فلسطين، أكد «أن الكيان الصهيوني سيّس قضية مساعدة الفلسطينيين المحاصرين في غزة، وأن إيران لا تريد تسييس هذه الخطوات الإنسانية لأنها تعتبر كسر الحصار المفروض علي قطاع غزة من أهم القضايا الأخري»، مشيرًا إلي أن إيران قررت سلب الذرائع من أيدي الكيان الصهيوني بإرسال مساعدات تضم مواد غذائية وأدوية ومعدات للبناء إلي قطاع غزة دون ذكر اسم إيران عبر أساليب أخري». انتهي الخبر. ولكن بعض القوي في إيران رأت أن إعلان موقف من هذا النوع يمكن أن يعني أن دولة الثورة (الفظيعة).. التي تدعي مقاومة العدو الغاشم.. إنما تراجعت خشية من إسرائيل.. وأن هذا لا يليق بدولة تزايد في كل لحظة بمساندة فلسطين.. وأهل غزة.. وأنها بمساندتها تلك أنجع من أي دولة عربية أخري.. خصوصا طبعًا مصر.. ومن ثم كان أن أعلن الهلال الأحمر الإيراني أنه قد تم فرض قيود مصرية علي عبور السفينة الإيرانية من قناة السويس. وقد كذبت هيئة قناة السويس هذا الكلام جملة وتفصيلاً.. وقالت إنها لم تتلق أي طلب من إيران بعبور سفينة مساعدات إيرانية وأن الملاحة في القناة حرة لا تتقرر علي أي سبب سياسي.. وهو تكذيب يعني أن علي إيران أن تظهر أي ورقة أو أي دليل يؤكد مزاعمها الكاذبة عن أن قناة السويس قد منعت مرور السفينة. أفهم أن إيران لو كانت صادقة كانت قد أبحرت بالسفينة حتي مدخل قناة السويس، وصنعت فضيحة لمصر لو أن مصر منعت مرور السفينة.. ولكن هذا لم يحدث.. لأن إيران عمليًا أدركت أن مصر سوف تسمح بمرور السفينة.. وأن هذا المرور يعني أن إيران سوف تكون وجهاً لوجه أمام بحرية إسرائيل.. ومن ثم فإنها قد اختارت ألا تتحرك السفينة أصلاً من إيران.. كما قال الشيخ حسين شيخ الإسلام في خبر وزعته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.. وبثه موقع حزب الله.. وقال فيه إن السبب الأهم هو القيود الإسرائيلية.. والواقع أنها ليست قيوداً وإنما تهديدات. وليست هذه هي المزايدة الوحيدة لإيران منذ وقعت مذبحة أسطول الحرية في نهاية مايو الماضي.. فالغيرة من الصدي الذي حصلت عليه تركيا.. دفع مسئولا ًفي الحرس الثوري الإيراني إلي أن يقول في تصريحات معروفة إن الحرس الثوري مستعد لحماية سفن الإغاثة إلي غزة.. إذا ما حصل علي أمر بذلك من آية الله خامنئي قائد الثورة الإيرانية.. وبالطبع لم يعط خامنئي هذا الأمر.. لأنه لا هو ولا دولته يريدان أي مواجهة مع إسرائيل.. ومن قبل كان خامنئي نفسه قد تلقي دعوات من شباب إيران بأنهم يريدون أن يشاركوا في حرب غزة.. فخطب فيهم وقال إن عليهم أن يساندوا فلسطين من داخل إيران.. وأخذ بعضًا من هؤلاء الشباب في زيارة إلي ضريح الخوميني.. وكفي الشباب خطورة هذا الحماس.. وعادوا إلي بيوتهم ليناموا.. هذا كلام معلن وكتبته موثقًا منذ عام. وعلي العموم فإن حركة حماس حين وجدت أن حليفتها إيران قد تورطت في تصريح ممثل الحرس الثوري الذي قال فيه إن إيران مستعدة لحماية سفن الإغاثة إلي غزة.. كان أن قالت حماس علي لسان نائب اسمه جمال الخضري: لا نريد أي تدخل عسكري.. ومن ثم رفع عن المسئول الإيراني المتحدث حرج المواجهة.. ورفع عن الإمام الصامت حرج إعطاء الإذن للحرس الثوري بأن يقوم بهذا الذي ادعاه. الحكاية ببساطة، سواء علي مستوي سفينة الإغاثة الخائفة التي تراجعت إيران عن إرسالها، أو علي مستوي الحرس الثوري المرعوب الذي عرض حماية السفن وانتظر إذناً لم يأت، إن إسرائيل كررت أكثر من مرة أن أي خطوة إيرانية من هذا النوع سوف تكون بمثابة عمل استفزازي وقد تقود إلي حرب شاملة.. وقد فهمت إيران الرسالة ومن ثم ابتلعت مزايداتها.. ولكنها خجلت من أن تعلن ذلك.. فراحت تجر أذيال الخيبة وتغطيها بأكاذيب علي حساب مصر. إذا لم تكونوا علي قدر الكلام لماذا تقولونه.. وإذا لم تكونوا علي قدر الإغاثة لماذا تعرضونها.. وإذا لم تكونوا علي قدر المواجهة لماذا تعلنون التحدي؟ يا أيها الأشاوس أنتم أدعياء من ورق.. لو كنت أدعي عليكم فإن الميدان مفتوح لكم.. تفضلوا.. قناة السويس لن تمنع سفينة من أي نوع.. حربية أو مدنية.. للإغاثة أو للحراسة أو حتي للإغارة.. أرونا القوة يا كذابون. إن هذا يذكرني بموقف شهير في الثقافة المصرية يعود إلي أوبريت (الليلة الكبيرة) لمؤلفه المبدع الرائع صلاح جاهين.. حين تحدي أحد رواد المولد واسمه الأسطي عمارة بأنه قادر علي (زق الطارة وضرب مائة بمبة).. لكنه امتنع في النهاية متحججاً بأن (البدلة جديدة).. وقد حظي بزفة رائعة من أطفال يلعبون في المولد ساخرين من تحديه الزائف.. (ها هأه سعيدة.. يا أبو بدلة جديدة). [email protected] www.abkamal.net