لا لسيدات الصالونات.. ولا للأخوات المنقبات 1 - وجود هذا العدد الكبير من السيدات في مجلس الشعب «نعمة»، خصوصًا في هذا الزمن الأغبر، الذي تحالفت فيه قوي التطرف والتخلف والظلام، لإعادة النساء إلي ثكناتهن، أو إلي غرف النوم. - لا أدري لماذا يختزل المتطرفون النساء في شيء واحد هو «مستودع الشهوة».. وهي نظرة دونية وعنصرية، وتقتل في النساء الملكات والمواهب الأخري التي منحها الله لهن. - المرأة جسد وعقل، وعقلها أهم بكثير من جسدها، لأنه سر التقدم والخيال والإبداع، وعقل المرأة لا يقل أبدًا عن عقل الرجل، بل يزيد في كثير من الأحيان. 2 - دخول النساء البرلمان نعمة لعدة أسباب: أولاً: لحماية المرأة المصرية من طيور الظلام المتربصين بها، ويحلمون بعودتها إلي منزلها ولا تخرج منه إلا لقبرها. - ثانيًا: لأن احترام ورقي الأمم لا يقاس بمستوي الدخل القومي فقط، ولكن بدرجة المساواة بين النساء والرجال، حتي كلمة «مساواة» أصبحت إرثًا للتخلف لا نسمعه إلا في المجتمعات المنغلقة. - ثالثًا: لأن مصر هي القلب الذي ينبض في المنطقة العربية والإسلامية، وإذا تحررت المرأة هنا، ستنتقل العدوي إلي سائر النساء في المنطقة. 3 - رابعًا: لأنه آن الأوان لرفع جميع أنواع الظلم الاجتماعي عن كاهل النساء، الظلم الذي يصل في بعض الأحيان إلي اغتصاب الحقوق البسيطة والتطلعات المشروعة. - خامسًا: لأن المرأة المصرية تقدمت للأمام ثم تراجعت للخلف، ثم تقدمت للأمام، ولابد من ترسيخ وتحصين حقوقها ومكتسباتها حتي لا يفكر أحد في إقصائها مرة أخري. - سادسًا: لأن الفترة القادمة تحتاج تلاحم وتفاعل كل أبناء الوطن، المسلمين والأقباط، النساء والرجال، الفقراء والأغنياء، وغيرهم من الفئات، سعيًا وراء مشاركة تفتح طريق المستقبل. 4 - تصوروا معي حين ينعقد مجلس الشعب الجديد وفيه سبعون سيدة علي الأقل، هل سيجرؤ السادة النواب الرجال علي أن يناموا في الجلسات ويصدر منهم بعض «الشخير»؟ - هل يجرؤ النواب الرجال أن يعلو صوتهم أو أن تنطق ألسنتهم بأشكال وألوان من الألفاظ الجارحة التي كنا نسمعها في البرلمانات السابقة، أم سيراعوا وجود المرأة في البرلمان؟ - هل يستطيع النواب المتطرفون أن يشعلوا حروبًا عدائية بسبب الموضوعات المتعلقة بالنساء كالحجاب والرقص الشرقي وغيرها، كما كان يفعل نواب المحظورة؟ 5 - أعتقد أنه من الصعب أن تتكرر حكاية «نواب الأحذية» في وجود هذا العدد الكبير من النساء، لأن النائب الذي يرفع حذاءه سوف يواجه نائبة سوف تعامله بالمثل. - وأعتقد أنه من الضروري توزيع النائبات بين الصفوف وليس جلوسهن متجاورات في صفين أو ثلاثة، كما يفعل نواب المحظورة والنواب المستقلون، فينشأ جزء آخر اسمه «الركن البعيد الهادي». - وأعتقد أن السادة النواب سيحرصون علي شياكة المنظر والمظهر والهندام، والبارفان وسبسبة الشعر «لغير الصلع» وخفض الصوت وغض البصر وحلاوة اللسان. 6 - قبل هذا وذاك، هل يستحق المصريون هذا التطور الكبير، فيحسنون اختيار النساء اللائي يصلحن لهذه المهمة الخطيرة، أم نختار أصنافًا نندم عليها وقت لا ينفع ندم؟ - هل يقع الناخبون في شرك «الأخوات المسلمات» ودعايتهن الانتخابية الكاذبة، التي شاهدنا صورًا منها في انتخابات 2005، فكانت وبالا ًعلي الديمقراطية وعلي الانتخابات والبرلمان. - كانت نساء الإخوان يذهبن إلي البيوت ويستعطفن أهلها لإعطاء أصواتهم لمرشحيهم، بزعم أنهم يتعرضون للظلم والاعتقال، «واحلف ع المصحف إنك حتديني صوتك». 7 - سيكون وبالاً علي الديمقراطية والانتخابات أن يتسرب تحت القبة طابور من المنقبات، فينصرف البرلمان والمجتمع والرأي العام إلي جدل عقيم يعود بنا إلي الماضي، ولا يقود إلي المستقبل. - نحتاج امرأة قوية ومتعلمة ولها تواجد بين أهلها وناسها في الدائرة، يلتفون حولها ويذهبون إليها ويحترمون كلمتها.. وفي مصر نساء كثيرات من هذا النوع. - أحسنوا الاختيار، ليس من «سيدات الصالونات» ولا من «خيام المنقبات»، ولكن من صنف المرأة المصرية التي تعيش في بيوتنا وتقف كالعامود الخرساني الذي يرفع البيت كله. E-Mail : [email protected]