في عصر سحيق من عصور ماقبل التاريخ ، حدثت هذه الحكاية، إنها قصة أول هدية قدمها رجل لامرأة.. و لما كان من الخطأ أن نطلق علي بطلنا اسما محدداً، لذلك من الأفضل أن نسميه "عااااا" فقد كان يصدر صوتاً شبيهاً بهذا المقطع عندما كان يشعر بالخوف أو الجوع أو بأي انفعالات أخري.. أما هي فمن الممكن أن نسميها "هااااا" لنفس السبب، وكان الكهف الذي يعيشان فيه علي أطراف الغابة قريباً من نبع مياه عذبة، ويبعد عن البحر مسيرة نصف نهار تقريباً، كان "عااااا" هائل الحجم قوياً، مفتول العضلات، يستطيع القضاء علي ثور بري بضربة واحدة من قبضة يده.. وكان جسمه يتسم بدرجة عالية من المرونة و خفة الحركة. وكانت "هااااا" جميلة بمقاييس ذلك الوقت.. فقد كان شعرها الطويل الأسود بلون الليل يغطي رأسها و وجهها وجسمها كله.. كانا يتجولان في الغابة طوال النهار.. يتسلقان الأشجار، ويقطفان الثمار، ويطاردان الأرانب البرية أو الأوز المتوحش، أو يستلقيان علي شاطئ البحر في استرخاء.. ثم يعودان إلي الكهف فيدخلانه، ويسدّان الباب بصخرة تمنع اقتراب الحيوانات المتوحشة، وفي الكهف كانا يقضيان لحظات طيبة. وذات يوم، لاحظ "عااااا" أن "هااااا" تعامله بشكل فيه نفور وجفاء، وتحرمه من اللحظات الطيبة بل تصرخ في وجهه ببعض الأصوات الغريبة التي يمكن ترجمتها إلي: روح ياشيخ إلهي أسد ياكلك. حاول أن يخضعها بالعنف ففوجئ بها توجه لكمة هائلة إلي فكه أوجعته بشدة، القوة لن تجدي، فهي قوية مثله تماماً، لم يشعر باليأس لا بد أن يفعل من أجلها شيئا مبهراً لم يفعله من قبل، وفجأة جاءته الفكرة فيما يشبه الإلهام، أمسك بحجر مدبب ذي حواف حادة.. واختبأ بين الأغصان الكثيفة فوق شجرة عالية.. كان يعرف أن النمر سيأتي حتماً عندما يشم رائحته وبالفعل جاء النمر متشمماً، باحثاً عنه.. عند ذلك بسرعة خاطفة وفي تصويب محكم قذف النمر بالحجر فمات علي الفور بعد أن تهشم رأسه. نزل صاحبنا وبدأ يسلخ جلد النمر، ثم أخذه إلي البحر وغسله بقوة و دعكه بالرمال ثم نشره علي الرمال الساخنة، وعاد إلي الكهف فوجدها تجلس أمامه وقد أوقدت ناراً. فوجئت بالمنظر وأخذت تنظر لجلد النمر باستغراب.. عند ذلك اقترب منها ووضع جلد النمر علي جسمها في حنان بعد ذلك اصطحبها إلي بركة مياه قريبة ليريها شكلها الجديد منعكساً علي صفحة الماء، ابتسمت واحتضنته في سعادة. لم يكن يدرك أن هديته سوف يكون لها كل هذا التأثير المدهش علي أنثاه التي بدأت تعامله بشكل لذيذ لم يعهده من قبل، فبدأ يقتل الحيوانات والزواحف ليسلخها ويعود بجلودها إليها، هكذا بدأت أول أنواع الملابس والأحذية والحقائب في الظهور، واستمرت حتي الآن.. بعد ذلك بدأت مرحلة الإكسسوار، والباقي انت عارفه، غير أن اسمها تغير مع الأيام فأصبح (هات) واسمه تحول إلي (حاضر).