حملت آراء د.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في كتابه تجديد الفكر الإسلامي مفاجآت بالحديث عن الغلو في الغيبيات، وأنها مظاهر التخلف، وسببت الشلل في الفكر الديني والميل إلي التواكل، بدلاً من الاعتماد علي الإرادة الإنسانية. وضرب الوزير مثلا بفريق من الصوفية يتحدثون عن أشياء في عالم الغيب لم يرد لها ذكر لا في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا تعدو أن تكون مجرد انطباعات ذاتية وتعد من قبيل الرجم بالغيب. يواصل «زقزوق» في كتابه الحديث عن مظاهر تخلف الفكر الديني، واختزال الإسلام، في مجموعة من الشعائر التعبدية، وفصله عن الحياة والاعتقاد في الخرافات، وشيوع عقيدة التواكل بين الناس، واختزال الإسلام في عقوبات الحدود وغياب الفهم الصحيح لمقاصد الشريعة الإسلامية والاتجار بالشعارات الدينية لأهداف لا صلة لها بالدين. أرجع الوزير ذلك إلي انتشار مصادر التثقيف السيئة التي تدعو إلي التعصب والتشدد بالإضافة إلي المذهبية المتحجرة التي تنشر الجهل بين الناس. وتحدث عن الخلط بين المفاهيم الدينية كالسنة والبدعة والكفر والالحاد وانتشار دعاوي التكفير من جانب من يزعمون أنهم حماة الدين المدافعون عنه وكأن الله قد وكلهم وحدهم بالتحدث باسمه والحكم علي هذا وذاك بالمروق عن الدين، ويكفي أن تخالف رأيهم حتي يحكموا عليك بالكفر، وقد وضع المتعصبون الجاهلون من الدين قائمة من المحرمات فكل شيء حرام رغم أن التحريم لا يكون إلا بنص صريح. ويصف المؤلف التقليد بأنه أدي إلي تجمد الفكر الديني بطبيعة الحال دون مراعاة لاختلاف الظروف ومتغيرات كل عصر، وقد ترسخ هذا التقليد لدي الغالبية العظمي من الفقهاء المسلمين حتي اليوم خاصة أن فقهاء اليوم يبحثون عن حل شرعي لمشكلة جديدة تواجههم اما في بطون الكتب التي ألف الكثير منها في عصور التراجع الحضاري للأمة الإسلامية أو في المذاهب الفقهية القديمة. وقد عاب الشيخ محمد عبده علي الفقهاء مسلكهم هذا وتمسكهم الحرفي بما جاء في الكتب علي الرغم من اختلاف الزمان والمكان، وضرب «زقزوق» مثلاً علي شيوع التقليد غير المقبول لدي الكثيرين من فقهائنا المعاصرين، إلي الحد الذي يصل إلي إلغاء العقل تماماً، وإلغاء وظيفته في التفكير، قبل الحديث في الآونة الأخيرة عن قضية اشتغال المرأة بالقضاء، وبدلاً من أن ينظروا إلي وضع المرأة في المجتمع المعاصر ومدي ما وصلت إليه من ثقافة راقية وعقلية واسعة وتخصص دقيق في جميع مجالات العلوم والفنون لجأ الفقهاء إلي البحث في الكتب القديمة وآراء الفقهاء الأربعة عن قضية اشتغال المرأة بالقضاء والتي مر عليها أكثر من ألف عام وتوصلوا إلي أن مذهب الشافعية والمالكية والخبالية لا يقرون تولي المرأة للقضاء بجميع درجاته. كما يشير الكاتب عن أهم مظاهر التخلف وتراجع الفكر الديني ويتمثل في البحث عن الاعجاز العلمي في القرآن دون التركيز علي البحث العلمي والتنافس مع الآخرين، إضافة إلي محاولات أسلحة العلوم والصحيح أن العلم لا وطن ولا دين له، وقد أمرنا بطلب العلم حتي ولو كان في الصين وهي بلد غير مسلمة. ويلخص الكتاب إلي نقاط سريعة لحل هذه المشكلات بفتح باب الاجتهاد، وتمكين العقل من أداء دوره كاملاً في الحياة.