يعتبر نص المادة (11) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 من أخطر النصوص أثراً علي الانتخابات العامة في مصر، فقد تمت صياغته بطريقة مطاطة غير محددة تسمح بتكوين التكتلات الاقتصادية، وتكتلات المصالح وزيادة نفوذ العائلات والعصبيات القبلية في الانتخابات العامة، فعندما قام بتعريف الموطن الانتخابي نص علي أنه "الجهة التي يقيم فيها الشخص عادةً" إلا أنه أجاز بعد ذلك " للشخص أن يختار لقيد اسمه الجهة التي بها محل عمله الرئيسي" وهو ما يسمح بازدياد نفوذ التكتلات الاقتصادية في الدوائر الانتخابية، وأيضاً أضاف بأنه " يجوز أن يختار الشخص لقيد اسمه الجهة التي بها مصلحة جدية" وهو ما يسمح بتكتلات المصالح الانتخابية، وأخيراً - نص علي أنه " يجوز له أن يختار لقيد اسمه الجهة التي بها مقر عائلته ولم يكن مقيماً فيها" ، وهو ما يؤدي إلي زيادة نفوذ العائلات وتشجيع العصبيات علي خلق تكتلات مؤثرة في الانتخابات، لذلك نجد شخصًا مقيمًا إقامة دائمة وفعلية في (القاهرة) ويقوم بترشيح نفسه في إحدي الدوائر الانتخابية (المنصورة) أو في (أسيوط أو سوهاج) حيث تتركز نفوذ عائلته، وشخصاً أخر يقيم في دائرة ( مصر الجديدة ) يقوم بترشيح نفسه في دائرة من دوائر محافظة ( الجيزة ) حيث يوجد تكتلات المصالح المؤثرة في العملية الانتخابية. خاصةً أن إجراءات تعديل قيد الناخب في جدول الجهة طبقاً للمادة (13) من اللائحة التنفيذية للقانون - لا يتطلب منه سوي شهادة مصدق عليها من مأمور المركز أو القسم يثبت فيها رئيس لجنة القيد، وهو أيضاً مأمور القسم أو نائبه بأن الناخب طلب عدم قيده في جدول الجهة التي يقيم فيها عادةً، وبالتالي فحتي فحص مدي توافر شروط القيد للناخب طبقاً للعناصر الثلاثة السابقة لا يتم فحصها بدقة، وهي عملية تتم بواسطة الموظفين التابعين لوزارة الداخلية، وهو ما يفتح الباب للتلاعب بشأن عمليات القيد، وقد يؤدي أيضاً إلي تكرار القيد أو الدفع بقيد كتل تصويتية علي أساس الإقامات الوهمية لصالح مرشح أو حزب معين. وأصبح مألوفاً عند وفاة مرشح أو إسقاط العضوية عنه أن يتوارث منه عملية الترشيح حتي لا يخرج المقعد النيابي خارج إطار نفوذ العائلة أو التكتل الاقتصادي أو تكتل المصالح الانتخابية، وكإفراز طبيعي لذلك نجد عددًا لا بأس به من النواب ينسب إليهم ارتكاب جرائم استغلال النفوذ كنواب القروض أو ينسب إليهم جرائم جنائية كالاتجار في المخدرات، أو ممارسة أعمال منافية للآداب، لأن إفرازهم كمرشحين لم يأت تعبيراً عن إرادة حقيقية للشعب، بل هو إفراز طبيعي للتكتلات الاقتصادية ، وتكتلات المصالح ونفوذ العائلات كأثر مباشر للنص القانوني. وبالتالي فإن هذه العناصر الثلاثة هي التي تؤثر في الانتخابات العامة في مصر لتولي أي منصب عام، ويعتبر تشكيل المجالس النيابية في مصر هو صورة مجسدة لها. وبالتالي فإن إلغاء هذا النص وأحكام عملية ضبط الدوائر الانتخابية، وجعلها علي أساس الإقامة الفعلية قد يؤدي إلي تحجيم وتفكيك هذه التكتلات لتصبح الانتخابات إفرازًا عن الإرادة الشعبية الحقيقية وليس عن مجموعة التكتلات الاقتصادية والنفعية، وبعيدة عن نفوذ العائلات والعصبيات.