أجري مركز علوم الديناميكا في ألمانيا مجموعة اختبارات لدراسة الكرات المعتمدة رسميا في لعبة كرة القدم، وفيما إذا كانت تفي بالمعايير في المسابقات الدولية، وقدم نتائجه إلي الجهات المعنية للاتحاد الدولي للعبة بناء علي طلب الأخير. في هذه الأثناء، تهتم كثير من الأبحاث العلمية في مجالات الفيزياء والتغذية وعلم النفس وغيرها لتحسين اداء اللاعبين الذين بدأوا منذ العصور الوسطي في انجلترا، يلهثون وراء كرة مصنوعة من مثانة الخنزير التي يتم نفخها في حقل موحل، وثمة كثير من الامثلة حول كيفية إسهام العلوم في تغيير كرة القدم، وكشف بعض الغازها ودحض اشاعات كثيرة. التظاهر بالسقوط فكيف نكشف مثلا ان كان اللاعب وقع فعلا بسبب خطأ ارتكبه الخصم، او انه يتظاهر بالسقوط؟ يجيب عن هذا التساؤل عالم النفس البريطاني بل موريس بان احد الامور التي تفضح اللاعب تسمي «بقوس الرامي» عندما يسقط اللاعب وذراعاه في الهواء، فيما راحتا يديه مفتوحتين، وصدره بارز ورجلاه مطويتان عند مستوي الركبة، مثل قوس الرماية عندما يكون جاهزا للاطلاق. ويوضح موريس «هذا الامر يحصل في كثير من السقطات، لكن من الناحية الميكانيكية البيولوجية هذا لا يحصل عندما تكون السقطة طبيعية» مشيرا الي ان «الذراعين عندها تكونان باتجاه الارض في محاولة للتخفيف من السقطة، او الي الجسم في محاولة لاحلال التوازن». ساحرة ومستديرة أما الاشخاص الذين يعتبرون ان كرة القدم هي اكثر الرياضات اثارة للحماسة، فهم علي حق علي ما تظهره الارقام. فكرة القدم تتغلب علي أربعة رياضات رئيسية اخري (كرة القدم الأمريكية والهوكي علي الجليد والبيسبول وكرة السلة) في مجال «حصول مفاجآت» المتمثلة بفوز الفريق الاقل شأنا علي ما تفيد ارقام لمختبر «لوس الاموس الوطني» في المكسيك الواردة في دراسة اجريت العام 2006، وشملت نتائج مباريات الفرق الرئيسية اعتبارا من العام 1888. تبين ان نتائج مباريات كرة القدم الاميركية هي التي يمكن توقعها اكثر من غيرها بكثير. فالمفاجآت خلالها اقل ب 25 % مما هي الحال عليه مع كرة القدم. الأزمات القلبية من جهة أخري، تفيد الاحصاءات ان الرجال الذين يعانون من وضع صحي غير جيد، يجب ان يتجنبوا متابعة ركلات الجزاء. فقد ارتفع عدد الذين دخلوا المستشفي لاصابتهم بازمات قلبية في انجلترا وويلز بنسبة 25 % عندما خسر المنتخب الانكليزي امام الارجنتين بركلات الترجيح في اطار كأس العالم لكرة القدم 2006 وفي كأس الأمم الاوروبية العام 1996 ارتفعت الوفيات في هولندا من ازمة قلبية او جلطة بنسبة 50 % عندما اخرجت فرنسا المنتخب الهولندي بركلات الترجيح. في الحالتين كان الارتفاع الكبير في النسب يسجل في صفوف الرجال وليس النساء. اللعب علي أرض الفريق هل يمكن لعلم الاحياء ان يفسر الافضلية التي يحظي بها الفريق عندما يلعب علي ارضه؟ جوابا علي ذلك، فحص الباحثان البريطانيان ساندي ولفسون ونيك نيف مستويات التستيرون (الهرمون الذكري) عند لاعبين قبل مباراة يخوضونها علي ارضهم وقبل مباراة خارج ارضهم وخلال حصة تدريبية. وكانت المستويات اعلي بكثير قبل المباراة التي يخوضونها علي ارضهم. والهرمون الذكري مرتبط عادة بالهيمنة والثقة والعدوانية، مما يعني ان اللاعبين كانت لديهم التعبئة الكافية للدفاع عن ارضهم. الارتفاع عن سطح البحر لكن ماذا عن الارتفاع عن سطح البحر؟ معروف ان الفرق والمنتخبات الواقعة بلادها علي ارتفاع عال عن سطح الارض لديها افضلية عندما تلعب علي ارضها، اذ ان افراد الفريق الخصم لا يكونون معتادين علي اللعب في منطقة، يكون فيها الأوكسجين منخفضا. لكن ما هو غير معروف هو ان لديهم الافضلية عندما يلعبون ايضا خارج ارضهم. في هذا الشأن، حللت دراسة علمية نشرتها مجلة بريتيش ميديكال جورنال نتائج المباريات الدولية علي مدي قرن في 10 دول أمريكية جنوبية. اذا كان بلدا المنتخبين علي الارتفاع ذاته، فان أرجحية ان يفوز الفريق الذي يلعب علي ارضه كانت 53 %. وهذه النسبة تصل الي 82 % اذا كان الفرق في الارتفاع عن سطح البحر 3695 مترا عندما مثلا التقت بوليفيا علي ارضها المنتخب البرازيلي. لكن هذه الارجحية تراجعت الي 21 % عندما كان الفرق -3696 مترا عندما استقبلت البرازيل بوليفيا علي ارضها. تسجيل الأهداف وتبين كذلك ان ثلاثة معتقدات حول تسجيل الاهداف، خاطئة علي ما افاد خبراء احصائيات كرة قدم خلال اجتماعهم في ورشة عمل في جامعة ماينهام في المانيا. فلا ادلة ثبت مثلا ان اللاعبين الذين سجلوا خلال مباراة لديهم فرصة اكبر للتسجيل في المباراة التالية. وقد دحض هؤلاء الاعتقاد السائد بان الهدف الذي يسجل قبيل نهاية الشوط الاول له تأثير اكبر علي نتيجة المباراة من هدف يسجل في قت مبكر من الشوط الاول. اما الخطأ الثالث فهو ان الفرق التي سجلت هدفا لتوها تكون اكثر عرضة عندها ليدخل هدف مرماها. الألوان الفائزة واظهر تحليل حول بيانات عن دوري كرة القدم في انكترا بعد الحرب العالمية الثانية، أجراه علماء في جامعتي دورهام وبليموث ان نوادي كرة القدم التي يرتدي لاعبوها لباسا احمر اكثر نجاحا من الفرق التي ترتدي ألوانا اخري. فان فرقا ترتدي الاحمر مثل مانشستر يونايتد وليفربول ارسنال تفوز بانتظام اكبر في حين ان الفرق التي ترتدي الاصفر والبرتقالي هي التي تسجل اسوأ النتائج. اما النظرية وراء ذلك فتفيد ان ارتداء الاحمر يعطي دفعا نفسيا، وهو لون غالبا ما يتربط في الطبيعة مع العدوانية الذكورية. الهدف القاتل واهتم العلماء ايضا بكيفية دوران الكرة بطريقة غير متوقعة. خصوصا «الهدف القاتل» الذي سجله البرازيلي روبرتو كارلوس في مرمي فرنسا العام 1997 من ضربة حرة مباشرة. كيف استطاع ذلك؟ البعض يقول ان هذا ممكن لان روبرتو كارلوس برازيلي. لكن علماء الفيزياء، يفسرون ذلك علي انه مزيج بين قوة ماجنوس ومبدأ برنوللي. فمباشرة بعد الركلة تتحرك الكرة التي تغزل بسرعة كبيرة فيما الهواء يلامسها بطريقة غير منتظمة. وعندما تخف سرعة الكرة الي 29-37 كيلومترا في الساعة يصبح الهواء اكثر سلاسة و«تدفقا» مما يزيد فورا من قوة الهواء الكابحة بنسبة قد تصل احيانا الي 150 %. هذا الامر يكبح بشكل كبير حركة الكرة ويحسن انعطافتها. فالكرة التي سددها روبرتو كارلوس كانت متجهة اصلا الي يمين الجدار الذي شكله لاعبو الفريق الخصم، الا انها انعطفت فجأة، ودخلت المرمي تاركة الفرنسيين مصعوقين.