اكدت التجربة الايجابية والفريدة لانتخابات رئاسة حزب الوفد التي انتهت بفوز د.السيد البدوي علي حساب رئيس الحزب السابق د.محمود أباظة مدي الفاعلية التي يمكن أن تقوم بها أحزاب المعارضة الشرعية في الشارع السياسي اذا التزمت بالديمقراطية وسعت لتطبيقها أولاً بين أعضائها قبل أن تقدم شعارتها ومطالبها، وعكست ثقل الأحزاب في تحقيق إصلاح سياسي حقيقي علي عكس القوي غير الشرعية التي تتمسك بالانغلاق والسرية كما هو واضح في جماعة الإخوان المحظورة . الانتخابات جرت في مناخ تنافسي غير معهود علي ساحة أحزاب المعارضة، وخرج منها الحزب بانتصار سياسي فاصل في تاريخه، واستطاع أعضاؤه أن يلفتوا الانظار إلي معركتهم الداخلية وسط زخم انتخابات الشوري، وشكلت أجواء ما بعد النتيجة من تقبل محمود أباظة فوز البدوي وتقديم التهنئة له وهتاف الجميع لتاريخ الحزب ميلادا ثالثا للحزب بعد ميلاد التأسيس الأول علي يد الزعيم سعد زغلول والثاني بقيادة فؤاد سراج الدين. تحسب ايجابيات التجربة لمحمود أباظة لنجاحه في ارساء مبدأ التعددية بالوفد رغم أنه تولي رئاسة الحزب عقب احداث دامية في ابريل 2006 بسبب صدام مع سلفه د.نعمان جمعة انتهي إلي حرق الوفد، لكن هناك عدة تحديات تفرض متغيرات علي منهج الحزب في الفترة المقبلة، أولها استيعاب تفاعلات الأطراف المختلفة بالحزب بدءًا بمعسكر محمود أباظة ومن قبله نعمان جمعة لتفادي العودة لنفق الانقسامات قبل الانتخابات المقبلة. الاختبار الأهم هو طريقة تعامل الوفد مع أحزاب المعارضة الأخري، خاصة ون نتائج انتخاباته احرجت الأحزاب وخاصة شركائه في ائتلاف المعارضة الرئيسية "التجمع والناصري والجبهة"، باعتبار أن تلك الأحزاب لا تخلو من انشقاقات وممارسات كفيلة بأن تبعدها دائما عن الساحة، وعليه يمكن أن نري تصعيدا لخلافات قائمة كالتي مع الناصريين الذين يعترضون علي موقف الوفد الناقد لثورة يوليو 1952 بجانب أزمة الحزب مع الحركات الاحتجاجية، فرغم انه يرفض ممارساتها الا ان برنامج الرئيس الجديد شدد علي ضرورة النزول للشارع حتي لا تتزعمه حركات غير شرعية وهو ما قد ينذر بصدام سياسي بينهما. اما الخطر الحقيقي فهو في جماعة الإخوان المحظورة بعد ان شهدت انتخاباتها الداخلية التي جرت نهاية العام الماضي انقلابات وصدامات داخلية انتهت بفضيحة للتنظيم.. ولذا يمكن أن تسعي الإخوان لاستثمار حراك الوفد وتناور بحوار يغرق الحزب في تحالف جديد كالذي تم في عام 1984 خاصة ان الهيئة العليا للوفد طلبت تأجيل الحوار مع الإخوان لما بعد انتخاباته الداخلية بعد أن بادرت المحظورة بزيارة للحزب الشهر الماضي ضمن جولاتها للأحزاب لتجمل صورتها، مع الوضع في الاعتبار أن الإخوان استطاعت أن تحقق قفزة سياسية علي اكتاف الوفد بعد تنسيقهما انتخابيا في 1984 كان من نتائجها مثلا سيطرة الإخوان علي معظم مجالس النقابات المهنية التي كان يقودها الوفديون منذ نشأتها. يضاف إلي ذلك مدي قدرة د.السيد البدوي في التعامل مع قيادات الحزب وكوادره الذين يرأسون جمعيات ومنظمات حقوقية تتلقي تمويلها من جهات أمريكية مانحة مثل محمود علي عضو الهيئة العليا وهو الوحيد من الحقوقيين الذي حصل علي تمويل من المعونة الأمريكية لمراقبة انتخابات الشوري الحالية وأيضا سعيد عبدالحافظ وصلاح سليمان، باعتبار أن هذه القيادات علي صلة وثيقة بمحمود أباظة ويديرون مؤسسات مؤثرة في المجتمع المدني، وبالتالي فإن منهج المواجهة معها الذي طرحه في برنامجه لن يكون مردوده ايجابيا.