تعرض هرمان إيلتز سفير الولاياتالمتحدة بالقاهرة في فترة ما بعد حرب أكتوبر المجيدة والذي عاصر تطورات العلاقات المصرية الأمريكية وخاصة المفاوضات بين مصر وإسرائيل التي انتهت إلي طريق مسدود بسبب التعنت الإسرائيلي ومراوغة هنري كيسنجر وزير خارجية كل من الرئيسين نيكسون وفورد ثم اهتمام الرئيس كارتر بأزمة الشرق الأوسط ودعوته الرئيس السادات ومناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل إلي قمة في كامب ديفيد بالولاياتالمتحدة لأنه قدر أن الوضع خطير جدا.. كارتر كان يأمل في التوصل إلي حل شامل لمشكلة الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية ولكن إسرائيل كانت ترفض بالإضافة إلي زيادة المزايدات في العالم العربي ضد أي مفاوضات وهو ما استغلته إسرائيل جيداً. في كامب ديفيد تم التوصل إلي ما يسمي «إطار السلام في الشرق الأوسط» بما فيه الحكم الذاتي للضفة الغربية وقطاع غزة بمشاركة أردنية في مفاوضات الحكم الذاتي علي أن ينضم الفلسطينيون إلي الوفد الأردني وفي حين لم يجر الحديث علنا عن سوريا والجولان ولكن صدرت تصريحات بأنه إذا كان السوريون مهتمين بالمفاوضات فأنه يمكنهم أيضا المشاركة ولكن لم يكن هناك اعتقاد باهتمام سوريا بذلك وللأسف لم يقم أي شخص بالتأكيد من استعداد الملك حسين ملك الأردن بالمشاركة.. بذلت محاولات في اجتماعات كامب ديفيد من أجل قيام الرئيس السادات بمكالة الملك حسين الذي كان في زيارة للمغرب ولكن الاتصال مع الملك حسين في المغرب كان صعباً جداً.. اعتقد أن الملك حسين كان يتهرب من المحادثة مع الرئيس السادات. يتساءل إيلتز هنا هل يمكن القول أن حسين كان سيقبل بمشاركة الأردن في حالة اتمام محادثة السادات معه ويقول هنا أنه يشك في ذلك إذ أنه لم يدع إلي اجتماع كامب ديفيد. وفي نفس الوقت فإن كلا من السادات وكارتر في احتفال توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بالبيت الأبيض كانا يصرحان بأن هذه الاتفاقيات هي حجر الأساس للتسوية الشاملة بالرغم من عدم موافقة الكثيرين علي ذلك مع أن الرؤية نحو تحقيق تسوية شاملة كانت لاتزال قائمة. يتذكر إيلتز أن كارتر قد أبلغه أنه كان مؤمنا بالفعل أن اتفاقيات كامب ديفيد ستكون أساس التسوية الشاملة بما فيها ما يتعلق بالفلسطينيين وإن ما تحقق سيجعل الآخرين ينضمون إلي هذه المسيرة رغم أن السوريين كانوا صعبين للغاية ولكن غيرهم سينضمون ولذلك عندما لم ينضم هؤلاء إلي المفاوضات فأن ذلك شكل ضربة شخصية له خاصة عندما لم يؤيد السعوديون كامب ديفيد. تحدث إيلتز بعد ذلك عما جري في كامب ديفيد ولماذا لم يقم الدبلوماسيون الأمريكيون بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي ساويرس فانس بالتحدث إلي كارتر بقوة فقال إنه كان واضحا في الأسبوع الثاني من مباحثات كامب ديفيد أن سمعة الرئيس كارتر نفسه كانت علي المحك وقد تضار من فشل هذه المباحثات ولذلك كان يجب التوصل إلي شيء من أجل إثبات أن الرئيس كارتر في مقدوره تحقيق نجاح ملموس من هذه المباحثات. كان الرئيس السادات لذلك في رأي إيلتز يوافق علي مقترحات كارتر بالرغم من اعتراضات العديد من أعضاء الوفد المصري وخاصة وزير الخارجية «محمد إبراهيم كامل» الذي قدم استقالته، السادات كانت لديه ثقة كبيرة في كارتر وكان يريد الحصول علي مساعدات عسكرية أمريكية ولذلك كان يوافق علي بعض التعديلات بين الحين والآخر في مشروع اتفاقية إطار السلام ولم يكن يأبه بتلك التعديلات اللفظية علي عكس بيجين. وفي بعض الأحوال كما يروي إيلتز كان الرئيس السادات يقول لكارتر مبديا انزعاجه من بعض الأمور إنني أوافق علي بعض النقاط ولكن السعوديين لن يقبلوا بها كان كارتر يرد قائلاً: لا تقلق بشأن السعوديين فأنني سأتولي أمرهم عندما كان يقول ذلك للسادات كان الأخير يدخن غليونه وينظر إلي إيلتز مبتسما لأنهما سبق أن ناقشا هذا الأمر عدة مرات بعد مغادرة السادات كامب ديفيد قال إيلتز للرئيس كارتر أنني لست السفير الأمريكي لدي السعوديين ولكنني أستطيع أن أؤكد لك أنهم لن يقبلوا ذلك كانت هذه المرة الوحيدة التي كان الرئيس كارتر غير ودي حيث إنه كان دائما مؤدبا في غالبية الأحوال إذ رد عليه قائلاً هرمان لا تقلق فيما يتعلق بالسعوديين فإنني سأتعامل مع الموضوع. ظن إيلتز أنه ربما لدي كارتر معلومات في هذا الشأن ليست متاحة له إما عن طريق السفير الأمريكي وست في السعودية أو من مصادر أخري. في الحلقة المقبلة يتحدث إيلتز عن ألاعيب مناحم بيجين في مباحثات كامب ديفيد.