منذ أن تحررت الدول الأفريقية، أو بعضها، بدأت المحاولات الوحدوية بين تلك الدول المتحررة من الاستعمار.. ففي عام 1958 اجتمع ممثلو بعض تلك الدول في أكرا بغانا فيما عرف باسم المؤتمر الأول للدول الأفريقية المستقلة، وكانت مصر علي رأس تلك الدول.. وبعد ذلك بخمسة أعوام، وبالتحديد في 25 مايو عام 1963 تم تكوين وإعلان منظمة الوحدة الأفريقية وصار التاريخ نفسه هو يوم التحرير الأفريقي والذي يرمز إلي إرادة الشعوب الأفريقية لتحرير بلادهم من السيطرة والاستغلال الأجنبي.. لم أكن أعرف الكثير عن هذا اليوم ولسنا نعرف الكثير عن أفريقيا كمصريين نعيش علي البوابة الشمالية الشرقية للقارة ونعتبر من الدول الكبيرة فيها.. وهي بالنسبة لمعظمنا القارة السوداء التي لا نعرف أسماء بلدانها إلا فيما يرتبط بكرة القدم وفريق هذا البلد الأفريقي أو ذاك.. كما نعرف بعض لاعبيها ولدي أنديتنا بعض منهم.. وغالبا لا نميز كثيرا بين بلد وآخر في أفريقيا لدرجة أننا ندعو اللاعبين أفارقة دون أن نتعب أذهاننا في تذكر البلد الذي ينتمون إليه.. والمثير للسخرية أننا نقول أفارقة وننسي أننا أفارقة أيضا!! ماذا نعرف عن القارة التي ننتمي إليها؟ تقريبا لا شيء.. نعرف أن الملكة حتشبسوت قد أرسلت أساطيل مصرية إلي بلاد بونت أي الصومال حاليا.. ولكننا لا نعرف عن الصومال الحالية الكثير.. يسافر بعض الأطباء المصريين إلي بعض تلك البلاد الأفريقية للعمل هناك ونعلم أنهم يتحدثون إما الأنجليزية أو الفرنسية هناك.. ونتحدث عنها كأنها بلاد بعيدة تقع في الجهة الأخري من الكرة الأرضية وليس علي أنها بلاد جيران لنا نتشارك أرض قارة واحدة تجمعنا جميعا.. لا ندرس شيئا تقريبا عن أفريقيا اللهم إلا بعض البلاد العربية الشمالية فيها.. فلا ندرس تضاريس أفريقيا ولا مناخها ولا ثرواتها ولا شيء عن شعوبها تاريخهم أو حاضرهم!! لم نعتد علي مدي تاريخنا الحديث أن ننتمي لأفريقيا أو نتقرب من أهلها.. وإن كان الدكتور بطرس غالي الأمين العام السادس للأمم المتحدة من الشخصيات المصرية القليلة التي اهتمت بالقضايا الأفريقية المتنوعة وكان لوجوده دور محوري في حل بعضها من ناحية وفي تقريب مصر من أفريقيا من ناحية أخري.. يعتقد الكثيرون الآن أن الوقت قد حان للتعرف إلي ذواتنا من منظور جديد، أفريقي.. ليس بسبب أزمة حوض النيل فقط، بل لأننا نهمل مكونا أساسيا في تركيبتنا وهويتنا لا ينبغي أن نستمر في إهماله أكثر من ذلك.. وعلي المستويات جميعا سياسيا، واقتصاديا، استثماريا، بل واجتماعيا وثقافيا نحتاج إلي توطيد علاقاتنا بجيراننا الأفريقيين.. الفرصة ما تزال قائمة والمطلوب تجديد الفكر واستدعاء الكفاءات وذوي الخبرات الذين يمكن أن يساهموا في إحياء العلاقات ومد الجسور.. وهناك مناسبات مثل اليوم يمكن استغلالها استغلالا جيدا وبخاصة من قبل الإعلام لتنشيط وتفعيل علاقاتنا الأفريقية.