عندما تنظر إلي إنسان يبلغ من العمر خمسين عاما فهذا هو زمنه الواقعي لكنك تلاحظ أنه رغم أنه قد بلغ الخمسين إلا أنه يبدو في الأربعين بسبب مظاهر الصحة التي تبدو عليه. وممارسته للرياضة، أو العكس تراه يبدو في الستين أو أكثر بسبب الأمراض التي يعاني منها، وهذا يسمي بالزمن الموضوعي. فالزمن الواقعي شيء والزمن الموضوعي شيء آخر. وهكذا الدول، فجميع دول العالم تعيش القرن الحادي والعشرين وهذا هو الزمن الواقعي لكل دول العالم، وهنا تتساوي جميع الدول أمريكا وانجلترا وفرنسا ومصر والسودان وكينيا والصين.. إلخ، لكن كل دولة من هذه الدول تختلف عن الأخري بسبب زمنها الموضوعي. فإذا كانت أمريكا تعيش زمنًا متقدمًا عن العصر الذي نعيش فيه، فيقدر الخبراء أن الزمن الموضوعي لأمريكا هو 2030 وليس 2010 . والزمن الموضوعي لأوروبا الغربية هو نفس زمنها الواقعي 2010، فالزمن الموضوعي للعالم الثالث متخلف كثيرًا عن الزمن الواقعي 2010 . وكل دولة من دول العالم الثالث تختلف درجة تخلفها أو زمنها الموضوعي بدرجة الانهيار الذي وصلت إليه في مقابل الدول الأخري أو مقارنة بالدول المتقدمة من ناحية والمتخلفة من الناحية الأخري. فإذا نظرنا إلي مصر وحاولنا أن ندرك زمنها الموضوعي علينا أن نرصد قوة دعاوي الحسبة ودعاوي إزدراء الأديان، والصبغة الدينية السلفية، والتفسير المتخلف للدين والأزمات المتعددة التي تجتاز فيها، مع جميع الانجازات الأخري مثل حرية الصحافة والاعلام والتطور الديمقراطي.. إلخ. تري بالمقارنة بالزمن الواقعي لأوروبا وأمريكا وأفريقيا والعالم الثالث، ما هو الزمن الموضوعي لمصر؟! عزيزي القارئ: أترك لك إجابة السؤال لأنه بالقطع وحتي الآن لا توجد إجابة واحدة علمية شافية فنحن نسمع من بعض المسئولين أننا نعيش في أزهي العصور التي مرت بها مصر، حيث إن الدخول قد زادت بشكل مطرد وعدد السيارات التي تدفقت إلي الشوارع تعد الآن بالملايين وهناك من انتقل من طبقة متوسطة إلي طبقة عليا، وإن عدد وفيات الأطفال قد قل كثيرا وعدد ومتوسط العمر ازداد والميزانية العامة تضاعفت..إلخ. بينما نقرأ في صحف المعارضة أن الناس انتقلوا من الطبقي الوسطي إلي الفقر المدقع وهناك من يموت من الجوع وعدد الإضرابات والوقفات الاحتجاجية تزايد والفساد انتشر بين الأثرياء وعدد قتلي الطرق والحوادث تضاعف والعنف أصبح ظاهرة وزني المحارم انتشر بقوة، والمظالم أصبحت ظاهرة.. إلخ. ولأنه لا توجد لدينا ثقافة الاحصائيات عدنا لا نعلم في أي عصر نعيش وما هو زمننا الموضوعي.