تبقي مدينة الإسكندرية.. مهما مر الزمن وولدت مدن أخري ساحلية وجميلة، واختلفت أذواق المصريين حول هذه وتلك، ومهما اختلفت السواحل من المتوسط إلي الأحمر، ومهما ذهب المصريون إلي هذا الساحل أو ذاك، تبقي الإسكندرية جميلة وعامرة بزوارها الذين لا تقطعهم عنها أي ظروف. وطالما تساءلنا جميعا: لماذا الإسكندرية؟ ولماذا تشدنا نحوها؟ والحقيقة أن الإسكندرية تستحق لقب (مدينة مميزة).. فللبحر فيها شكل مختلف، وكأنك تراه من منظور مميز.. حتي رائحته الثقيلة متميزة في الإسكندرية.. وأمواجه العنيفة متميزة هناك أيضا.. وفي الإسكندرية من عبق التاريخ وأصالة الوجود ما لا تجده في أي مدينة ساحلية أخري.. آثار وأبنية تعود إلي عصور مختلفة ومتاحف وقصور وواجهات عريقة تذهب بالزائر من الحاضر إلي الماضي دون أن يتحرك من الإسكندرية. وهي مدينة أكثر ما يميزها الجمال.. وأكثر ما يميز أجواءها الفرح.. وأغلي ما تحصل عليه في الإسكندرية هو بعد همومك وأحزانك عنك، ولو لساعات قليلة تجلس فيها مقابل البحر فيضرب بريحه الشديد رأسك وتنسي كل ما يضايقك أو تتناساه.. وأيا كان ما تبحث عنه ستجده في الإسكندرية.. أتبحث عن الحداثة والأسواق الجديدة والمغلقة بعيدا عن البحر؟ ستجدها.. أم تبحث عن الثقافة ومكتبة الإسكندرية؟ ستجدها.. أم الموسيقي أم الفن أم الحفلات؟ كل ما تبحث عنه ستجده في الإسكندرية. هي إذن (مدينة مميزة).. بطابع مختلف يجمع بين المتناقضات والمختلفين في سلام وهدوء ويزيد من غني المدينة الجميلة ويرفع من نقاطها ليرشحها لنوال لقب التميز.. وبالرغم من كل هذا لا تزال المشروعات المختلفة تجد لها مكانا في الإسكندرية لتجعلها أجمل وأكثر تميزا.. علي شواطئ البحر تجري مشروعات الحفاظ علي الشواطئ في هدوء.. ومع كل مرة تزور فيها الإسكندرية تجد مشروعا جديدا.. بالنسبة لي كان الأوتوبيس الأحمر ذو الطابقين، الذي يتميز بالجمال والرقي هو الجديد الذي رأيته هذه المرة. يبقي أن الهدوء في الإسكندرية يحتاج وقفة سريعة.. إذ كان الهدوء قد ساد المدينة منذ سنوات طويلة حين صدرت فيها عقوبات لمن يستخدم (كلاكس) السيارة، وعندئذ نقص معدل التلوث السمعي كثيرا فيها.. ولكن الأصوات العالية واستخدام الكلاكس مرة أخري عاد للظهور من جديد.. صحيح أن تلك المخالفات قليلة وغير سائدة هناك ولكنها بداية تقهقر لا يجب إغفالها حتي يبقي للمدينة تميزها ولا تفقد أحد أوجه جمالها ونقاء أجوائها. والأمر الثاني الذي يحتاج إلي العناية هو واجهات المباني القديمة المطلة علي البحر والشوارع الرئيسية في الإسكندرية.. وهي تعاني من التآكل الشديد بسبب الرطوبة العالية وعدم صيانتها بصورة متكررة ووفق نمط ونظام لا أعتقد أن الإسكندرية تعجز عن إقامته.. فلابد من رسم سياسة للحفاظ علي تلك الواجهات العريقة وصيانتها وملاءمتها لما تتمتع به المدينة من جمال.. ولابد من وضع خطة لتنفيذ تلك السياسات في وقت قصير لإكمال الصورة الجميلة للإسكندرية. نعود ونسأل لماذا الإسكندرية؟ لأنها المدينة المتميزة في كل شيء.. هنيئا لنا جميعا بالإسكندرية سكانا وزوارا، مصريين وأجانب.