شهد الأسبوع الماضي حالة من الصراع صاحبه ترقب شديد بين نشطاء حقوق الإنسان في انتظار موافقات الجهات المانحة علي المشاريع المتعلقة بمراقبة الانتخابات المقبلة وأقربها انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري.. حيث فاجأتنا هيئة المعونة الأمريكية ال«USAID» بقبولها لأول مرة وعلي غير العادة بتمويل مشروع واحد فقط في هذا الشأن والمقدم من قبل الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي بحجم بلغ 267 ألف دولار من إجمالي ميزانية الهيئة هذا العام لدعم برامج الديمقراطية والإصلاح والتي تقدر ب200 مليون دولار تقريباً في حين أنها رفضت جميع المشاريع الأخري المتعلقة بالمراقبة. ورغم أن الهيئة وضعت بعض صناديق التمويل الأمريكية الأخري كبدائل تتولي مساعدة المنظمات علي القيام بدورها في قضايا الإصلاح وعلي رأسها الوقفية الأمريكية ال«NED» إلا أن الأخيرة وافقت علي تمويل مشروعين فقط أحدهما مقدم من ائتلاف شركاء في التغيير والآخر من جمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة وكلاهما يستهدف مراقبة الشوري بطرق مختلفة علماً بأن العديد من النشطاء اتجهوا لأعمال المراقبة بشكل طوعي معتمدين في ذلك الشأن علي جهود المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقديم الدعم الفني اللازم واستخراج تصاريح المراقبة. توجهات المعونة وأرجعت المصادر عزوف هيئة المعونة عن تمويل مشاريع المراقبة علي الانتخابات المقبلة بالمقارنة مع الإسراف الشديد في الانفاق علي مراقبة الشوري 2007 والشعب 2005 نظراً لتوجهات الهيئة ذاتها والتي تركز ميزانيتها علي دعم مشاريع البنية التحتية والشفافية والمساءلة وتأكيداً لما ورد في تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما مشدداً علي دور التنمية والتكنولوجيا وعلاقتهما بالنهوض بالأوضاع السياسية والاقتصادية للدول النامية وعلي رأسها مصر. التقييم الفني وأضافت المصادر أن التقرير الأخير الخاص بتقييم أداء الهيئة والصادر عن مكتب «المتابعة» والتابع للحكومة الأمريكية وهو ما يشبه الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر كشف وفقا لعملية مراجعة فنية ومالية دقيقة لأداء الهيئة أن المشاريع الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان في البلدان النامية لم تستطع أن تحقق الأهداف المرجوة لأنها تركز علي تكريس الديمقراطية كهدف وليس كوسيلة لحياة أفضل علي حد تعبير المصادر مشيرة إلي أن القائمين علي الهيئة حالياً يهتمون بالنتائج الملموسة للمشاريع ومدي جدية الفكرة المدعمة بجدول زمني وخطة للتقييم الشامل. الاتحاد الأوروبي من جانبه كشف حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ل«روزاليوسف» عن رفض الاتحاد الأوروبي تمويل المشروع المقدم من قبل المنظمة لمراقبة الشوري قائلاً إن الجهة رأت أن المنظمات الشريكة وفقاً لخطة المشروع لم تتناسب مع قدرات المنظمة المصرية ومعاييرها في مجال المراقبة . المراقبة كعمل سياسي وأوضح أبوسعدة أنه ضد التمويل لمراقبة الانتخابات كعمل سياسي ولكن يجب أن تأتي في إطار جهود المنظمة القائمة به وبحيث يقتصر صرف المنحة علي طباعة الأدلة التدريبية اللازمة والأوراق وتكاليف انتقالات المراقبين دون عمل عقود أو مرتبات ثابتة طوال فترة الانتخابات كما يحدث لدي بعض الجمعيات مستطرداً: إذا سمحنا بتمويل العمل السياسي فهذا يشكل أكبر خطر يواجه مصر لأن العمل السياسي لا يمول في كل دول العالم علي حد قوله. واللافت أن الاتحاد الأوروبي وافق علي تمويل مشروع آخر مقدم من د.مجدي عبدالحميد رئيس مجلس إدارة جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية لمراقبة انتخابات مجلس الشعب ويتولي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الجزء الخاص بمراقبة الأداء الإعلامي أثناء متابعة العملية الانتخابية. الوقفية الأمريكية شركاء في التغيير اسم الائتلاف المشكل من ثلاث جمعيات وهي مركز العدالة والمواطنة بالمنيا وجمعية حقوق الإنسان بأسيوط ومجتمعنا والذي حصل علي تمويل الوقفية الأمريكية ال«NED» لمراقبة الشوري بحجم بلغ 50 ألف دولار حيث يقوم بمتابعة العملية في 11 محافظة من خلال الشراكة مع 27 منظمة حقوقية مبتكراً لأول مرة ما يسمي بعقد المناظرات بين المرشحين في الدوائر الانتخابية . أما مشروع محمد محيي مدير جمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة والممول من ال«NED» أيضا يقوم علي فكرة إنشاء مرصد انتخابي لتقديم المساعدة القانونية للمرشحين من خلال تدريب المحامين بالتعاون مع 25 جمعية في 20 محافظة علي مستوي الجمهورية وكذلك تدريب الصحفيين للقيام بالتغطية الإعلامية للعملية الانتخابية. قومي حقوق الإنسان في سياق متصل بدأ المجلس القومي لحقوق الإنسان برنامجه التدريبي الخاص بالدعم الفني للمنظمات والجمعيات الراغبة في القيام بمراقبة الشوري حيث أصدر دليلاً تدريبياً يتضمن كل ما يتعلق بحقوق وواجبات المراقبين أثناء العملية الانتخابية وكيفية رصد الانتهاكات وفقاً للمعايير والمواثيق الدولية المتعارف عليها وقال السفير د.محمود كارم الأمين العام للمجلس إن الطلبات الخاصة بالحصول علي التصاريح في تزايد مستمر معلناً عن مد فترة تقديم الأوراق اللازمة لاستخراجها حتي 25 مايو الجاري. واللافت أن أعداد هذه التصاريح لم تتعد حتي الآن ال200 تصريح لثلاث جمعيات فقط هي في حقيقتها جمعيات أقاليم حديثة النشأة.. وذلك بسبب أن هناك أوراقا يتم إعادتها للجمعيات المتقدمة لعدم استيفائها للشروط المطلوبة. نقابة المحامين من جانبه قال حمدي خليفة نقيب المحامين ل«روزاليوسف» إن النقابة ستبدأ في الاستعدادات اللازمة للقيام بمتابعة العملية الانتخابية بالتنسيق مع المجلس وباعتبار النقابة قلعة الحريات الناطقة بلسان الشعب علي حد تعبيره مضيفاً أنه سيعقد لقاء هذا الأسبوع مع السفير لاتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك. تجربة سابقة والجدير بالذكر أن المجلس قام باستخراج «5827» تصريحاً لمراقبة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري في 2007 الماضي لثماني وعشرين جمعية بالإضافة إلي أن هناك «12» جمعية راقبت انتخابات مجلس الشعب عام 2005 بعد السماح لها بعملية المراقبة وفقا للدعوي القضائية التي قامت برفعها للمطالبة بهذا الحق.