في عام 1979، كان جون روميرو طفلا في ال12 من عمره ، لا يملك ألعابا إلا دراجته ، يستخدمها للذهاب إلي المركز التجاري القريب ليستمتع بالموضة الجديدة التي اجتاحت الولاياتالمتحدة ثم العالم كله منذ بداية السبعينيات، ألعاب الفيديو. وقد دفعه شغفه لاستكشاف هذا العالم الجديد لأن يذهب صباح كل سبت إلي جامعة سييرا حيث يتعلم من طلبة الهندسة هناك برمجة وحدات المعالجة المركزية لأجهزة HP والتي كان يصل حجمها في ذلك الوقت إلي حجم الثلاجة المتوسطة!! في العام نفسه، كان جون كارماك في الصف الخامس الابتدائي، وكان من الأطفال المحظوظين في ذلك الزمن الذين يملكون جهاز كومبيوتر في المنزل. وكانت هوايته المفضلة، وهو في التاسعة من عمره، هي الدخول داخل برامج تشغيل ألعاب الفيديو وتغيير الأكواد لتصبح الشخصيات أقوي وذات قدرات أكبر! وبالتأكيد، كانت أسرتا الطفلين تستنكران هذه الهوايات الغريبة التي تعطل ولديهما عن المذاكرة وتضيع وقتهما غير عالمين أن هذين الطفلين سيصبحان ملوك ألعاب الفيديو في العالم، والطبع، مليارديرات قبل أن يبلغا الثلاثين. وفي كتابه "سادة ألعاب الفيديو"، الذي صدر منذ أسابيع باللغة الفرنسية، يتتبع الكاتب الصحفي الأمريكي ديفيد كوشنر، رحلة صعود جون وجون ،حتي أصبحت شركتهما، آي دي سوفت ويير، أسطورة ألعاب الفيديو في العالم كله. وقد التقي كارماك وروميرو لأول مرة عام 1989 في مكتب سوفت ديسك، وهي مجلة متخصصة في متابعة ألعاب الفيديو وأحدث إصداراتها، ليتفقا مع زميلين آخرين علي تأسيس شركتهم الخاصة، آي دي سوفت وير، التي سرعان ما أصبحت أهم شركة علي مستوي العالم في إنتاج وتطوير "الفيديو جيم" أو ألعاب الكومبيوتر بصفة عامة، منتجة أهم وأشهر ألعاب التسعينيات بتقنيات جديدة أحدثت ثورة في عالم الألعاب الرقمية وقتها، مثل لعبة ولفنشتاين ثري دي، ولعبة دووم التي وصل عدد مرات تحميلها من علي الإنترنت عام 1993 إلي 15 مليون مرة، بالإضافة إلي 2 مليون نسخة تم تسويقها تجاريا. وفي كتابه، وصف كوشنر كارماك وروميرو بالقوة المحركة لشركة أي دي سوفت وير ولكن بطريقتين مختلفتين تماما: فروميرو يتميز بإبداع متدفق ومهارات متعددة، لكن النجاح الباهر لألعابه يفقده القدرة علي التركيز وجعله يظهر بمظهر نجوم الروك المحبوب، أما كارماك فهو منغلق علي نفسه أكثر ولا يتفهم أهمية العمل الجماعي أو روح الفريق إلا أن مهارته غير المسبوقة في مجال البرمجة هي التي مكنت الشركة من هزيمة كل منافسيها بألعاب معقدة الصنع سهلة الاستخدام. لم يتطرق الكتاب كثيرا إلي انفصال الصديقين بعد ما يقرب من 10 سنوات من النجاح، ولا إلي بيع الشركة، بل اهتم أكثر بقصص النجاح التي حققاها سويا وبشخصيتهما الجديرة بالدراسة، في كتاب اعتمد علي تحقيقات وحوارت صحفية وإن بدا أقرب إلي العمل الأدبي.