من السهل علي أي مراقب أو متابع لمجريات مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي الذي بدأ اعماله مطلع هذا الشهر داخل أروقة الأممالمتحدة بنيويورك أن يستشف «الفشل» الذي ينتظره ليلحق بمؤتمر المراجعة الماضي الذي عقد قبل خمس سنوات، ويبدو أن مسألة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي الاسرائيلي والذي يقدر بحوالي 200 رأس نووية وهو رقم تقديري وليس إحصائيا وتم بناؤه علي حسب ما كشف عالم النووي الاسرائيلي «زانونو» من أسرار عن مفاعل ديمونة والترسانة النووية الاسرائيلية مطلع الثمانينيات بالاضافة إلي التسريبات الإسرائيلية في هذا الإطار بين الحين والآخر، ستظل مسألة صعبة التحقيق في ظل عالم اليوم والمجتمع الحاكم له الذي مازال مقتنعًا بأن الشرق الأوسط هو ساحة «للعربدة» واستعراض القوة وإن إسرائيل يجب أن تبقي علي مسافة من التفوق عن سائر جيرانها - هذا هو الواقع والذي يرسخ يومًا بعد يوم مفهومًا شاذًا علي القانون الدولي الذي ارتضت الجماعة الدولية أن يكون دستورًا لها في إدارة علاقاتها ويبدو أيضا أن مبدأ المساواة بين الدول والذي يتصدر مبادئ الأممالمتحدة ليس إلا حبرًا علي ورق في ميثاق المنظمة الدولية الأكبر. ورغم الوجه الكارثي الذي يحمله المستقبل للشرق الأوسط في حال عدم اخلائه من السلاح النووي والدخول في مرحلة تسابق نووي في حال تمكن إيران من انتاج السلاح النووي لأنه في هذه الحالة لن تسكت الوحدات الاقليمية الرئيسية في المنطقة وبالتأكيد ستتعامل مع قواعد اللعبة الجديدة، إلا أن الولاياتالمتحدة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يتعاملون مع الأمر وفق المثل الشعبي القائل «ودنك منين يا جحا» ويذهبون إلي أن إقرار السلام في الشرق الأوسط قد يكون المفتاح لإخلائه من أسلحة الدمار الشامل!! وهذا عبث بل قمة العبث لأن هذا ملف له أوراقه واسانيده وقنواته وهدف لا بديل عنه متمثل في عودة الحق الفلسطيني، وهذا ملف آخر له خطورته وتهديده ولا يمس فقط طرفًا بعينه بل يضع مستقبل منطقة باكملها علي كف عفريت وسواء كان عفريت إسرائيلي اليوم أو عفريت إيراني غدًا فالكارثة محققة.