كتبت بالأمس، أنني قد لاحظت أثناء مشاركتي خلال الفترة الماضية في أسوان.. في اللقاء الذي نظمه منتدي نادي جبل تقوق بعنوان (دور النوبة في تنمية المجتمع الأسواني).. معاناة المواطنين النوبيين المصريين من حالة الاغتراب واللامبالاة وعدم المشاركة. ما دعاني للاستمرار في الكتابة هو ما طلبه مني العديد من حضور الندوة بالكتابة عن مشاكلهم علي صفحات "روز اليوسف" أملاً أن يصل صوتهم إلي المسئولين والقيادات التنفيذية للتفاعل والمشاركة حسبما طالب عامر سعد (مدير الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية) إن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها أبناء النوبة بدأت منذ 100 سنة تقريباً بسبب بناء خزان أسوان ثم بناء السد العالي وغرق أراضيهم بالكامل التي كانت تمتد لحوالي 500 كيلومتر، ونقلهم إلي منطقة جبلية بين دراو وكوم أمبو لا تزيد مساحتها علي 50 كيلومترا. وهي منطقة معدومة المشروعات التنموية، كما أن خدماتها متدنية علي غرار العديد من مراكز ومدن الصعيد. ومما زاد من مشكلاتهم هو انتهاج بعض السياسات خلال السنوات الماضية.. التي تقضي بتوطين غير النوبيين حول بحيرة السد لتعميرها؛ بل واستجلاب مواطنين مصريين من وجه بحري (خاصة محافظة كفر الشيخ) للتوطين ولتعمير الأراضي حول البحيرة.. رغم حق المصريين النوبيين بالدرجة الأولي في العودة لأراضيهم. بالطبع، أدي ما سبق إلي العديد من التداعيات السلبية.. فشعر أبناء النوبة من المصريين بالظلم ضدهم.. خاصة أنهم الأولي بالرجوع إلي ضفاف البحيرة بعد استصلاح العديد من الأراضي، وهو نوع من إعادة حقهم الذي تنازلوا عنه طيلة سنوات طويلة من أجل الصالح العام لبلدهم مصر. أقول بوضوح أن النوبة.. هي ذلك البعد الجغرافي الغائب من أولويات التنمية والاستثمار في برامج الحكومات المصرية المتعاقبة، بل ويثار إعلامياً كلما برز مشروع قومي علي شواطئ بحيرة ناصر، ثم نعود ويهدأ الموضوع مرة أخري. وما يترتب علي ذلك من محاولات البعض من أبناء النوبة ومن غيرهم استغلال قضيتهم والترويج لتدويلها ومناقشتها في الأممالمتحدة. وهي دعوة.. أصبحت تجد لها صدي عند البعض.. خاصة بربطها بحديث الأقلية وتلاشيها وذوبانها. أؤكد علي الفكرة التي أتبناها دائماً بأن تحقيق منظومة المواطنة المصرية حسبما نص عليها الدستور بأن ملف النوبة هو ملف وطني بالدرجة الأولي، وهو يحتاج لمعالجة دقيقة قبل أن يتحول لملف شائك من الأزمات والتوترات علي غرار ما حدث مع أبناء مصر من بدو سيناء. وهو ملف يحتاج إلي الاهتمام من أجل حل مشاكل أبناء النوبة بشكل جذري من خلال المدخل التنموي بالدرجة الأولي. أي من خلال محاولة جادة لوجود حل لمنطقة الجنوب. وهو ما يحتاج إلي التعامل مع أبناء النوبة علي اعتبار أنهم مواطنون مصريون بالدرجة الأولي.. أي أن لهم جميع الحقوق والواجبات التي يحصل عليها جميع المصريين. أود أن أذكر هنا بما قاله النوبيون بأن (نار مصر ولا جنة السودان.. نحن مصريون ولا نرتضي بغير هذا الوطن بديلاً).. رداً علي دعوة السودان لهم بتوطينهم في وادي حلفا.